حذرت بغداد، أمس، من «التصعيد والفوضى» بعد تضاعف الهجمات ضد المصالح الأميركية في العراق، بعدما توعدت واشنطن بـ«رد حاسم» على طهران، التي يتسع نفوذها في البلاد عبر فصائل مسلحة موالية لها، وفي وقت تواصلت فيه المشاورات في بغداد، مع قرب انتهاء المهلة الدستورية لاختيار رئيس وزراء جديد، شهد العراق مسيرات احتجاجية وإغلاق دوائر حكومية. وتفصيلاً، قال مكتب رئيس الوزراء العراقي المستقيل، عادل عبدالمهدي، في بيان، إن وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، عبر في اتصال هاتفي أجراه مع عبدالمهدي عن «قلقه لتعرض بعض المنشآت للقصف، وضرورة اتخاذ إجراءات لإيقاف ذلك». من جهته، أعرب عبدالمهدي بحسب البيان نفسه عن «قلقه أيضاً من هذه التطورات، وطالب ببذل مساعٍ جادة، يشترك بها الجميع لمنع التصعيد الذي إن تطور سيهدد جميع الأطراف». واعتبر عبدالمهدي أن «أي إضعاف للحكومة والدولة العراقية، سيكون مشجعاً على التصعيد والفوضى»، منبهاً إلى أن «اتخاذ قرارات من جانب واحد ستكون له ردود فعل سلبية، تصعب السيطرة عليها، وتهدد أمن وسيادة واستقلال العراق». ومنذ 28 أكتوبر، وقعت 10 هجمات بصواريخ ضد قواعد تضم عسكريين أميركيين أو السفارة الأميركية، في المنطقة الخضراء الشديدة التحصين وسط بغداد. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن أيٍّ من تلك الهجمات، لكن واشنطن غالباً توجه الاتهام إلى الفصائل المسلحة الموالية لإيران. وقالت مصادر أمنية، لوكالة «فرانس برس»، إنها تعتقد أن كتائب حزب الله، أحد أبرز فصائل الحشد الشعبي المدعومة من إيران، والمدرج على القائمة السوداء في الولايات المتحدة، تقف وراء تلك الهجمات. وازداد قلق الولايات المتحدة من تلك الهجمات، خصوصاً أنها تنوي إرسال ما بين 5000 إلى 7000 جندي إضافي إلى الشرق الأوسط. وبحسب مسؤول عراقي رفيع، فإن عبدالمهدي يخشى أن ترد الولايات المتحدة على تلك الهجمات، «ما قد يؤدي إلى تصادم على أراضٍ عراقية». من جهته، أكد مصدر أمني عراقي أمس «دخول أرتال عسكرية أميركية، محملة بالأسلحة إلى المنطقة الخضراء، بعد الحصول على موافقات رسمية». وأضاف المصدر، الذي طلب عدم كشف هويته، أن «الأرتال العسكرية مكونة من 15 ناقلة، تحمل عجلات هامر مع أعتدة وأسلحة أميركية». من ناحية أخرى، تواصلت المشاورات السياسية في العاصمة العراقية بغداد، أمس، للاتفاق هذا الأسبوع على مرشح لرئاسة الحكومة خلفاً لعبدالمهدي، الذي استقال في أعقاب حركة احتجاجية، مطالبة بتغيير الطبقة السياسية الحاكمة. ووافق مجلس النواب العراقي، في الأول من ديسمبر، على استقالة حكومة عبدالمهدي، بعد نحو شهرين من موجة احتجاجات بدأت عفوية ومطلبية، وأسفرت عن مقتل نحو 460 شخصاً، وإصابة أكثر من 20 ألفاً بجروح. وأصدر رئيس الجمهورية العراقي، برهم صالح، كتاباً، الليلة قبل الماضية، دعا فيه البرلمان إلى الإعلان عن الكتلة النيابية، التي حصلت على أكبر عدد من المقاعد في انتخابات العام الماضي «لغرض تكليف مرشح جديد» لرئاسة الوزراء. وأكد صالح أن الرئاسة تسلمت كتاب استقالة عبدالمهدي، في الرابع من الشهر الجاري. وإذ إن الدستور ينص على تكليف رئيس جديد للوزراء، في مهلة أقصاها 15 يوماً، فإن تسمية شخصية جديدة يجب أن تتم بحلول الخميس المقبل. ولم تكن الكتلة الأكبر واضحة بعيد الانتخابات التشريعية، التي جرت في العراق مايو 2018. وجاءت تسمية عبدالمهدي رئيساً للوزراء حينها بتوافق سياسي جرى خلال ساعات، بعيد انتخاب صالح رئيساً للجمهورية. وتبدو الأمور أكثر تعقيداً، إذ إن التحالف النظري بين كتلتي «سائرون»، التي يتزعمها مقتدى الصدر، و«الفتح» التي تضم قدامى قادة الحشد الشعبي، بات بحكم المنحل بعدما انضم الأول إلى صفوف التظاهرات، فيما اعتبرها الثاني «مؤامرة». يذكر أن هذا التحالف كان اللاعب الأكبر، في تقاسم المناصب بالحكومة المستقيلة. وتختلف تسمية رئيس الوزراء هذه المرة عن سابقاتها، إذ يقف الشارع مراقباً وحكماً لأي محاولة للالتفاف على مطالبه من جهة. من جهة أخرى، أعلنت المرجعية الدينية العليا عدم مشاركتها في أي مشاورات أو مفاوضات أو مباركة أي اسم يطرح، خلافاً للسنوات الـ16 الماضية، حينما اضطلعت بدور حاسم غير مباشر في رسم المسار السياسي للبلاد. يأتي ذلك في وقت أغلق فيه العشرات من المحتجين العراقيين، في محافظة الديوانية دوائر الصحة والضريبة والبلدية والبلديات، ومنعوا الموظفين من الدوام، وفقاً لما ذكر نشطاء، أمس. وأوضح الناشطون أن المحتجين قاموا، أيضاً، بإغلاق مكتب مفوضية الانتخابات ودائرة عقارات الدولة، فضلاً عن صندوق الإسكان والرقابة التجارية، مشيرين إلى استمرار إضراب الدوائر لنهاية الأسبوع الجاري. وفي البصرة، خرجت مسيرات طلابية وتظاهرات نسائية، إلى ساحة البحرية وسط المدينة الواقعة جنوب البلاد. أما في محافظة النجف، فقد أغلق محتجون عدداً من المدارس الحكومية والأهلية، ومديرية بلدية النجف. أمنياً، أفاد بيان عسكري عراقي، أمس، بمقتل خمسة عسكريين عراقيين، وإصابة خمسة آخرين، بينهم ضابط في حادثين منفصلين، نفذهما تنظيم «داعش» في مناطق تابعة لمحافظة ديالى.ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :