وسط فراغ حكومي تعانيه بغداد وبيروت، واستمرار تأجيل المشاورات لتعيين حكومتين جديدتين، يبدو الوضع متشابها في البلدين الذين يعانيان التمدد الإيراني الذي يقود إلى نتيجة حتمية، وهي القتل والدمار والخوف والجوع وكل ما من شأنه أن يزرع الدمار. وحذرت بغداد أمس من «التصعيد والفوضى» بعد تضاعف الهجمات ضد المصالح الأميركية في العراق، بعدما توعدت واشنطن بـ«رد حاسم» على طهران التي يتسع نفوذها في البلاد عبر فصائل مسلحة موالية لها. ويأتي ذلك في وقت دعا المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، السلطات إلى التحقيق في لجوء قوات الأمن في عطلة نهاية الأسبوع إلى استخدام «القوة المفرطة» ضد المتظاهرين المطالبين برحيل الطبقة السياسية. تصاعد في تصفية المعارضين كشفت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، عن تصاعد خطير في عمليات استهداف الناشطين في الاحتجاجات السلمية التي يشهدها العراق منذ شهرين. وأكدت المفوضية أنها «رصدت السبت فقط، ثلاث عمليات استهداف ضد الناشطين بالاحتجاجات». وأوضحت أن «الإعلامي الناشط بالاحتجاجات حقي إسماعيل العزاوي اُغتيل بمنطقة الشعب في بغداد، فيما اختطف الناشطان بندر الشرقي وغيث الجبوري في ساحة التحرير، وسط العاصمة العراقية». وأشارت إلى تعرض الناشطين، علي حمزة المدني من سكان محافظة بغداد، وثائر كريم الطيب من سكان محافظة الديوانية، لمحاولة اغتيال بعبوة ناسفة في سيارة كانا يستقلانها في الديوانية، مما أدى إلى إصابتهما بجروح. وطالبت المفوضية الحقوقية حكومة تصريف الأعمال ووزارة الداخلية وأجهزتها الاستخبارية، بـ«اتخاذ خطوات جريئة ومسؤولة، وتعزيز جهدها الاستخباري وتفعيل خلية مكافحة الخطف والجريمة المنظمة لضمان حياة المتظاهرين السلميين والناشطين والإعلاميين». تهديد منشآت أميركية قال مكتب رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبدالمهدي في بيان، إن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر عبر في اتصال هاتفي أجراه مع عبدالمهدي عن «قلقه لتعرض بعض المنشآت إلى القصف، وضرورة اتخاذ إجراءات لإيقاف ذلك». واعتبر عبدالمهدي أن «أي إضعاف للحكومة والدولة العراقية سيكون مشجعا على التصعيد والفوضى»، منبها إلى أن «اتخاذ قرارات من جانب واحد ستكون له ردود فعل سلبية تصعب السيطرة عليها، وتهدد أمن وسيادة واستقلال العراق». ومنذ 28 أكتوبر، وقعت 10 هجمات بصواريخ ضد قواعد تضم عسكريين أميركيين أو السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء الشديدة التحصين وسط بغداد. وقالت مصادر أمنية إنها تعتقد أن كتائب حزب الله، إحدى أبرز فصائل الحشد الشعبي المدعومة من إيران، والمدرجة على القائمة السوداء في الولايات المتحدة، تقف وراء تلك الهجمات. ليلتان عنيفتان في بيروت اندلعت خلال الليلتين الماضيتين مواجهات عنيفة قرب البرلمان في وسط بيروت بين المتظاهرين والقوى الأمنية، مما أوقع عشرات الإصابات، في مواجهات تُعدّ الأعنف منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية قبل شهرين. وقال المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش على تويتر، «يظهر العنف والمواجهات في نهاية الأسبوع أن تأجيل الحل السياسي للأزمة الراهنة يخلق أرضا خصبة للاستفزازات والمناورة السياسية». وشدد على أن «تحديد هوية المحرضين على العنف، والتحقيق في الحوادث كما في الاستخدام المفرط للقوة من قبل القوى الأمنية هو أمر ضروري»، محذرا من انزلاق الجهات كافة إلى «سلوك أكثر عنفا». وبدأت المواجهات ليل السبت مع تصدي شرطة مجلس النواب وقوات مكافحة الشغب لمتظاهرين حاولوا دخول شارع يؤدي إلى ساحة النجمة حيث مقر البرلمان، بالضرب المبرح. وردّ المتظاهرون برشق عناصر الأمن بالحجارة. وأسعف الصليب الأحمر 45 شخصا في المكان، بينما عولج 28 آخرون في المستشفيات، بينهم مدنيون ورجال أمن. ونجمت معظم الإصابات عن حالات اختناق أو جروح نتيجة رمي الحجارة. وأحصى الجيش إصابة تسعة عسكريين، فيما أعلنت قوى الأمن إصابة 29 من عناصرها. ووقعت المواجهات عشية استشارات نيابية كانت مقررة الإثنين لتكليف رئيس للحكومة، وتم إرجاؤها إلى الخميس، في تأجيل هو الثاني منذ مطلع الأسبوع الماضي، جراء عدم تمكن القوى السياسية الرئيسية من التوافق على مرشح وعلى شكل الحكومة المقبلة. واعتبر كوبيتش أن التأجيل الجديد «في ظل انهيار اقتصادي، هو مجازفة خطيرة للسياسيين، بل أيضا للبنان وشعبه».
مشاركة :