تمسّك الأحزاب بموقفها يعزز الأنباء عن اتفاق سري بين النهضة وقلب تونس

  • 12/17/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عزز تمسك الأحزاب المحسوبة على الثورة وهما حزبا التيار الديمقراطي وحركة الشعب بموقفهما من المشاورات الحكومية، الأنباء عن إبرام اتفاق سري بين حزب حركة النهضة وحزب قلب تونس للخروج من مأزق تشكيل الحكومة. وجدد أمين عام التيار الديمقراطي محمد عبّو تمسك حزبه بالحصول على حقائب وزارية بعينها كشرط للمشاركة في الحكومة الجديدة، في الوقت الذي طلب فيه رئيس الحكومة المكلف حبيب الجملي من رئيس البلاد قيس سعيد التمديد في المهلة الدستورية للمشاورات. ودعا عبّو في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، الاثنين، رئيس الحكومة المكلّف إلى الحسم في تشكيل حكومته، “لأنّ الوضع سيء جدا ولم يعد يحتمل”، معتبرا أن التيار الديمقراطي “ليس مسؤولا عن التأخير الحاصل في هذا الشأن”. من جهتها أكدت حركة الشعب أن موقفها من المشاورات الحكومية لم يتغير، متهمة الجملي بإصراره على اتباع سياسة المحاصصة الحزبية في اختيار فريقه الجديد بدل التركيز على البرامج. وسبق لحركة الشعب أن عبرت عن رفضها المشاركة في حكومة الجملي نظرا لعدم “جدية رئيس الحكومة في التعاطي إيجابيا مع المقترحات المقدمة وإصراره على إعادة إنتاج الفشل”. وأمام انسداد المشاورات السياسية وعجز الجملي عن توفير أغلبية مريحة تتيح له تشكيل حكومته، ستلجأ حركة النهضة إلى التحالف مع قلب وهو حزب وازن بالمشهد السياسي لحل أزمة الحكومة، على شاكلة التحالف الذي وقع بالبرلمان والذي توج بانتخاب زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي رئيسا له، مدعوما من قلب تونس. غير أن متابعين أكدوا أن هذا التحالف المتوقع ليس تحالفا اضطراريا بقدر ما يجسّد مناورة النهضة لفرضه بالمشهد السياسي، أملا في تقوية حزامها السياسي، وتجنبا لولادة حكومة هشة تعرضها لمزيد من الانتقادات الحزبية والشعبية. وأوضح زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب في تصريح لـ”العرب”، “أن التوجه العام حاليا في ما يخص المشاورات الحكومية هو إبرام تحالف بين النهضة وقلب تونس”. وبين المغزاوي أن النهضة تبحث منذ البداية عن فرض تحالف مع قلب تونس. وشرح بقوله “هي تدفع بهذا السيناريو منذ البداية، لكن لتبريره أمام ناخبيها، تروّج أنه تحالف اضطراري بسبب عدم مرونة التيار وحركة الشعب في المفاوضات وهذا غير صحيح”. ومع إعلان التيار وحركة الشعب، انسحابهما من مفاوضات تشكيل الحكومة، من شأن ذلك أن يضعف حظوظ الحكومة القادمة من نيل ثقة البرلمان حيث يجب أن تحصل على 109 أصوات (من مجموع 217)، وهي فرضية قوية تسعى النهضة لتجنبها. ولفت المغزاوي إلى أن “المفاوضات غير متوقفة بالنسبة لحركة الشعب، لكن يبدو أن النهضة تتجه إلى ما يسمى بالخطة البديلة وهو التحالف مع قلب تونس”. ويضيف “هو سيناريو جاهز منذ البداية”. وكانت مصادر أكدت لـ”العرب” أن أزمة الحكومة توشك على الانتهاء، بعد التوصل إلى خارطة جديدة من التحالفات، ساعدت في تقليص مدة التمديد في المهلة الدستورية، التي شغلت بتفاعلاتها المشهد السياسي منذ الإعلان عنها. وأوضحت مصادر “العرب” أن الحكومة الجديدة ستتألف من 24 وزيرا بينهم وزراء من حركة النهضة، ومقربون من قلب تونس، ومحسوبون على ائتلاف الكرامة وكتلتي الإصلاح الوطني، والمستقبل. وقالت إن هذا الاتفاق جاء بعد لقاءات مكثفة بين راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإسلامية، ونبيل القروي، رئيس حزب قلب تونس، تواترت بشكل لافت خلال الأيام الثلاثة الماضية، بعد انسحاب حزب التيار الديمقراطي (22 مقعدا برلمانيا)، وحركة الشعب (16 مقعدا) من مفاوضات تشكيل الحكومة. وعمليا ستكون الأحزاب التي توافقت حول راشد الغنوشي وصوتت لترشيحه رئيسا للبرلمان معنية بتكوين الائتلاف الحكومي، حسب ما يراه مراقبون، حيث بعث هذا التوافق بين قلب تونس وحركة النهضة تحت قبة البرلمان في اللحظات الأخيرة بمؤشرات قوية لتواصل الاتفاق بخصوص تشكيل الحكومة، ويعيد إلى الأذهان سياسة التوافق التي انتهجها حزب نداء تونس والنهضة منذ 2014. وأشار المحلل السياسي فريد العليبي لـ”العرب” أنه “من المرجح اتفاق قلب تونس والنهضة في آخر المطاف على تقاسم السلطة وبالتالي تكرار ما جرى خلال انتخاب البرلمان”. وزاد بقوله “يبدو أن الحزبين يخوضان مفاوضات للغرض منذ مدة وراء أبواب مغلقة وأن هناك قوى دولية نافذة من حيث تحديد تطورات المشهد السياسي التونسي تدفع بهذا الاتجاه، في تكرار للتوافق السابق بين نداء تونس والنهضة تجنبا لمزيد تعميق الأزمة السياسية”. لكن هذا التحالف بقدر ما يدعم حكومة الجملي المنتظرة وحركة النهضة، فإنه سيفتح الباب أمام معارضة سياسية وشعبية واسعة لرفضها تكرار تجارب الحكم السابقة، التي أغرقت البلاد في صدامات وصراعات حزبية فيما وقع التغاضي عن الأزمة الحقيقية وهي اقتصادية واجتماعية بالأساس. ولم يستبعد العليبي أن “تكون الغاية من هذا التحالف الدخول في مارطون انتخابي جديد، وما يمكن أن يترتب عنه من انقسام أكبر في المشهد السياسي وازدياد منسوب الحراك الاجتماعي”. ومنذ تكليفه رسميا منتصف أكتوبر الماضي، بدأ الحبيب الجملي الذي يؤكد أنه مستقل عن الأحزاب، مشاورات سياسية بحثا عن توافقات لحكومته المرتقبة مع غالبية الأحزاب الممثلة في البرلمان والمنظمات الوطنية والشخصيات النقابية والكفاءات. غير أن المهلة الدستورية الأولى التي يمنحها الدستور لم تسعفه في إتمام مهمته التي تم تمديدها شهرا إضافيا ما ينذر بمهمة صعبة وسط دعوات بالتسريع لأنه إذا فشل في مهامه فسيكلف الرئيس شخصية أخرى مستقلة بالمهمة.

مشاركة :