كفى عبثاً | مقالات

  • 5/21/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تأييد المرحلة الثالثة «التمييز» لحكم محكمة الاستئناف على مسلم البراك بالسجن يعني أن درجات المحاكم الثلاث كلها اقتنعت بأن النائب السابق ارتكب جُرماً بكلمته تلك التي ألقاها بساحة الارادة. فهل يجوز أن ننظر لبو حمود على أنه «مجرم»؟ قناعتي الشخصية أن بو حمود رجل وطني بامتياز. وقد قُلت هذا مراراً قبل اليوم، بل وكنت من المتحمسين للتكتل الشعبي الذي شكله هو وزملاؤه في تسعينيات القرن الماضي عندما كنا نستمتع بمنظره هو ورفاقه كمعارضة وطنية جميلة شملت كل أطياف الشعب الكويتي، وكأفضل أداة لمقاومة سياسات الدولة والأقليم بشق المجتمع لمذاهب وفِرَق. ولا حاجة للتأكيد على أنه وكما يشهد له المقربون بأنه نظيف اليد وبعيد عن شبهات المال السياسي والصفقات الحكومية. طبعاً مع استثناء الواسطة التي هي تُعد طبيعة متجذرة بالمجتمع الكويتي. لكن غير ذلك، يستحيل أن يُسجّل في ملف الرجل شبهات المال السياسي والمصلحة الذاتية. يتبقى بند واحد سيئ في تاريخه السياسي وهو ميله إلى الحس القبلي، وقضية وقوفه لجانب ابن عمه محمد ضيف الله شرار نائب رئيس الوزراء الأسبق أوائل العام 2003 أبرز مثال. فبشكل عام لو وضعنا هذا التاريخ الطويل من العمل السياسي في ميزان التقييم وحسبنا حسناته وسيئاته، لوجدنا بو حمود أبلى بلاءً حسناً عند مراجعة مقارعاته ومرافعاته وإيقافه للكثير من أنواع الفساد. لكن مسار العمل الشعبي والبراك تحديداً قبل محنة التأبين الشهيرة يختلف عما بعدها. وهنا القصة ليست مرتبطة بفصل عضوين من مؤسسي الحركة، بل بتراجع التكتل عن مواقفه المبدئية وهي الوقوف لجانب القانون وعدم مناقضة مبادئ وروح الدستور وأهمها حرية الرأي والتعبير. فمنذ تلك اللحظة أخذ التكتل بالانحراف عن مساره الأساسي. ومع مجيء الأزمة البحرينية وبعدها السورية ابتعد التكتل أكثر فأكثر واندمج بشكل غريب بالقوى السياسية المتطرفة الإقصائية، فلم يبدِ لا البراك ولا الشـــعـــبي أي انـــزعاج للمـــمارسات الطائـــفية لتـــلك المـــعارضة. وظلت كذلك حتى استطاعت ان تُشكّل أغلبية مجلس 2012 المُبطل وأعيد للسعدون منصبه رئيساً للمجلس نظير وقوفه لجانب الإسلاميين كما نذكر جميعا.ً لهذا لا بأس لو قلنا لبو حمود «كفى عبثاً» بهذه الازدواجية، وكفى عبثاً حينما دفعتم الناس إلى العنف، وكفى عبثاً حينما نشرتم الفزع بين المواطنين في المباركية وصباح السالم وكيفان ومشرف وعلى الشوارع الرئيسية. وكفى عبثاً حينما ضربتم بعرض الجدار مبادئكم في العمل الشعبي وشحنتم المجتمع بالكراهية والحقد. وحتى بالأمس في خطبته بعد قرار المحكمة يقول المحاكمة سياسية!، فهل هي سياسية في حين كنتم تتباهون قبل ذلك «بقضائنا الشريف»؟!، وهل ستكون سياسية لو كان حُكم التمييز بالبراءة؟ نعم نكن للبراك كُل الاحترام، ونقول له بأن الفساد كان مستشرياً قبل المعارضة وبعدها. لكن الانقلاب على الدستور وروحه بحسب ظروف المرحلة يجعلنا نخشى ولا نطمئن، ويجعلنا نكرر «فساد الحكومة ولا جنة المتطرفين!». hasabba@gmail.com

مشاركة :