شيماء المرزوقي جميعنا لدينا مشاعر تتأثر بمختلف الأحداث التي نمر بها سواء أكانت تلك الأحداث حزينة أو سعيدة، فالمشاعر التي تحملها قلوبنا وأرواحنا هشة وحساسة جداً، ومن الطبيعي أن تكون انفعالاتنا العاطفية لها وقع كبير في حياتنا. قوة هذه المشاعر جعلت لها سطوة كبيرة على قراراتنا وكأنها تتحكم باتجاهاتنا نحو المستقبل. الحقيقة التي لا يمكن المجادلة فيها أن هناك فئات غير قليلة تستسلم لهذه المشاعر وتجعلها هي المتحكمة أو على الأقل مؤثرة تأثيراً قوياً، وهذا يعني أن الفئات التي لا تصدر قراراتها وفق العقل والمنطق وإنما وفق الحالة النفسية التي تتحكم بها مشاعرها، -عندما يصدر قرار وفق آلية المشاعر فإنه دون أدنى شك قرار انفعالي وغير عملي- عادة ما تكون قراراتها تجانب الصواب لسبب بسيط أنها جاءت في لحظة زمنية مفعمة بالعاطفة وليست بالتعقل وقراءة الواقع. هناك دراسات تتحدث عن الشخصيات الناجحة في حياتهم، تؤكد أنها تجنبت حالات الانفعال العاطفي أو تمكنت من التغلب على مشاعرها، وظهرت بشخصيات قوية متحكمة بتلك المشاعر، فلم تسمح لها بالتأثير في واقعها وكانت قراراتها منطقية ومتعقلة وصادرة بعد دراسة وتأمل، لذا كانت هذه الفئات تحصد النجاح بينما فئات أخرى لا تقل ذكاء ولا مهارة تسقط وتتعثر والسبب أنها تترك مساحة كبيرة لتلك المشاعر بالظهور على واقعها فتؤثر فيه وفي قراراتها.لا أريد أن يفهم من كلماتي أن نتخلص من المشاعر والأحاسيس ونكون قساة ودون رحمة أو مشاعر رقيقة، لكنني أقصد أن لا نسمح بدخول هذه المشاعر في كل صغيرة وكبيرة من حياتنا، خاصة العملية والعلمية والاجتماعية، لأن المشاعر إن طغت على علاقاتك الاجتماعية، على سبيل المثال، فإنها ستعيق رؤية المطبات في تلك العلاقات وستكبدك معاناة كنت في غنى عنها وعن ألمها. والحال نفسها في مجالات العمل والوظيفة، إن تركت العنان لمشاعرك أن تكون هي المتحكمة والقائدة لطريقة إدارتك أو تعاملك مع أقرانك، فإنه من المؤكد الأخطاء ستكون متتالية وستظهر دون مستوى التحدي الوظيفي، وقد تسمع كلمات تهكم. الحل دوماً هو حضور العقل أولاً، أن تكون العلاقات مبنية على التكاتف والتعاون والمحبة والصدق والوضوح، وهذه جميعها جوانب ليس للمشاعر أي علاقة بها، بل هي متطلبات بديهية يجب توفرها في أي علاقة سواء أكانت وظيفية أو اجتماعية أو غيرها. من المهم الوعي بأن المشاعر الحساسة والرقيقة ليست من متطلبات النجاح والتفوق والإبداع، ثم تجنب هذا الخطأ. Shaima.author@hotmail.com www.shaimaalmarzooqi.com