يجذب الأردن المعروف بتنوعه الجغرافي صناع السينما العالمية، بدءا من الممثل الأيرلندي بيتر أوتول وهو يجوب صحراء وادي رم على حصانه في فيلم “لورنس أوف إيريبيا” (لورنس العرب) عام 1962، والنجم الأميركي مات ديمون وهو يقود مركبته الفضائية وسط تضاريس الصحراء التي تشبه سطح المريخ في “ذي مارشان” عام 2015، وصولا إلى تصوير أجزاء من فيلم “علاء الدين” العام 2017 في وادي رم ووادي الديسي في الصحراء جنوب الأردن. وكانت النسخة التاسعة من سلسلة “ستار وورز” (حرب النجوم) التي ستخرج إلى الصالات الأسبوع المقبل، آخر فيلم هوليوودي صوّرت مشاهد كثيرة منه في الأردن حيث تمّ عام 2003 تأسيس هيئة تقدم التسهيلات والمساعدات التقنية والإدارية والفنية للإنتاج السينمائي بهدف تشجيعه على اختيار الأردن. وأعرب مهند البكري، مدير عام الهيئة الملكية للأفلام، عن فخره بأن الأردن “أستوديو ضخم مفتوح بالهواء الطلق”، مشيرا إلى أن “تضاريسه المتنوعة جذبت صناع السينما”. وأضاف البكري أنه تمّ تصوير “أفلام في مأدبا (32 كلم جنوب عمان) التي فيها بيوت قديمة، على أنها اليونان، وفي صحراء وادي رم (300 كلم جنوب عمان) على أنه كوكب المريخ، وفي الأزرق (120 كلم شرق عمان) التي تشتهر بمسطحاتها المائية، على أنها شرق آسيا”. وصوّرت في الأردن عشرات الأفلام السينمائية العالمية، بينها مشاهد لا تنسى للنجم هاريسون فورد وهو يمرّ عبر كهوف البتراء القديمة التي تستقطب ملايين السياح سنويا، في فيلم “إنديانا جونز أند ذي لاست كروسيد” (1989 وكانت باكورة الأفلام المصورة في الأردن “لورانس العرب”، ورسخت في الأذهان صور الممثل بيتر أوتول الذي جسّد دور الضابط البريطاني توماس إدوار لورنس الذي ساعد العرب في حربهم لتحرير الجزيرة العربية من الحكم العثماني، وهو يقوم في صحراء الأردن بتفجير قطار ينقل جنودا أتراكا بينما يرتدي الملابس التقليدية العربية ويقف إلى جانبه الممثل أنطوني كوين. وقال غي ريتشي، مخرج فيلم “علاء الدين” في مؤتمر صحافي نظمته الهيئة الملكية للأفلام لإطلاق الفيلم في عمان في 13 مايو 2019، إن وادي رم كان “الخيار الطبيعي بالنسبة إلينا”. بينما أكد النجم ويل سميث الذي يجسد دور الجني “عندما هبطنا في الأردن فجأة، بدأت تتجسد فينا مشاعر الشخصيات.. لمجرد أن تمشي في المكان تتأمل ما حولك، تتقمص الشخصية التي تؤديها. بالنسبة إليّ كان الأمر مذهلا للغاية”. وشددت الممثلة البريطانية ناعومي سكوت التي لعبت دور الأميرة ياسمين على أن “المنطقة جميلة.. عندما تكون في منطقة كهذه فهي تعزز الشخصية وطريقة تجسديها”. ولفت الممثل الكندي مينا مسعود الذي لعب دور علاء الدين إلى أن “هناك سلاما في الصحراء لا مثيل له في مكان آخر”. وأفاد البكري عن المؤسسة التي يديرها إن الهيئة “تقدم الكثير من الحوافز لصناع أفلام السينما بدءا من تسهيل الحصول على تأشيرات الدخول إلى المملكة وتوفير مواقع تصوير، مرورا بالممثلين والكومبارس”. ووضعت الهيئة برنامجا لدعم الأفلام من أجل تحفيز المنتجين الأجانب على المجيء إلى الأردن تقدّم من خلاله تحفيزات ضريبية تعيد بموجبها ما بين عشرة إلى 25 بالمئة من نفقات كلفة الفيلم في المملكة، إلى المنتجين، بحسب البكري. وتقوم شركات إنتاج محلية أردنية بتوفير كل أنواع الدعم الفني واللوجيستي والتنسيق مع الكوادر الفنية المحلية المتخصصة من مصورين ومهندسي صوت. وقال منير نصار مدير عام شركة “زمان” لإدارة المشاريع “كل الأفلام التي صورت في الأردن كلّفت مبالغ أقل من الميزانية المحددة ووقتا أقصر من الوقت المحدد”. وكان الأردن أيضا مسرحا لتصوير عدة أفلام حول حرب العراق منها “هيرت لوكر” (خزانة الألم) في 2008 للمخرجة الأميركية كاثرين بيغلو والذي حصل على جائزتي أوسكار لأفضل فيلم وأفضل ممثل وتم تصويره في عمان ومأدبا. وصوّرت في منطقة قريبة من البحر الميت مشاهد من فيلم “زيرو دارك ثيرتي” (30 دقيقة بعد منتصف الليل) في 2012، ويتحدث عن آخر 100 ساعة في حياة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وقالت المنتجة الأردنية رولا ناصر التي عملت في إنتاج نحو 30 فيلما أردنيا وعربيا، “تصوير الأفلام الأجنبية في المملكة كان له دور كبير في تطوير مهارات الكوادر المحلية وتعزيز خبراتهم”.
مشاركة :