أنا راينر.. أنا نظيف - نجوى هاشم

  • 5/21/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

جاب "راينر" صندوق القمامة الآلي الناطق منطقة وول بارك في برلين الخميس الماضي وهو يدعو المارة خاصة الأطفال إلى المحافظة على نظافة مدينتهم.. ويُظهر "راينر" الذي يشكل اسمه تلاعباً لفظياً لارتباطه بكلمة راين الألمانية التي تعني نظيفا أو نقيا سعادته لاستقبال أي شيء يمكن أن يكون مصيره في النهاية الإلقاء على الأرض أو بين الشجيرات.. بدءاً من أوراق المناديل المتسخة إلى أعقاب السجائر..! ويقول الصندوق الصغير الذي يكاد طوله يتجاوز بقليل الأطفال الذين يحدقون به تعجباً "أريد القمامة فقط.. أنا واحد من بين صندوق قمامة في المدينة.."! ويعد صندوق القمامة راينر الذي يسير على عجلات ويتحدث بصوت الممثل الألماني "كيريل برنت" جزءاً من حملة مستمرة تنظمها إدارة نظافة العاصمة الألمانية منذ عامم.. وسيواصل راينر جولة النظافة التي يقوم بها في العاصمة برلين حتى منتصف شهر حزيران.. يونيو المقبل..! هذا الخبر أعادني إلى حملة قامت بها بعض المدن السعودية لاختيارها المدينة النظيفة.. بعد أن أطلق أمناء تلك المدن حملاتهم لسنوات قادمة بأن تكون مدنهم نظيفة.. ومرت السنوات وتغير الأمناء.. واختفت الحملات التي أُطلقت.. وذابت الأحلام بأن يرى المواطن مدينة نظيفة أو شبه نظيفة..! في المدن الكبيرة ستجد في أرقى الأحياء.. وفي الشوارع الجانبية تكدس أكياس القمامة.. وقذارة الصناديق.. ومرور المواطن والمقيم من جانبها بهدوء واعتيادية شديدة بعد أن تحول الأمر من تكرار صورته لملمح تقليدي لايستحق التوقف أمامه..! حملة ألمانيا وهي النظيفة تركز على الأطفال بالتحديد.. للمحافظة على نظافة مدنهم وهم الأساس في التعليم والبناء.. لكن ماذا لو كان من يرمي هم الكبار هل سيحتاجون إلى "راينر" آخر موجه لهم بعد أن توقفوا عن التعليم؟ نحتاج صندوقا آليا اسمه "نظيف".. يجوب شوارعنا وبالذات الجانبية ويقوم بالتوجيه للكبار قبل الصغار بأن يحافظواعلى مدنهم.. وأن يحرصوا على عدم رمي القاذروات في الشارع.. ووضعها في صندوق القمامة..! كم من أعقاب السجائر تراها في الشارع إن دققت على الأرض؟ وكم من المناديل والعلب الفارغة رُميت تتعثر بها وأنت تمشي أو تدوس عليها بعجلات سيارتك؟ وكم من شخص وهو يعبر الشارع فتح نافذته ورمى علبة عصير فارغة هو أو أطفاله بدلا ًمن أن يوسخ سيارته كما يعتقد؟ وبالتالي الشارع أولى بأن ترمي فيه وليس سيارتك.. لم يعلم الآباء والأمهات الأطفال.. بعدم الرمي لأنّهما يقومان به على مرآى من أطفالهما..! يلفت الانتباه أنّ كثيرا من الناس لايهتم بنظافة الشارع أو الرصيف أو الحديقة أو حتى المكان الذي يكون فيه ويقضي وقته به كالعمل أو المدرسة.. وأبرز مثال هذه الأيام والمدارس تغلق أبوابها..لاحظ أسفل مقعد الطلاب والطالبات وكم الورق الممزق داخل الأدراج.. والمناديل والأقلام المكسورة.. وشخبطات الطاولات والجدران.. والساحات التي يتركها الطلاب بعد الفسحة تعج ببقايا الطعام والمخلفات رغم وجود صناديق الزبالة.. لماذا لأن الطالب يستسهل الرمي على الأرض.. وكأنه لايجد الوقت ليتحرك نحو الصندوق وهي ثقافة الإهمال والاستهتار بالنظافة.. وفكرة أنني لست الوحيد الذي يرمي فغيري يرمي أيضاً ومنديلي أو علبتي ليست هي من سيؤذي الشارع فقبلي كثيرون قاموا ولا يزالون بذلك.. هذه الفكرة السلبية والتي لم تجد من يحولها إيجابياً سواء من خلال السلوك الأسري من الكبار أو المدارس أو الإعلام أو تلك الأسابيع التي لم تحقق نجاحا.. وأطلق عليها "أسبوع النظافة".. جزافاً وكانت مجرد لافتات فقط لسنوات.. ومردودها صفر لأنها كانت حملات ورقية وليست حقيقية..! في الممشى ستجد من يركض أو يمشي ومن ثم يرمي علبته أو منديله غير عابئ بمن يراقبه رغم وجود لوحات إرشادية توجه لعدم رمي المخلفات على الأرض.. هل هي المراوغة أم التملص من مسؤولية ترى أنك تشترك فيها مع غيرك وأحياناً ليس لك علاقة بها..! "أريد القمامة فقط" هذا ما يقوله صندوق راينر.. هل سنرى صندوقاً آلياً مثله يجوب الشوارع ويقول أنا "نظيف" أريد فقط القمامة وأنا واحد من ضمن عدة آلاف من الصناديق في مدينتكم..! هل سيترك الصندوق يجوب لنشر الوعي أم سيتصدى له الأطفال الموجه لهم ويقومون بتعطيله؟ أم سيتولى تخريبه عمال النظافة الذين يمسكون بالمقشة والمكنسة على الأرصفة وأمام المحلات والمراكز متوقفين عن العمل أو يعيدون ذرات التراب من مكان الى آخر طوال فترة عملهم بحثاً عمن سوف يتصدق عليهم حتى يخيل إليك أنهم لم يعودوا عمال نظافة بل متسولين ومحترفين.. تركتهم شركاتهم ليمارسوا التسول.. وتغاضى عنهم من يقبض على المتسولين وهو يعرف أنهم لم يعودوا عمال نظافة فالشارع قذر والعمل متوقف ولكن الشحاتة.. هي سيدة الموقف.. في ظل غياب الحساب أو البحث أو السؤال عن الصورة وهل هي الحقيقية؟

مشاركة :