تتصاعد الأزمة في العراق بعدما واصلت حكومة بغداد مواجهة الاحتجاجات الشعبية بقتل المتظاهرين والاعتقالات، حيث توفي متظاهران، الأربعاء، متأثرين بإصابتهما، في محافظتي البصرة وذي قار، حسب ما ذكره مصدران طبيان. وجدد المحتجون، الأربعاء، على وقع اختيار السلطة سياسة الهروب إلى الأمام بدل القيام بالإصلاحات المطلوبة، التظاهر وقطع الطرق المؤدية إلى الحقول النفطية في محافظة البصرة جنوب البلاد وذلك للمطالبة بتوفير فرص عمل. وأفاد شهود عيان بأن المئات من المتظاهرين انطلقوا صباح الأربعاء، نحو الطرق المؤدية إلى حقول الرميلة وأرطاوي ومجنون وغربي القرنة، ونظموا اعتصاما ومنعوا السيارات التي تقل الموظفين من الدخول إلى الحقول. ويطالب المحتجون بحل أزمة البطالة وتشغيل العاطلين عن العمل من أبناء المناطق التي تقع فيها الحقول النفطية. وقال الشهود إن “المتظاهرين هددوا بنصب سرادق للاعتصام ما لم تقم إدارات الشركات بالاستجابة لمطالبهم”. وبحسب نفس المصادر، فإن القوات الأمنية أحاطت بالمتظاهرين وطلبت منهم أن تكون المظاهرات سلمية، إلى جانب عدم الاعتداء على الموظفين وحراس المنشآت النفطية. وتأتي هذه الخطوة الجديدة عقب وفاة متظاهرين، الأربعاء، متأثرين بإصابتهما، في محافظتي البصرة وذي قار، حسب مصدرين طبيين. وقال مصدر طبي يعمل بدائرة صحة البصرة طالبا عدم ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، إن “متظاهرا توفي متأثرا بجراحه التي أصيب بها إثر مواجهات مع قوات الأمن بمحيط ميناء أم قصر في البصرة نهاية الشهر الماضي”. فيما أفاد مصدر طبي آخر في مستشفى الحسين التعليمي، في ذي قار، بأن “أحد جرحى الاحتجاجات التي شهدتها مدينة الناصرية عند جسر الزيتون، توفي في ساعة متأخرة من ليلة الثلاثاء متأثرا بجروحه”. وفي محاولة لتخفيف الغضب الشعبي، أعلن مجلس القضاء الأعلى الأربعاء، عن إطلاق سراح 2700 معتقل من المشاركين في الحراك الشعبي المناهض للنخبة السياسية بالبلاد. وقال المجلس في بيان مقتضب إن “الهيئات التحقيقية المكلفة بنظر قضايا التظاهرات أعلنت عن إطلاق سراح (2700) موقوف من المتظاهرين لغاية اليوم (الأربعاء) 18 ديسمبر”. وأشار البيان إلى أنه “ما يزال هناك 107 من الموقوفين جارِ التحقيق معهم بشأن جرائم منسوبة لهم وفق القانون”. المحتجون يطالبون بحل أزمة البطالة وتشغيل العاطلين عن العمل من أبناء المناطق التي تقع فيها الحقول النفطية والغالبية العظمى من الضحايا من المحتجين، سقطوا، في مواجهات مع قوات الأمن ومسلحين من فصائل “الحشد الشعبي” التي لها صلات مع إيران، والمرتبطة بعلاقات مع الأحزاب الشيعية الحاكمة في بغداد. لكن “الحشد الشعبي” ينفي أي دور له في قتل المحتجين. ويشهد العراق احتجاجات شعبية عارمة منذ أكتوبر تطالب بتغيير سياسي وبإسقاط النظام الذي حكم البلاد منذ عام 2003 أي بعد سقوط نظام صدام حسين. وأجبر المحتجون رئيس الوزارء عادل عبدالمهدي على الاستقالة، مطلع ديسمبر، لكنهم مازالوا يصرون على رحيل ومحاسبة كل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة. وبعدما دخل العراق في أزمة سياسية جديدة، ما زال المحتجون يترقبون ما سيؤول إليه اختيار الرئيس برهم صالح الذي تلقى قوائم تضمنت أسماء لتولي منصب رئيس الوزراء في الحكومة الجديدة. وضمت القائمة محمد السوداني، وأسعد العيداني ومصطفى الكاظمي وقصي السهيل وعلي علاوي. وذكرت وكالة الأنباء العراقية في وقت سابق أن رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبدالمهدي أبلغ رئيس الجمهورية بأن آخر موعد لاستمراره في مهامه هو الخميس. وأضافت أن صالح قد يختار اسم رئيس الوزراء الجديد “بعيدا عن تسمية الكتلة الأكبر عددا”. ومفهوم الكتلة الأكبر يعني الائتلاف الذي يضم أكبر عدد من النواب بعد الانتخابات، وليس بالضرورة أن يكون التحالف الذي حظي بأكبر عدد من المقاعد عقب الاقتراع. وكان مجلس النواب قد أجاب، الاثنين، على طلب رئيس الجمهورية تحديد الكتلة الأكبر عددا لتكليف رئيس الوزراء. كما أصدر كتابا في 16 أكتوبر يفيد بأنه أجاب سابقا عن اسم الكتلة الأكبر، والتي تم على أساسها تكليف رئيس الوزراء المستقيل عبدالمهدي بتشكيل الحكومة. وكان عبدالمهدي قد رفع استقالته من منصبه لمجلس النواب في الرابع من ديسمبر، استجابة لمطالب المتظاهرين والمرجعية الدينية في البلاد.
مشاركة :