أحيل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ بتهمتي استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، ليصبح بذلك ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يواجه إجراءً رسمياً لعزله. وبموافقة مجلس النواب الأميركي الذي يقوده الديمقراطيون على بندين لمساءلة ترامب في تصويت تم على أساس حزبي بالكامل تقريبا، يصبح الطريق ممهدا لمحاكمة تعقد الشهر المقبل في مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الجمهوريون، والذي سيكون ساحة مطمئنة لترامب، لتحديد إن كان ينبغي إدانته وعزله من منصبه. وتعد هذه الخطوة تاريخية ومن شأنها تأجيج التوترات الحزبية في بلد يعيش انقسامات عميقة. وفي أول تعليق له على إحالته على المحاكمة، ندد الرئيس الجمهوري (73 عاماً) بالتصويت التاريخي الذي جرى ضدّه في مجلس النواب، متهّماً خصومه الديمقراطيين بأنّهم مدفوعون بـ"الحسد والحقد والغضب" و"يحاولون إبطال تصويت عشرات ملايين الأميركيين" الذين انتخبوه رئيساً في 2016. ووافق على بند إساءة استغلال السلطة بتأييد 230 صوتا ومعارضة 197 بينما نال بند عرقلة عمل الكونغرس موافقة 229 ومعارضة 198. وتعقيبا على التصويت، قال البيت الأبيض إنه واثق من أن مجلس الشيوخ سيبرأ ترامب في المحاكمة. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاني غريشام في بيان "اليوم يمثل ذروة واحدة من أكثر الأحداث السياسية المخزية في تاريخ أمتنا. من دون الحصول على صوت جمهوري واحد ومن دون تقديم أي دليل على وقوع مخالفات، مرر الديمقراطيون بندي مساءلة الرئيس في مجلس النواب". وأضافت "الرئيس واثق من أن مجلس الشيوخ سيعيد النظام والعدالة والإجراءات القانونية التي جرى تجاهلها خلال تحركات مجلس النواب. إنه مستعد للخطوات المقبلة وواثق من أنه سيتم تبرأته تماما". والمساءلة إجراء غير معتاد للتدقيق في سلطات الرئيس منصوص عليه في الدستور الأميركي ولا يطبق سوى على المسؤولين التنفيذيين الذين يرتكبون "جرائم وجنحا خطيرة". ولم يُعزل أي رئيس بموجب ذلك الإجراء، لكن مع ذلك يبقى التصويت الذي حصل في مجلس النواب الأربعاء تاريخياً، إذ إنّه في تاريخ الولايات المتحدة بأسره لم يُحلْ إلاّ رئيسين للمحاكمة أمام مجلس الشيوخ، هما آند و جونسون في 1868 وبيل كلينتون في 1998، وقد برّئ كلاهما في مجلس الشيوخ. أما ريتشارد نيكسون، فاستقال في 1974 قبل أن يصوّت مجلس النواب على إحالته إلى المحاكمة على خلفية فضيحة ووترغيت. وشملت لائحة الاتهام التي قدمها الديمقراطيو لمجلس النواب استغلال ترامب لسلطاته بمطالبة أوكرانيا بالتحقيق مع جو بايدن النائب السابق للرئيس والأوفر حظا لنيل ترشيح الديمقراطيين في انتخابات الرئاسة عام 2020. كما اتهموه كذلك بعرقلة تحقيق الكونغرس في تلك المسألة، ونفى ترامب ارتكابه أي مخالفة ووصف العملية برمتها بأنها "زيف كامل". وأرسل خطابا لرئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي اتهمها فيه بالانخراط في عملية "انحراف عن العدالة". ومع سعي ترامب لفترة ولاية ثانية العام المقبل، قسم تحقيق المساءلة الرأي العام، فأيد أغلب الناخبين الديمقراطيين الإجراء وعارضه الجمهوريون. وما لم يتضح بعد هو ما إذا كان لهذا الخلاف الحزبي القائم منذ شهور أثر على انتخابات 2020 باستثناء إعطاء ترامب مبررا للتفاخر بأنه تصدى لجهود الديمقراطيين لعزله. ويأتي القرار التاريخي لمجلس النواب قبل أقلّ من عام من الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر 2020 والتي يعتزم ترامب خوضها للفوز بولاية ثانية.
مشاركة :