توصل الرئيس الأمريكي الأربعاء إلى اتفاق مع الحزب الديمقراطي مكنه من الالتفاف على الجمهوريين في الكونغرس لتفادي تعثر في السداد وشلل مالي كان يهدد البلاد في نهاية الشهر مع تخصيص أموال طارئة لضحايا العاصفة "هارفي". وتعد هذه أول تسوية سياسية مهمة يبرمها مع معارضيه منذ وصوله إلى السلطة. توصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء إلى اتفاق مع المعارضة الديمقراطية مكنه من الالتفاف على حلفائه الجمهوريين في الكونغرس لتفادي تعثر في السداد وشلل مالي كان يهدد البلاد في نهاية الشهر، مع تخصيص أموال طارئة لضحايا العاصفة "هارفي". ووافق قادة الغالبية الجمهورية على الاتفاق مع التلميح إلى استيائهم، تمسكا منهم بروح الوحدة الوطنية التي تعم الطبقة السياسية الأمريكية في وجه الفيضانات الاستثنائية التي اجتاحت ولاية تكساس. وقال ترامب بعد أول تسوية سياسية مهمة يبرمها منذ وصوله إلى السلطة "توصلنا إلى اتفاق، وهذا الاتفاق سيكون بنظري جيدا جدا". والاتفاق تقني لكنه يشمل ثلاث ملفات متمايزة نظريا غير أن الظروف المتزامنة جمعت بينها. هناك أولا المساعدة الطارئة لضحايا العاصفة "هارفي"، وقد صادق مجلس النواب الأربعاء بشبه إجماع على رزمة مساعدات أولى بقيمة 7,85 مليار دولار، وهو ملف لا يطرح أي جدل. ثم هناك سقف الدين الذي يحدده الكونغرس وتنتهي مدته مع انقضاء أيلول/سبتمبر. وقد تواجه الولايات المتحدة تعثرا في سداد استحقاقات ديونها لأول مرة في تاريخها في حال لم يقر الكونغرس رفع هذا الحد. ويتحتم على الكونغرس أخيرا إقرار تمويل للدولة الفيدرالية للسنة المالية 2018 التي تبدأ في الأول من تشرين الأول/أكتوبر، وإلا فإن الحكومة الفيدرالية مهددة بالشلل ما سيؤدي إلى أغلاق الإدارات وبقاء الموظفين غير الأساسيين في منازلهم، وسيبلبل بالتالي سير عمل البلاد. وإزاء مخاطر دخول البلاد في أزمة، سعت الإدارة الأمريكية وقادة الغالبية لجمع الملفات الثلاثة من أجل فرض القرار على الأعضاء المتمنعين سواء في صفوف المحافظين أو بين المعارضة الديمقراطية التي تملك القدرة على عرقلة القرارات في مجلس الشيوخ. وطرح الديمقراطيون شروطهم واقترحوا تأخير استحقاقي سقف الدين والميزانية إلى 15 كانون الأول/ديسمبر، فيما دعا الجمهوريون إلى رفع سقف الدين إلى ما بعد الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، تفاديا لإعادة طرح هذه المسألة الشائكة خلال الحملة الانتخابية. لكن دونالد ترامب حسم الأمر لصالح طرح الديمقراطيين، خلال اجتماع عقده الأربعاء في البيت الأبيض مع قادة الديمقراطيين والجمهوريين في مجلسي الكونغرس، وطلب من الكونغرس التصويت على المسائل الثلاث بالتزامن، مع تحديد الاستحقاق الجديد في 15 كانون الأول/ديسمبر. وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر معلقا على قرار الرئيس "يجدر التنويه بكونه اختار الحجة الأفضل". الاستحقاق الجديد في كانون الأول/ديسمبر وستجري مناقشة هذا القانون "الثلاثي" هذا الأسبوع في مجلس الشيوخ لتعديله عملا بمطالب الرئيس، قبل إعادته إلى مجلس النواب. وقال الرئيس الجمهوري لمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الذي لم يخف خيبة أمله "كان يريد منا أن نرص الصفوف ونتفادى إظهار انقسامات في هذه الفترة التي تشهد أزمة وطنية". والسبب خلف استياء الجمهوريين أن يوم 15 كانون الأول/ديسمبر، تاريخ بدء عطلة الكونغرس لعيد الميلاد، سيصبح عمليا استحقاقا جوهريا جديدا سيكون بوسع الديموقراطيين فيه الدخول مجددا في اختبار قوة للحصول على تنازلات في بعض المواضيع مثل الهجرة. وتسعى المعارضة لحمل الكونغرس على تشريع أوضاع مئات آلاف الشبان الذين وصلوا قاصرين إلى الولايات المتحدة مع أهلهم ويعرفون بتسمية "الحالمين" (دريمرز)، وهي تعتزم اغتنام الأشهر الثلاثة المقبلة للدفاع عن هذه القضية لدى الرأي العام سعيا لتأييده. والتزاما منه بوعوده الانتخابية، أعلن ترامب الثلاثاء وضع حد للبرنامج الذي أقره سلفه باراك أوباما ويحمي مئات الآلاف من هؤلاء المهاجرين الشباب الذين لا يملكون أوراقا قانونية من الترحيل من خلال منحهم إقامات مؤقتة، ودعا الكونغرس إلى وضع قانون يحل محل هذا البرنامج المطبق بموجب مرسوم رئاسي من غير أن يكون الكونغرس أقره. وتأكيدا على تقربه من الديمقراطيين تشاك شومر ورئيسة الديمقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي، قال ترامب للصحفيين "تشاك ونانسي يريدان أن نحرز تقدما، وهو ما أريده أنا أيضا". ولم يأت على ذكر ميتش ماكونيل والرئيس الجمهوري لمجلس النواب بول راين، وهو سبق أن أبدى استياءه حيالهما لفشلهما في إلغاء قانون الضمان الصحي الذي وضفه سلفه والمعروف باسمه "أوباماكير" خلال الصيف في الكونغرس. وإلى الهجرة غير الشرعية، من المتوقع أن يكون موضوع تمويل الجدار على الحدود مع المكسيك الذي يسعى الديمقراطيون لعرقلته، مسألة خلافية أيضا مع اقتراب استحقاق كانون الأول/ديسمبر، غير أن دونالد ترامب كسب من خلال تسوية الأربعاء ثلاثة أشهر من الهدوء النسبي على صعيد السياسة الداخلية. فرانس 24 / أ ف ب نشرت في : 07/09/2017
مشاركة :