تبون يطلق رسائل طمأنة لدول الجوار المغاربي

  • 12/20/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

رسم الرئيس الجزائري الجديد عبدالمجيد تبون معالم دبلوماسية بلاده وتعاطيها مع الملفات والقضايا الإقليمية والدولية في المستقبل، وإن لم تخرج من مبادئ دبلوماسية الجزائر التقليدية، فإن تلميحات الرجل ذهبت إلى تفعيل دورها في المحيط الجهوي والإقليمي، خاصة في المنطقة المغاربية والعربية والقارية. وجدد الرئيس الجزائري، خلال خطابه الأول الذي ألقاه على هامش إجراء مراسيم أداء اليمين الدستورية، العمل بمبادئ دبلوماسية بلاده في القضايا والملفات الإقليمية والدولية، بعد تراجع دور الجزائر تحت تأثير الأزمة السياسية الداخلية والفراغ المؤسساتي الذي عرفته خلال الأشهر الماضية. وبالموازاة مع تأكيده على موقف بلاده تجاه قضية الصحراء، التي اعتبرها “قضية تصفية استعمار وهي بين أيدي المؤسسات الدولية والقارية، الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي”، أطلق رسائل طمأنة وثقة مع دول الجوار، لاسيما دولة المغرب التي دعاها إلى التوجه إلى بناء علاقات تجسد طموحات نضالات شعوب المنطقة، دون الالتفات إلى المسائل الخلافية. وفيما لم يشر تبون إلى مسألة الحدود البرية المغلقة منذ العام 1994، ذكر بأن “شعوب المنطقة ناضلت من أجل وحدة مغاربية، ويتوجب تجسيد تلك النضالات في علاقات تعاون مثمرة ومتطورة، وأن بلاده التي تلتزم بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين وترفض أن يتدخل في شؤونها الداخلية، لن يصدر عنها أي شيء تجاه جيرانها”. وشدد على أن الجزائر تضع الوضع في ليبيا في صدارة انشغالاتها الدبلوماسية، لاعتبارات تاريخية وجغرافية وإستراتيجية، وأنها لا تتوانى في السعي لعودة الأمن والاستقرار والوحدة إلى ليبيا، ولجم التدخلات الخارجية التي كرست مخاطر انقسام سياسي وأمني في البلاد وفي المنطقة. الحيز المعتبر للملف الليبي في خطاب تبون يوحي إلى رغبة جزائرية في تدارك الوضع الذي خلفه انكفاء دورها في المدة الأخيرة وجاء الملف الليبي في خطاب الرئيس عبدالمجيد تبون، في لهجة تعكس قلقا جزائريا من التطورات الأخيرة في طرابلس، لكنه لم يوضح طبيعة التدخلات الخارجية إذا كانت بالمجمل، أم يقصد من ورائها طرفا معينا، كأن يكون الاتفاق المثير بين حكومة فائز السراج وتركيا. ويوحي الحيز المعتبر للملف الليبي في خطاب تبون إلى رغبة جزائرية في تدارك الوضع الذي خلفه انكفاء دورها في المدة الأخيرة، خاصة منذ اندلاع الاحتجاجات السياسية الشعبية خلال العشرة أشهر الأخيرة، حيث بات لافتا أن دول الجوار وعلى رأسها الجزائر لم يعد لها مفعول في التطورات السياسية والأمنية المتسارعة في ليبيا. وكانت الجزائر قد وقفت خلال فترة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة على مسافة واحدة بين أطراف الصراع، واستقبلت على أراضيها شخصيات ورموزا من مختلف التيارات والقوى الفاعلة في المشهد الليبي، مع تشديدها آنذاك على ضرورة مساعدة الليبيين على مصالحة ليبية ليبية وعلى بلورة حل داخلي، بعيدا عن صراعات ومصالح القوى الإقليمية. وباستثناء تلميحات الرجل إلى تفعيل دور بلاده في الملفات والقضايا الإقليمية والقارية، استكمالا لمسار ما أسماه بمسار “الجمهورية الجديدة”، فإن تناوله للشأن الدبلوماسي كرس ثبات الجزائر على مواقفها التقليدية، في معاداة إسرائيل والدعم اللامشروط للقضية الفلسطينية، وإصلاح الجامعة العربية على اعتبارها الغطاء الوحيد للعرب. وهو ما يؤشر إلى أن الدبلوماسية الجديدة للوافد على قصر المرادية منذ الخميس، لن تكون خارج المواقف المعروفة للجزائر، ولن تعرف مراجعات إلا في ما أسماه تكريس السلك الدبلوماسي لحماية مصالح الدولة وحفظ حقوق الجالية في الخارج، والإسهام بشكل أكثر فعالية في تكتل الاتحاد المغاربي عبر حلحلة الضغط القائم مع الجانب المغربي في مسألة الحدود البرية المغلقة. ويقول مراقبون إن ملامح السياسة الخارجية لتبون لا تحمل جديدا. وأوضح عبدالحق بن سعدي أستاذ العلوم السياسية لـ”العرب” أن “تبون أكد على مبادئ السياسة الخارجية المعروفة، ولم يقدم جديدا في هذا الشأن، فقد تحدث عن القضية الفلسطينية باعتبارها ثابتا من ثوابت السياسة الخارجية للجزائر، وعن قضية الصحراء باعتبارها تتعلق بتصفية استعمار، والقضية الليبية التي سجل فيها تراجع لدور الجزائر، وأعلن أنه سيكون لها دور أكبر، فضلا عن العلاقات الجزائرية المغربية التي يريدها أن تكون بعيدة عن ملف الصحراء”. وخلص قائلا “بشكل عام ليس هناك جديد في سياسة الجزائر الخارجية للرئيس الجديد، لأنه يمثل نفس السلطة وهو امتداد لها، فلا يمكن ترقب تغيير في المبادئ أو المواقف إزاء القضايا الخارجية لنظام سياسي مستمر ولم يحدث بشأنه تغيير أو قطيعة”.

مشاركة :