بريطانيا: تلويحة وداع لبروكسل

  • 12/22/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ثلاثة انتخابات نيابية بريطانية في فترة زمنية، تعدّ غير مسبوقة، لا تتجاوز 5 سنوات. وانتهت كلها بفوز حزب المحافظين. آخرها، كان في الأسبوع الماضي، وأطلق عليها اسم انتخابات الخروج من الاتحاد الأوروبي، وكانت حاسمة.في اليوم التالي للانتخابات، قفز عالياً سعر الجنيه الإسترليني في الأسواق المالية الدولية، قبل أن يغادر السيد بوريس جونسون، رئيس الوزراء، مقر مكتبه في 10 داوننغ ستريت، قاصداً قصر باكنغهام، لمقابلة الملكة إليزابيث الثانية، للحصول على موافقتها بتشكيل حكومة جديدة.بريطانيا، الآن، تدخل، ديمقراطياً، بقدمين غير مترددتين، وبقيادة محافظة، مرحلة جديدة، سياسياً، واقتصادياً، وبمعزل عن بروكسل.البرلمان البريطاني الجديد، الذي بدأ دورته في بداية الأسبوع، برلمان جونسوني. صممه، وسيقوده السيد بوريس جونسون، طوال خمس سنوات قادمة، بأغلبية 80 مقعداً، في طريق من اختياره، وبسياسات من تخطيطه، لتحقيق أهداف عديدة، تبدأ بوضع حجر أساس لمرحلة ما بعد الخروج، مروراً بفتح معابر ومنافذ تجارية جديدة، والبحث عن أسواق وشركاء مختلفين.مجلس النواب الجديد، مختلف في تأسيسه عن سابقه، بنوعية نوابه الجدد، الذين يدخلونه لأول مرّة، وبالخلفيات الإثنية والتعليمية والطبقية والعُمرية التي انبثقوا منها.ووفقاً للتقارير الإعلامية بلغ عدد النواب الجدد 140 من مجموع 650 نائباً، أي أكثر بنسبة الثلث من مجموع نظرائهم الذين جاءت بهم انتخابات عام 2017.نواب حزب العمال في المجلس 203 نواب، وللمرة الأولى، بأكثرية نسائية 104 نساء مقابل 98 ذكراً. عدد النواب الجدد منهم 26. ستة ذكور و20 امرأة. نسبة النائبات في حزب المحافظين أقل من العمال، ويعزى ذلك إلى أن عدداً من النائبات المحافظات تركن العمل البرلماني. لكن، وإلى الآن، كان المحافظون هم أول من وضعوا سيدتين في كرسي الزعامة وهما السيدة ثاتشر والسيدة ماي. تلاهم حزب الأحرار الديمقراطيين بتنصيب سيدة في مقعد القيادة هي جو سوينسون، ولو لفترة قصيرة، قبل أن تخسر مقعدها في الانتخابات الأخيرة، وتنسحب من القيادة، وتعتزل العمل السياسي. وهناك إشارات عديدة قادمة من جهة حزب العمال تؤكد تنامي التوجه، وتزايد الدعم لضرورة اختيار امرأة، هذه المرّة، لتولي دفة القيادة، في الحزب خلال انتخابات الزعامة المتوقع عقدها قريباً.على المستوى الإثني، والعرقي، سيكون البرلمان الجديد، للمرّة الأولى، أكثر تمثيلاً، من البرلمان السابق، للتنوع الإثني والعرقي للناخبين. وأقرب تمثيلاً للنسبة العامة التي تمثل الإثنيات في بريطانيا وهي 12 في المائة. 65 نائباً مجموع النواب في المجلس الذين يمثلون ناخبين من أقليات بأصول إثنية وعرقية مختلفة. أي نائب من كل عشرة نواب. 41 منهم من حزب العمال، و22 من حزب المحافظين، و2 من حزب الأحرار الديمقراطيين. وبقيت اسكوتلندا وويلز وشمال آيرلندا دون أي تمثيل نيابي للأقليات.على المستوى التعليمي، تؤكد التقارير الإعلامية أن نسبة أعداد النواب في المجلس الذين تلقوا تعليمهم في مدارس حكومية تفوق نسبة من تعلموا في مدارس مستقلة خاصة، وأن نسبة من تخرجوا في جامعتي أكسفورد وكامبريدج (أوكسبريدج) المعروفتين تقل عن نسبة من تخرجوا في جامعات أخرى. هذه النسبة تبدو أكثر وضوحاً في حزب المحافظين، الذي عرف تاريخياً بأكثرية نوابه الدارسين في مدارس مستقلة، وحاملين لشهادات جامعية من أوكسبريدج.على المستوى العُمري، تشير التقارير إلى أن البرلمان الجديد أصغر سناً من البرلمان السابق. نسبة متوسط أعمار النواب في حزب المحافظين 47.4 عام، وفي حزب العمال 50.4 عام.استناداً إلى توقعات الكاتب الصحافي الأميركي جيرارد بيكر، رئيس تحرير صحيفة «وول ستريت جورنال» سابقاً، فإن تأثير نتائج الانتخابات البريطانية الأخيرة، سوف يمتد إلى خارج بريطانيا، ليلقي بظلاله على ما يحدث في الجانب الآخر من الأطلنطي - أميركا - التي تستعد لخوض غمار انتخابات رئاسية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام المقبل.التأثير، تحديداً، سوف يطال سلبياً المترشحين اليساريين في الحزب الديمقراطي، ولصالح المترشح اليميني الملياردير بلومبيرغ، حاكم ولاية نيويورك السابق.بيكر يوضح أنه، لأول مرة، منذ عام 1992، تجري انتخابات نيابية بريطانية قبل أقل من عام من إجراء انتخابات رئاسية أميركية. العكس كان يحدث في السابق. ويشير، أيضا، إلى علاقة تربط بين النخبتين السياسيتين في البلدين، ابتدأت لدى ظهور حزب العمال الجديد، بقيادة توني بلير، والذي قام في عام 1992 بإرسال ممثلين عنه للوجود في غرف عمليات الحزب الديمقراطي خلال الحملات الانتخابية الرئاسية الأميركية للاستفادة وللمساعدة.ويوضح أن فوز الديمقراطيين، في تلك الفترة الزمنية، بقيادة بيل كلينتون في الانتخابات الأميركية خلق مناخاً سياسياً في بريطانيا مهد الأرض لوصول بلير وحزبه إلى السلطة. كما أن وصول الرئيس الحالي دونالد ترمب ساعد، هو الآخر، في خلق مناخ سياسي مهد لوصول المحافظين بقيادة جونسون إلى السلطة بأغلبية كبيرة. وبالتالي، فإنه يرى أن هزيمة الزعيم العمالي اليساري كوربين في بريطانيا ستكون لصالح مرشحي اليمين في الحزبين الديمقراطي ممثلاً في المترشح الملياردير بلومبرغ، والجمهوري ممثلاً في الرئيس الحالي الملياردير دونالد ترمب.

مشاركة :