«القــنوات الصفراويـة»..فوائد وآفات ومخاطر متعددة

  • 12/22/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: راندا جرجس إن مجموعة القنوات الصفراوية هي التي تنقل الصفراء التي يقوم الكبد بإفرازها، إلى المرارة؛ لتركيزها واستخدامها عند تناول الدهون، ثم إرسالها للأمعاء الدقيقة وإيصالها للجهاز الهضمي؛ ليقوم بامتصاصها، وخلال هذه العملية يمكن أن تتراكم الصفراء والسموم الأخرى في الكبد، وتتعرض القنوات الصفراوية أو المرارة لبعض المشكلات المرضية، التي تؤثر في عمل آلية الجسم الطبيعية، وينجم عنها التعب العام والوهن ومجموعة من الأعراض، التي تعوق الممارسات الحياتية، وتُحدث أيضاً أضراراً بالغة في الكبد تصل في بعض الأحيان إلى التشمع والتليّف، وفي السطور القادمة سيخبرنا الخبراء والاختصاصيون عن هذا الموضوع تفصيلاً. يقول الدكتور أنس قاسم، (استشاري الطب الباطني) إن التهاب القنوات الصفراوية الأولي هو أحد أمراض المناعة الذاتية، وينتج عن التدمير التدريجي للقنوات الصفراوية الصغيرة الموجودة في الكبد، وينجم عنه تراكم الصفراء والسموم الأخرى، وتسمى هذه الحالة الركود الصفراوي، وتتسبب في المزيد من الأضرار للأنسجة الكبدية، ما يؤدي إلى تندبه وتليّفه في نهاية المطاف، ويعد التهاب القنوات الصفراوية الأولي من الأمراض النادرة نسبياً؛ حيث تبلغ نسبة حدوثه إصابة شخص من كل 3000، وهو الأكثر شيوعاً بين النساء ما بين سن 35 إلى 60 عاماً، ويستهدفهن أكثر ب 9 مرات من الرجال. علامات الإصابة ويبين د.أنس أن الشخص المصاب بالتهاب القنوات الصفراوية الأولي يعاني الإرهاق، الذي يؤدي إلى الشعور بالنعاس أثناء النهار وجفاف الجلد والعيون، إضافة إلى الحكة، خاصةً في منطقة الرجلين واليدين، وكذلك اليرقان (اصفرار العينين والجلد)، وظهور البقع الداكنة على الجلد وتورم القدمين في الحالات المتقدمة من المرض، كما يعاني المصاب خطر هشاشة العظام وترسب الكوليسيترول في صورة أورام دهنية في منطقة العينين، وطيات راحة اليدين، والقدمين، والكوعين، والركبتين، ويتعرض هؤلاء المرضى لسوء التغذية الناتج عن نقص امتصاص وتكوين فيتامينات A وD وE وK، ومع ازدياد حدة المرض، تظهر مضاعفات عدة؛ مثل: احتباس السوائل في البطن (الاستسقاء)، وتضخم الطحال، ودوالي المريء والمعدة، واعتلال الدماغ الكبدي، بما في ذلك الغيبوبة الكبدية في الحالات المتأخرة من المرض، إضافة إلى ازدياد احتمالات الإصابة بسرطان الكبد، وربما تظهر على المصابين بالتهاب القنوات الصفراوية الأولي أعراض اضطراب المناعة الذاتية خارج الكبد؛ مثل: التهاب المفاصل الروماتويدي أو متلازمة شوجرن. اختبارات تشخيصية ويوضح د.أنس أن تشخيص التهاب القنوات الصفراوية الأولي، يجب تمييزه عن الحالات الأخرى ذات الأعراض المشابهة؛ مثل: التهاب الكبد المناعي الذاتي أو التهاب القنوات الصفراوية المتصلب الأولي، ويعد تحليل الأجسام المضادة للميتوكوندريا، هو العلامة المميزة للمرض، كما تكشف نتائج تحاليل وظائف الكبد، عن وجود اعتلال بأنزيمات الكبد وارتفاع نسبة الصفراء بالدم، والتي تزداد بصورة كبيرة في الحالات المتقدمة، ويتم عادة إجراء التصوير بالموجات فوق الصوتية للبطن، والرنين المغناطيسي، وكذلك التصوير المقطعي؛ لاستبعاد انسداد القنوات الصفراوية أو وجود حصى في المرارة، أو مسببات تليّف الكبد الصفراوي الثانوي؛ مثل: مشكلات القنوات الصفراوية والحصوات المرارية، كما يتم عمل خزعة للكبد، وإجراء تصوير القناة الصفراوية بالمنظار؛ لتحديد مدى الإصابة بالمرض. خطة علاجية ويؤكد د.أنس أنه لا يوجد علاج معروف حتى الآن لمرض التهاب القنوات الصفراوية الأولي؛ لكن تستخدم بعض الأدوية؛ للمساعدة على إبطاء تقدم المرض، وتحسين نوعية الحياة للعديد من المرضى، ويعد حمض الأرسوديول أكثر العلاجات استخداماً لهذه الحالة؛ لأنه يساعد في تقليل حدوث الركود الصفراوي، ويحسّن اختبارات وظائف الكبد، وهناك بعض العقاقير الأخرى، التي تساهم في تخفيف الحكة الناجمة عن ارتفاع نسبة الأحماض الصفراوية في الدورة الدموية، والتي تتم إزالتها عادة عن طريق الكبد؛ حيث إنه يعمل على امتصاص الأحماض الصفراوية في الأمعاء، والتخلص منها بدلاً من إعادة إدخالها مرة أخرى لمجرى الدم، كما يوصي الخبراء بإعطاء المرض الذي يعاني التهاب القنوات الصفراوية الأولي، مكملات غذائية تحتوي على فيتامينات (AوD وE وK)، وفي الحالات المتقدمة من المرض، يتم إجراء عمليات زراعة للكبد. التشمع الصفراوي وتذكر الدكتورة ريم الحسن، اختصاصية أمراض الجهاز الهضمي والكبد، أن التشمع الصفراوي الأولي يتميز بتغيّر نسيج الكبد إلى نسيج متندّب متليّف غير فاعل، وأذيّة في الطرق الصفراوية داخل الكبد وخارجه (القناة الجامعة والقناة المرارية)، ما يؤدي إلى منع مرور الصفراء من داخل الخلايا الكبدية إلى المرارة، ويحجّم وصولها للجهاز الهضمي، وينجم عنه حدوث تراكم في النسيج الكبدي، وتندّبه وتليّفه وتشكيل خلايا غير فاعلة وعقيدات تساهم في حدوث تشمع الكبد، وهناك أسباب عديدة للإصابة بالمرض، ويعد أهمها: العوامل المناعية الذاتية التي تهاجم الجسم وخلايا الكبد والطرق الصفراوية، ويشكل أضداد تسبب تلفها وإصابتها وبالتالي تليّف الكبد، وهناك أيضاً عوامل وراثية وبيئية، أوتناول أدوية معينة، ويستهدف هذا المرض السيدات بين سن 35 إلى 60 بنسبة 90% مقابل الذكور. أعراض متطورة وتوضح د.ريم أن علامات التشمع الصفراوي الأولي تظهر على شكل تعب، ووهن، وضعف عام بالجسم، وربما يستمر كذلك لسنوات قبل أن تتفاقم الأعراض وتتطور إلى الحكة التي تدل على تجمع الصفراء والأحماض والأملاح الصفراوية، وأشدها يكون في منطقة القدمين والذراعين والظهر وتكون مزعجة جداً وتزداد في الليل، مع الإصابة بإسهال دهني، إضافة إلى جفاف العينين والفم، واليرقان الذي يظهر عند تقدم المرض، ويؤذي الخلايا الكبدية، وتراكم كمية كبيرة من البيليروبين في الكبد والدم والبول، وفرط التصبغات؛ حيث تظهر بقع داكنة على الوجه والجسم؛ وذلك لزيادة الميلاتونين، ووذمة محيطية بالأطراف وتراكم سوائل داخل البطن؛ نتيجة ارتفاع الضغط داخل الكبد، كما تنشأ أورام دهنية حول العينين واليدين والقدمين مع ارتفاع الكوليسترول. دلالات مرضية وتشير د.ريم إلى أن تشخيص التشمع الصفراوي الأولي يتم عن طريق سماع القصة السريرية والأعراض التي تدل على وجود صلابة بالكبد، ودوالي المري التي تحدث نتيجة ارتفاع الضغط داخل الوريد البابي، وكذلك تخلخل العظام الناتج عن نقص امتصاص الدسم والفيتامينات المنحلة بالدسم، وأيضاً نقص فيتامينات K,E,A,D، واضطرابات ذهنية وقلة في التركيز وتراجع الذاكرة، إضافة إلى التهاب مفاصل روماتيزمي (مناعي ذاتي)، وتصلب الجلد، ومتلازمة رينو، واضطرابات بالغدة الدرقية، ويتم التشخيص بإجراء فحوص للدم تدل على إصابة الخلية الكبدية، وإجراء تحري للأضداد الخاص، وتصوير البطن والكبد بالأمواج فوق الصوتية، وأخذ خزعة من الكبد؛ لتأكيد التشخيص. وتختتم د.ريم بأن الخطة العلاجية تبدأ بإعطاء المريض بعض العقاقير الدوائية؛ للسيطرة على الصفراء، والمضادة للحكة، والمدرة للبول للتخلص من الوذمات والحبن، وتعويض الفيتامينات الناقصة؛ حيث إنه لا يوجد علاج شافٍ تماماً من الحالة، ولكن لتأخير تفاقم المرض وحدوث التشمع والفشل الكبدي، وفي معظم الحالات يكون زرع الكبد هو الحل الوحيد. الحصوات المرارية ويشير الدكتور امتياز زكي، أخصائي الجراحة العامة، إلى أن حصوات المرارة تتشكل من ترسبات صلبة تتكون في داخل المرارة، وهي شائعة لدى الأفراد الذين تتجاوز أعمارهم 60 سنة، والذين يعانون البدانة أو خسروا كمية كبيرة من الوزن خلال فترة قصيرة، كما تستهدف المصابين بمرض السكري أو فقر الدم المنجلي، أو السيدات الحوامل ومن يخضعن للعلاج بالهرمونات البديلة أو يتناولن أدوية منع حمل، ويبرز منها نوعان رئيسيان، هما: * حصوات الكوليسترول الأكثر شيوعاً، وهي تتكون من مواد دهنية في الدم، وموجودة في كافة أنحاء الجسم. * الحصوات الصباغية التي تتكون عندما تحتوي العصارة الصفراوية على كميات كبيرة من البيليروبين. آفات متعددة وينبه د.امتياز إلى أن حصى المرارة تنجم عنه أربعة مضاعفات مرضية رئيسية، تشمل: التهاب المرارة، والقناة الصفراوية المشتركة، والبنكرياس وسرطان المرارة، وتشتمل أعراض الحصوات المرارية على ظهور ألم مفاجئ وحاد في منتصف البطن وأدنى عظم الصدر مباشرة، إضافة إلى آلام حادة في الظهر بين لوحي الكتف، وكذلك في الكتف الأيمن، إلى جانب الغثيان أو الإقياء؛ ولذلك يجب استشارة الطبيب على الفور؛ لإجراء تشخيص كامل، والحصول على العلاج المناسب، الذي يشتمل: * استئصال المرارة بالكامل بالجراحة التنظيري؛ حيث تُجرى العملية عبر شق جراحي صغير في البطن باستعمال أجهزة صغيرة تشبه الأنابيب. * يمكن علاج حصى المرارة عبر إذابتها دوائياً؛ حيث تُستخدم العقاقير التي تحتوي على الأحماض الصفراوية في تركيبتها لإذابة الحصيات، ولكن من الممكن أن يستغرق هذا الخيار عدة أشهر أو سنوات، فضلاً عن احتمال عودة تشكلها بعد العلاج. اليرقان يعد اليرقان أو تصبغ الجلد وبياض العينين باللون الأصفر من أهم العوارض التي ترافق وجود مشكلة مرضية في الكبد أوالقنوات الصفراوية أو المرارة، سواء عند الرضع وحديثي الولادة أو البالغين، وهي دليل على ارتفاع نسبة البيليروبين في الدم، الذي يحدث نتيجة اضطراب يتسبب بزيادة عملية تحطيم كريات الدم الحمراء وتحلّلها أو إصابة المريض ببعض الآفات الصحية مثل الملاريا، وفقر الدم المنجلي، والثلاسيما، وتشير شدة درجة اللون الأصفر إلى حالة المرض (حادة أو مزمنة)، ومن أكثر الأسباب شيوعاً للإصابة باليرقان هو الالتهاب الكبدي الوبائي، وبعض أمراض المناعة الذاتية، وسرطان الكبد والبنكرياس، والحصوات المرارية، ويعتمد العلاج على التخلّص من الكمية الفائضة من البيليروبين، وتناول المكمّلات الغذائية التي تحتوي على الحديد، ويمكن أن يصف الطبيب مجموعة من الأدوية المضادة للفيروسات أو الأدوية الستيرويدية.

مشاركة :