تحقيق: راندا جرجس يعتبر التهاب القنوات الصفراوية المزمن أو الحاد، من الحالات الطبية الطارئة التي يمكن أن تعرض حياة المصاب للخطر، ومن أهم علاماتها البارزة: المغص الصفراوي، اصفرار بياض العين أو البشرة، وفي الحالات الشديدة يتعرض المريض إلى انخفاض ضغط الدم والارتباك الناتج عن ضعف القدرة على التركيز العقلي، مع اهتزاز لا يمكن السيطرة عليه، والشعور بعدم الراحة، وفى السطور القادمة يتحدث الخبراء والاختصاصيون عن هذه الإصابة وكيفية تشخيصها وطرق علاجها بالتفصيل.توضح الدكتورة ريم عبد الله، استشارية الطب الباطني، أن التهاب القنوات الصفراوية أو أي جزء منها، عادة ما يكون ناجماً عن انسداد بسبب حصاة صفراوية أو ضيق متبوع بعدوى جرثومية مثل الإشريكية القولونية، أو أكثر من جرثومة، وفي مرض العوز المناعي المكتسب عادة ما تكون الأعراض خفية، وأحياناً يكون السبب متعلقاً بالمناعة الذاتية، ومن أهم أعراضه آلام في البطن والحمى، مع اصفرار في الجلد والعينين، ويزداد انتشار مرض الحصاة الصفراوية مع التقدم في العمر ومؤشر كتلة الجسم، (علامة البدانة) ومع ذلك، يزداد الخطر أيضاً في أولئك الذين ينقص وزنهم بسرعة (مثلاً بعد عملية جراحية لفقدان الوزن)، وذلك بسبب تغييرات تركيبة المادة الصفراء التي تجعلها عرضة لتشكيل الحصى المرارية، وينتشر ذلك بشكل أكبر في النساء عن الرجال، والحمل يزيد من المخاطر أكثر. كبار السن والأطفال تبين د. ريم، أن أعراض التهاب القنوات الصفراوية الحاد في كبار السن والأطفال تكون مختلفة بعض الشيء حيث يكون الألم أحياناً غائباً، ويعد الإصابة بالتهاب القنوات الصفراوية الحاد عند الأطفال نادراً، وإن حدث يكون السبب عادة عدوى ثانوية (العقديات) نتيجة أمراض أخرى،ويحدث التهاب القنوات الصفراوية الحاد عند الأطفال بشكل سريع، وتكون الأعراض في هذه الحالة غير محددة ومن الممكن أن تتشابه مع أي التهاب حاد في الجهاز الهضمي، وبالتالي فإن التهاب القنوات الصفراوية الحاد عند الأطفال يمكن أن يكون مشابهاً لأمراض الجهاز الهضمي الأخرى، أما بالنسبة لأعراض التهاب القنوات الصفراوية المزمن، فتكون أقل حدة، ولا يحدث الألم إلاّ في حال وجود حصى، وفي هذه الحالة أهم العلامات تشتمل على: الضعف العام والإرهاق والحمى المتكررة غير المبررة و حكة في الجلد، وكذلك احمرار في الراحتين، ما يؤدي كما ينتج عن التهاب القنوات الصفراوية المزمن عند الأطفال إلى انخفاض في وزن الجسم بسبب نقص الشهية والغثيان. وسائل العلاج تذكر د. ريم أن الوسائل العلاجية لالتهاب القنوات الصفراوية الحاد، تختلف باختلاف مراحل تطور الإصابة، وتتعدد هذه الطرق كالآتي: - 1- السوائل والمضادات الحيوية، ففي بعض الحالات يتطلب التهاب القنوات الصفراوية، دخول المستشفى، حيث يتم حقن المريض بسوائل عن طريق الوريد، خاصة إذا كان ضغط الدم منخفضاً، و يباشر في استخدام المضادات الحيوية عن طريق الوريد أيضاً، وعادة يستخدم مزيج البنسلين وأمينوجليكوزيد، على الرغم من أن سيبروفلوكساسين أظهر فعاليته في معظم الحالات، ولكن يفضل الأطباء الأمينوجليكوزيدات بسبب آثاره الجانبية الأقل، كما يوجد كذلك عدد من المضادات الحيوية البديلة، وغالباً ما يضاف مترونيدازول، خاصة لمعالجة المرضى المعرضون لخطر البكتيريا اللاهوائية، وتواصل المضادات الحيوية لمدة تتراوح من أسبوع إلى 10 أيام وأحياناً تختلف فترة العلاج حسب استجابة المريض.2- استئصال المرارة، ليست جميع الحصيات متورطة في التهاب الأوعية الصفراوية التصاعدي، فهو في الواقع ينشأ من المرارة، ولكن استئصال المرارة (إزالة المرارة جراحياً)، يوصى به في حالات الأشخاص الذين تم علاجهم من التهاب الأوعية الصفراوية بسبب مرض الحصيات، ولا يتم الاستعانة بهذا الإجراء الجراحي إلاّ عندما تزول جميع الأعراض. التنظير الداخلي تشير د.ريم إلى أن التنظير الداخلي الذي يعد العلاج النهائي لالتهاب القنوات الصفراوية، وهو تخفيف الانسداد الصفراوي الكامن، الذي يتم اللجوء له بعد مرور من 24 إلى 48 ساعة، من الدخول إلى المستشفى واستقرار حالة المريض، وظهور بعض علامات التحسن مع استخدام المضادات الحيوية والسوائل الوريدية، وربما يحتاج إلى إجراء التنظير بشكل طارئ في حالة أي تدهور مستمر في وضع المريض على الرغم من العلاج الملائم، أو إذا لم تكن المضادات الحيوية فعّالة للحد من علامات الالتهابات (وهذا يحدث في 15 ٪ من الحالات)، ويعتبر منظار القنوات الصفراوية والبنكرياسية الرجوعي، بتصوير القنوات الصفراوية والبنكرياس بالتنظير الباطني، وهو النهج الأكثر شيوعاً لفتح انسداد القنوات الصفراوية.تستكمل: تتم عملية التنظير الداخلي عن طريق تمرير أنبوب الألياف البصرية الصغير من خلال المعدة إلى الاثنا عشر والتعرف إلى أمبولة فاتر، وإدخال أنبوب صغير في القناة الصفراوية من أجل تخفيف الانسداد، والمساعدة على تدفق المادة الصفراء من القناة، وللسماح بإدخال الأدوات اللازمة لاستخراج حصى المرارة التي تسد القناة الصفراوية المشتركة، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن توسيع فتحة القناة الصفراوية المشتركة ببالون طبي، وتتم إزالة الحصيات، إما بالسحب المباشر، أو عن طريق استخدام أدوات أخرى بما فيها البالونات الطبية والسلال في القناة الصفراوية من أجل سحب الحصيات إلى الاثنا عشر، وإذا كان هنالك حصيات كبيرة، ربما يتطلب ذلك استخدام أداة باسم المفتت الميكانيكي للحصيات من أجل سحق الحصاة قبل إزالتها، وإذا كان الانسداد أكبر من أن يزال أو يكسر ميكانيكياً بالتنظير الباطني لتصوير القنوات الصفراوية والبنكرياس، فيمكن تفتيته من خارج الجسم بالموجات التصادمية. موجات الاهتزاز الصوتية تذكر د. ريم أن تقنية موجات الاهتزاز الصوتية تستخدم من خارج الجسم لتفتيت الحصيات، وهناك التقنية البديلة لإزالة الحصيات كبيرة الحجم، وهي تفتيت الحصاة كهربائياً، حيث يدخل منظار صغير معروف باسم منظار الشعيرات الصفيرية عن طريق التنظير الباطني للقنوات الصفراوية والبنكرياس، لتصوير الحصاة مباشرة، باستخدام ماسح ضوئي موجات الصدمة التي تفتت الحصاة المسببة للانسداد، ونادراً ما يتطلب الأمر بضع قناة الصفراء لاستكشاف القنوات الصفراوية (شق القناة المرارية)، التي يمكن القيام بها مع تنظير جوف البطن لإزالة الحصاة. حالة طوارئ يقول الدكتور أنوب كومار، مختص أمراض الجهاز الهضمي، إن التهاب القنوات الصفراوية الصاعد، عدوى عادةً ما تسببها البكتيريا الصاعدة من نقطة اتصالها مع الاثنا عشر، أو ما يعرف بالجزء الأول من الأمعاء الدقيقة، ويميل إلى الحدوث إذا عرقلت القناة الصفراوية جزئياً بالحصيات الصفراوية، وهي حالة ربما تهدد حياة المريض، ولذلك تعتبر حالة طوارئ طبية، كما أن الحصيات الصفراوية تسبب انسداد القناة الصفراوية بسبب تشكل حصيات تتصلب بداخل المرارة، وتحتوي على الكثير من الأملاح، الكولسترول، البيليروبين، وتكون في حجم حبة الرمل، وفى بعض الحالات تكون كبيرة في حجم كرة الجولف، كما يمكن أن تنشأ حصاة واحدة ضخمة أو مئات الحصيات الصغيرة أو مزيج من الحالتين، ما يؤدي إلى انسداد، وتوقف التدفق الطبيعي للصفراء، وسد القناة الكبدية، ما يسبب التهاب الكبد واليرقان. أعراض وعلامات يذكر د. كومار أن هناك بعض الأعراض التي يتزامن وجودها عند الإصابة بالتهاب القنوات الصفراوية الصاعد، التي تختلف بحسب كل مريض، وحجم الحالة هناك عند الإصابة بتلك الأعراض لابد من استشارة الطبيب في الحال.وتشتمل على: - - اصفرار بياض العين أو البشرة.- الإصابة بالحمى، وقشعريرة، مع تعرق شديد.- يشكو الشخص الذي يعاني من التهاب القنوات الصفراوية من آلام خاصة في الربع العلوي الأيمن من البطن، يسمى المغص الصفراوي، ويكون مصحوباً بالغثيان والقيء بالإضافة إلى اصفرار الجلد مع حكة.- في الحالات الشديدة، يحدث انخفاض ضغط الدم والارتباك الناتج عن ضعف القدرة على التركيز العقلي.- الشعور باهتزاز لا يمكن السيطرة عليه والشعور بعدم الراحة (الضيق).- يشكو بعض المرضى من الاصفرار، أو اليرقان في الجلد وبياض العين، وربما تكون الأعراض غير نمطية في كبار السن، بل ينهارون مباشرة بسبب تسمم الدم من دون إظهار المظاهر التقليدية الأولية.- أما حالات نوبة الحصيات المرارية، فتكون أعراضها عبارة عن غثيان وتقيؤ مع ألم في الظهر، ولوح الكتف، مع آلام مستمرة في القسم العلوي في البطن وتحت الكتف الأيمن، وتزداد شدة الآلام من نصف ساعة إلى عدة ساعات متتالية، وغالباً ما تكون تلك النوبات بعد تناول الوجبات الدسمة لأنها تسبب عسر الهضم و الغازات و تشنجات البطن. تشخيص وفحوص يشير د.كومار إلى أن التشخيص يبدأ بالكشف السريري، ثم فحص اليرقان وليونة الربع العلوي من البطن، ما يسمى بثلاثية شاروت، مجموعة من ثلاث نتائج بحث مشتركة في التهاب القناة الصفراوية، ويظهر الفحص الروتيني للدم معالم الالتهاب الحاد (ارتفاع عدد كريات الدم البيضاء ومستوى بروتين جي التفاعلي) وعادة يحتاج الطبيب المعالج لعمل فحوص وظائف الكبد، وفي معظم الحالات يكون هذا الفحص متسقاً مع ارتفاع إعاقة البيليروبين، والفوسفاتيز القلوية، وناقلة جلوتاميد الببتيد، وفي المراحل المبكرة، ربما يكون الضغط على خلايا الكبد هو السمة الرئيسية الأبرز، وتشبه اختبارات التهاب الكبد، وخاصة مع ارتفاعات في ناقلة ألانين، الأسبارتاتي، وكثيراً ما تتم مزرعة الدم في الأشخاص المصابين بالحمى كدليل على حالة عدوى حادة، حيث إن البكتريا التي تسبب العدوى تكون بنسبة 36٪ من الحالات. عوامل وأسباب يفيد د.كومار بأن إعاقة أو التهاب القناة الصفراوية الحاد، يحدث بشكل عام بسبب تكّون الحصيات، ومع ذلك فإن 10-30 ٪ من الحالات ترجع إلى أسباب أخرى مثل، التضييق الحميد (تضييق القناة الصفراوية دون وجود ورم كامن)، أو ضرر ما بعد عملية جراحية أو تغيير هيكل القناة الصفراوية، مثل تضييق على موقع لالتحام (اتصال جراحي)، والأورام المختلفة كسرطان القناة الصفراوية، سرطان المرارة أورام البنكرياس الخبيثة، أو سرطان الاثنا عشر، وربما يعقد التهاب الأوعية الصفراوية الإجراءات الطبية للقناة الصفراوية، وربما يوجد تصلب صفراوي دائم (على سبيل المثال في سرطان البنكرياس)، ما يزيد قليلاً من خطر التهاب القناة الصفراوية، ولكن التصلب من هذا النوع، وغالباً ما تكون هناك حاجة إليه للحفاظ على الصباغ الصفراوي للقناة الصفراوية من الضغط الخارجي. استئصال المرارة بلا جروح أثبتت الإحصاءات أن النساء الأكثر عرضة للإصابة بحصوات المرارة، والتهابها الحاد أو المزمن، وفي أغلب الحالات يتم العلاج باستئصالها بالتدخل بالمنظار الجراحي، عن طريق 3 إلى 4 فتحات في أعلى البطن، تترك خلفها آثاراً ظاهرة للعين ما يسبب الإزعاج لبعضهن، ومع التقدم التقني في كافة مجالات الطب، وخاصة إذا كانت السيدة تعاني ترهلاً بمنطقة البطن حتى لو بدرجة خفيفة، أمكن عمل شد البطن واستئصال المرارة في آن واحد، عن طريق جرح واحد أسفل البطن مثل جرح الولادة القيصرية، من دون أي جروح أخرى.
مشاركة :