وتنبع أهمية «القلمون» من أنها القاعدة الخلفية وخزان الإمداد الرئيسي لدمشق وريفها وللمنطقة الوسطى في سوريا، ولمناطق في البادية شرقاً، وهي منطقة تمتد من الدريج جنوباً على بعد بضعة كيلومترات من دمشق وحتى البريج شمالاً قبيل القصير بكيلومترات. ومن غير المستغرب أن حزب الله أصدر بيانات مرتبكة بشأن المعركة، ما حدا بزعيمه إلى قول: «لم نصدر ولن نصدر بياناً، وعندما نشن عملية عسكرية في القلمون، ستكون واضحة للجميع». غير أن المعركة دائرة بالفعل، ولكن لا يمكن لـ «نصرالله»، أو أي شخص آخر توقع نتائجها على وجه اليقين، بسبب التحول غير المتوقع الذي حدث في ميزان القوة؛ إذ أقدمت واشنطن للمرة الأولى منذ خمسة أعوام، هي عمر الحرب الأهلية السورية، على منح المعارضة أسلحة ثقيلة، ولو أنها فعلت ذلك من قبل، لربما انتهت الحرب مبكراً، ولأنقذت أرواح مئات آلاف الضحايا. وبعد صمت طويل، أعرب مسؤولون في الإدارة الأميركية عن رغبتهم في محاسبة نظام الأسد على جرائم الحرب الشنيعة التي ارتكبها. وكان «روبرت مالك»، السفير الأميركي لدى «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية»، و«أنتوني نلنكين» مساعد وزير الخارجية الأميركي، و«سامناثنا باور» السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، أكدوا يوم الجمعة الماضي تقارير «ذات مصداقية» حول عودة جيش النظام السوري إلى استخدام أسلحة كيميائية. وأراد المسؤولون «الكشف» عن حقيقة، معروفة في المنطقة، وهي أن النظام السوري احتفظ بجزء من مخزون أسلحته الكيميائية، وبالطبع، يقوض هذا الإعلان أساس الاتفاق الروسي الأميركي الذي توصل إليه وزيرا خارجية روسيا وأميركا في نهاية 2013، والذي يجبر الأسد على تسليم ترسانته الكيميائية. وفي أعقاب الاتهام الأميركي، كشف المتفشون الدوليون لدى منظمة «حظر الأسلحة الكيميائية» العثور على آثار لغازي السارين وغاز «في إكس» المثير للأعصاب في سوريا خلال شهري ديسمبر ويناير الماضيين. ويأتي الهجوم الدبلوماسي الجديد الذي تشنه إدارة أوباما ضد نظام الأسد بينما تكتسب معركة «القلمون» زخماً كبيراً، عقب أسبوعين من تراجع الحرب العسكرية السورية الشديدة في الشمال.
مشاركة :