زيارة الحريري إلى باريس تربك حسابات حزب الله وحلفائههناك اليوم شعور عام لدى حزب الله اللبناني كما راعيته إيران بأن ذهاب رئيس الوزراء سعد الحريري المستقيل إلى باريس سيعني قلب المعركة السياسية ضدهما، وهو ما يفسر الهجمة الإيرانية على فرنسا.العرب [نُشر في 2017/11/18، العدد: 10816، ص(2)]الشارع اللبناني في انتظار عودته بيروت - يلتقي رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري السبت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإيليزيه بالعاصمة باريس، بعد حوالي أسبوعين على تقديم استقالة مفاجئة من الرياض، حاول حزب الله وموالوه في السلطة استثمارها لضرب صورة المملكة العربية السعودية، بزعم أنها جاءت تحت الضغط. وقبيل زيارته إلى باريس نشر الحريري تغريدات من موقعه على “تويتر” أكد فيها أنه لا صحة لما يروج عن وضعه في السعودية. وقال الحريري إن إقامته في الرياض “هي من أجل إجراء مشاورات حول مستقبل الوضع في لبنان وعلاقاته بمحيطه العربي”. وأضاف أن “كل ما يشاع خلاف ذلك من قصص حول إقامتي ومغادرتي أو يتناول وضع عائلتي لا يعدو كونه مجرد شائعات”. وكان وزير الخارجية جبران باسيل كرر، الجمعة، “شكوك” بلاده في وضع الحريري وذلك في ختام جولته الخارجية التي انتهى بها المطاف في موسكو حيث قابل نظيره الروسي سيرجي لافروف. واعتبر باسيل، الذي ينضوي حزبه التيار الوطني الحر ضمن تحالف 8 آذار الذي يضم كذلك حزب الله، أن الهدف الأساسي الآن هو أن يتمكن الحريري من العودة إلى لبنان دون شروط أو قيود على حريته وأنه بمجرد عودته يمكنه أن يقرر إن كان سيتنحى عن رئاسة الوزراء. وشدد على أنه يجب التعامل مع الحريري باعتباره لا يزال رئيسا للوزراء وأن زيارته لفرنسا هدفها فقط تأمين عودته لبيروت. وكان ماكرون أكد أن الحريري سيزور باريس “لبضعة أيام”، وأن فرنسا لم تعرض عليه اللجوء كما يشاع. كما أكد مقربون من الحريري في بيروت أنه سيعود قريبا إلى لبنان ليبحث مع رئيس الجمهورية في أسباب استقالته التي قال في الرياض إنها تعود إلى تدخل إيران ومعها حليفها حزب الله اللبناني، أحد أبرز مكونات حكومته، في النزاعات الإقليمية.جبران باسيل: يجب التعامل مع سعد الحريري باعتباره لا يزال رئيسا للوزراء وتأتي زيارة الحريري لباريس لتكشف زيف ادعاءات حزب الله وحاضنته إيران وحلفائه المشاركين في السلطة، وسط مخاوفهم من أن تنتهي هذه الزيارة لغير صالحهم، وهو ما عبرت عنه طهران حين أبدت تذمرا من دخول فرنسا على خط الأزمة. والخميس الماضي قال الحريري ردا على أسئلة صحافيين لدى استقباله وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في منزله في الرياض عن موعد ذهابه إلى فرنسا “أفضّل ألا أجيب الآن… سأعلن لكم ذلك” في حينه. ثم قال “قريبا جدا”. وجاء تصريح الحريري بعد وقت قصير من إعلان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمر صحافي مشترك مع لودريان أن “الرئيس الحريري يعيش في السعودية بإرادته”، مضيفا أنه “مواطن سعودي كما هو لبناني، وجاء للمملكة ويعيش هنا مع عائلته بإرادته ويستطيع أن يغادر وقتما يشاء”. ولطالما اعتبر الحريري مقربا من السعودية وأبرز حلفائها في لبنان. وكذلك كان والده رفيق الحريري الذي اغتيل في تفجير مروع في بيروت في العام 2005، حيث تتجه أصابع الاتهام إلى حزب الله والنظام السوري. وأبدى محللون بعد استقالة الحريري مخاوف من حصول تصعيد سياسي أو أمني في لبنان، ومن تأثير ذلك على الوضع الاقتصادي. وكتبت صحيفة “النهار” اللبنانية الجمعة “كل ما طرح ويطرح من سيناريوهات لمرحلة ما بعد الاستقالة يبدو ضربا من التكهنات”، مضيفة أن “التخوف من تفاقم الأزمة لم يغب”. وقال عون إنه لن يقبل استقالة الحريري قبل أن يعود إلى لبنان ويؤكد له رغبته بالاستقالة ويبحث معه في أسبابها. وشكّل الحريري حكومته قبل عام بموجب تسوية سياسية أتت أيضا بميشال عون، أبرز حلفاء حزب الله، رئيسا للجمهورية بعد فراغ رئاسي استمر عامين ونصف العام. وشهد لبنان منذ ذلك الحين هدوءا سياسيا نسبيا، لم يعكره إلا تدخل حزب الله في أزمات المنطقة. وكان الحريري قال في مقابلة تلفزيونية مساء الأحد إن سبب استقالته هو عدم احترام حزب الله سياسة النأي بالنفس التي كانت أحد البنود التي أتت بمقتضاها تسوية العام الماضي. وربط تراجعه عن الاستقالة “باحترام النأي بالنفس والابتعاد عن التدخلات التي تحدث في المنطقة”. وأكد الجبير الخميس أن “الأزمة في لبنان سببها حزب الله الذي اختطف النظام اللبناني وعرقل العملية السياسية وأصبح أداة بيد الحرس الثوري الإيراني”. وتابع “حزب الله منظمة إرهابية من الطراز الأول”، معتبرا أن “إيران تستخدم حزب الله لهز الاستقرار في لبنان والمنطقة”. ومن جهتها أبدت باريس قلقا من تدخلات إيران ومساعيها للهيمنة على المنطقة، وهذا أثار غضب طهران التي ردت خارجيتها باتهام فرنسا بـ”الانحياز” مؤكدة أن سياستها تؤجج الأزمات في الشرق الأوسط. ويرى مراقبون أن غضب إيران ليس فقط لجهة تصريحات باريس بل أيضا لجهة أنها ساهمت في إعادة تهدئة الأمور التي كانت ترغب في استثمار أجوائها.
مشاركة :