خبراء يحذرون من تردي الأوضاع المائية في الوطن العربي

  • 5/22/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

شرم الشيخ - محمد باقر أوال حذر خبراء ومختصون في قضايا المياه والمناخ والطاقة من تردي الأوضاع المائية والمناخية خلال الأعوام القليلة المقبلة ما لم يتم وضع الخطط وآليات التنسيق والتعاون بين الدول العربية. وأكدوا خلال مؤتمر «المرونة الاجتماعية والبيئية والزراعية في مواجهة التغيرات المناخية» الذي أقيم في (9 - 14 مايو/ أيار 2015) بشرم الشيخ، أن الوطن العربي يعاني من عدد من التحديات في مجالات المياه والتي لابد من إيجاد الحلول لها قبل فوات الأوان، معتبرين أن ندرة المياه النظيفة وانخفاض كفاءة استخدام المياه ستؤديان إلى ثورات وصراعات. وقالوا: «لا يمكن مواجهة آثار التغيرات المناخية إذا بقي إدماج مفهوم المرونة والتكيف مع هذه التغيرات على مستوى الاستراتيجيات الوطنية من دون إدماج المجتمعات المحلية وخاصة الأضعف والأكثر عرضة للتأثر بهذه التغيرات». واعتبر الخبراء خلال إعداد برنامج بناء القدرات بشأن «تعزيز المرونة في مواجهة تغير المناخ» أن «شرائح المجتمع الضعيفة والهشة هي الأكثر تأثراً بعوامل التغير المناخي، وأن تعزيز مرونة هذه الشرائح يجب أن يكون أساس أي نشاط وسياسة لمواجهة التغير المناخي». وأكدوا خلال ورشة سبقت المؤتمر وحضرها عدد من الخبراء على مستوى الوطن العربي، ضرورة إشراك الشرائح من المجتمعات المحلية الأكثر هشاشة وعرضة لتأثيرات التغيرات المناخية، الأمر الذي يؤدي الى تحسين التكيف مع هذه التغيرات، وتطوير وتنفيذ خطط مرونة للمدن والقرى المختلفة. من جهته، تحدث خبير المياه وتغير المناخ في جامعة الدول العربية ومستشار هيئة التعاون الدولي الألمانية حمو العمراني، عن التغير المناخي وعلاقته بالمياه والطاقة، قائلاً: «التغير المناخي له تأثير كبير على الطاقة والمياه ما يعكس تأثيره على الغذاء، وهناك تحديات تطرحها الدولة للتنمية المستدامة من أجل إيجاد حلول للمشكلات التي تواجهها الدول». وأوضح «ربما نشهد ثورات من أجل البقاء وذلك راجع إلى ارتفاع الكثافة السكانية وقلة الموارد المائية، ما يساعد على ارتفاع في تكلفة الغذاء». أما بشأن تحقيق الأمن الغذائي، أوضح حمو العمراني «أن يكون هناك اكتفاء ذاتي للدول من مصادر المياه، وهذا ما ينقص الدول العربية، إذ تفتقر لكثير من مصادر المياه، وإن وجدت الأرض الصالحة للزراعة إلا أنها تنقصها المياه». ويعتقد االعمراني أن «العلاقة بين هذه القطاعات ستؤدي إلى وضع تخطيط مناسب تساعد على إيجاد مصادر سواء للمياه أو الطاقة تسمح بضمان الحد الأقصى من الأمن الغذائي في ظل الظروف التي نتعايشها». وأوضح أن «هناك تنسيقاً بين الدول العربية في مجالات عدة منها التغير المناخي، وأن التحدي هو الآلية التي يعمل بها من أجل التنسيق بين القطاعات الثلاثة ككل كقطاعات مستقلة عن بعضها البعض». مضيفاً «ضرورة توفير الحد الأدنى من الأمن الغذائي لكي لا نشهد ثورات تنبئ بالخطر المعيشي، والنتيجة أن كلفة المياه أصبحت ثقيلة على الموازنات، ولكي ننتج مياهاً أكثر نستهلك طاقة أكثر فأصبحت كلفة الطاقة ضحية لقرارات تتخذ في قطاعات المياه». من جانبه، قال مدير برنامج إدارة المياه والتغير المناخي في الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة - مكتب غرب آسيا مفلح العبادي: «إن أهمية الاجتماع يتجسد في التوصل لخطوات عملية لإدماج الجهات المعنية والمتأثرة بتغير المناخ في المشاركة في تشخيص هذا التأثر والخروج بنشاطات ومشاريع للتكيف مع هذه التغيرات المناخية». واضاف «يهدف الاجتماع إلى تعزيز أدوات المرونة والوصول إلى توصيات بشأن تطوير استراتيجيات وخطط تشاركية مرنة لمواجهة آثار التغيرات المناخية على المستويات الوطنية والمحلية». وتابع «كما يسعى اللقاء إلى تطوير برنامج بناء القدرات بشأن «القدرة على مقاومة تغير المناخ»، ليتم تعميمه على مختلف الجهات المشاركة من دول الإقليم للعمل على تطبيقه، إضافة إلى تصميم دليل تدريبي لاستخدامه في تنمية القدرات الوطنية والإقليمية لتعزيز صمود المجتمعات في وجه التغير المناخي وخاصة في قطاع المياه». وشرح بأن «المرونة تعد قضية جديدة نسبياً في التغير المناخي، وهذا يتطلب تعزيز منهجيات المرونة على الإصرار الأولي للبدء بتطبيقها وخلق حوار فعال بين مختلف الأطراف إضافة إلى بناء علاقات تشاركية مع كل الجهات المعنية وزيادة الوعي بالتغيرات المناخية وآثارها للتغلب على مقاومة التغيير». من جانب آخر، كشف مجموعة من الخبراء خلال مؤتمر «تبادل المعرفة والخبرات في مجالات حماية الطبيعة والمياه»: أن «العالم بأجمعه يعاني من مشاكل في توفير المياه الصالحة، إلا أن هذه التحديات تتعاظم في الوطن العربي الذي يعاني من ارتفاع في السكان وانخفاض تبادل المعرفة والمعلومات بين الدول العربية». وأكدوا أن «كفاءة استخدام المياه تسجل ارقاماً منخفضة في الوطن العربي وتصل إلى 40 في المئة في حين أن الأعداد المطردة من السكان تطالب بمزيد من الغذاء وهو ما يعني مزيداً من المياه لصالح الزراعة». وخلال مداخلته، قال المدير التنفيذي للمجلس العربي للمياه حسين العطفي: «إن العالم أصبح يعاني من مشاكل في المياه والتنمية المستدامة مبيناً أنه في حال استمر استهلاك البشر بالوتيرة نفسها حاليا فإننا سنشهد ثورات في الأعوام المقبلة من أجل توفير المياه»، مضيفاً «إننا بحاجة إلى زيادة في الإنتاج بواقع 70 في المئة خلال الأعوام المقبلة». وأضاف أن «العالم انتقل من الحديث عن الأهداف الألفية إلى الحديث عن التنمية المستدامة وحماية الموارد الطبيعية». وتابع أن «هناك 80 مليون إنسان عربي لا يوجد لديه مياه نظيفة، وأكثر من 90 مليون عربي لا يوجد لديهم شبكة صرف صحي». وأكد أن «الموارد المائية تعتبر حالياً من عناصر قوة الدولة الا أنه لا يكفي امتلاك المياه أو الموارد المائية، معتبراً أن تقدم الدول لا يقاس فقط من خلال امتلاكها للموارد الطبيعية بل أيضاً من خلال امتلاكها للمعرفة لإدارة هذه الموارد بأفضل الطرق». وأشار إلى «أهمية إدخال مفهوم التغيرات المناخية في رسم السياسات في المنطقة العربية، مبيناً أنه مازالت المنطقة العربية بعيدة عن الاستثمار في التغيرات المناخية». وبين أنه «خلال الـ 50 عاماً المقبلة فإن الوطن العربي سيمر بأزمة مياه في حال لم تتغير السياسات بهدف رفع كفاءة استخدام المياه إضافة إلى رفع وزيادة إنتاجية الغذاء لتلبية حاجات الأعداد المتزايدة من السكان». واعتبر أن «التحدي الاكبر الآن في كيفية تعزيز التعاون العربي المشترك وتبادل الخبرات والمعلومات، إضافة لمجموعة تحديات أخرى من أهمها تبادل الخبرات والمعلومات وما أنتجته الصراعات والهجرات القصرية من استنزاف للموارد». بدوره قال وزير المياه والري المصري، عماد غازي: «إن نصف المياه السطحية في الوطن العربي تأتي من خارج حدوده، وهو ما يضيف تحدياً كبيراً على الموارد المائية في الوطن العربي». واعتبر أن «المياه الجوفية في الوطن العربي في معظمها غير متجددة، مبيناً ضرورة التعاطي مع هذه التحديات لتجاوزها، ومؤكداً أن مشكلة المياه أصبحت عالمية ومن أكبر التحديات التي تواجه البشرية حالياً». كما قال مدير مشروع المياه والتغيرات المناخية في الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة مكتب غرب آسيا مفلح العبادي في مداخلته: «إن المشروع يعمل على أربعة مستويات وهي المستوى الإقليمي والوطني ومستوى المحافظات والألوية ومستوى المجتمعات المحلية». وبين أن «المشروع أيضاً يعمل على أربعة محاور وهي حوكمة المياه والتغير المناخي والمياه والطاقة والأمن الغذائي وتكنولوجيا إدارة المياه والتي تعتبر أهم التحديات في الوطن العربي بشكل عام». وأشار العبادي إلى أن «المؤتمر سيعمل على تسليط الضوء على قضايا التعاون وتبادل المعلومات والخبرات والتي اعتبرها العبادي من أهم عوامل تجاوز المشاكل والتحديات التي تعاني منها الدول العربية». ويشارك في المؤتمر أكثر من 100 من الخبراء والنشطاء من الجمعيات والمؤسسات المعنية بقضايا التغيرات المناخية والمياه في الوطن العربي ومن 14 دولة إضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والتعاون الألماني والاتحاد الدولي لحماية الطبيعة. إلى ذلك، قال الباحث العلمي في المعلوماتي الأورومتوسطي للمعرفة في مجال المياه (فرنسا)، جواد الخراز: «إن شبكة المعرفة الإقليمية لمنهجيات إدارة موارد المياه (أرنو) تهدف إلى نشر المعرفة بشأن المنهجيات المنتظمة للإدارة المستدامة للموارد المائية في المنطقة العربية التي تعاني كما هو معروف من شح المياه وتفاقم أثر التغير المناخي على الموارد المائية». وأضاف «ونقصد بالمنهجيات المنتظمة مجموعة من الأدوات والطرق المستخلصة من أنجح المشاريع والتجارب في المنطقة فيما يخص المحاور الأربعة الأساسية للشبكة، وهي: حوكمة المياه، التغير المناخي، رابطة المياه، الطاقة والتغذية وكذلك تكنولوجيات المياه، والتي يمكن أن تطبق على الأرض بشكل سلس ويمكن نقلها بيسر إلى مناطق مختلفة من الوطن العربي». وتابع «هكذا أطلقت الشبكة موقعاً إلكترونياً مع مطلع سنة 2014، وضمّنته قاعدة بيانات معرفية يتمّ من خلالها نشر تلك الدراسات والدلائل الاسترشادية التي تتطرق إلى المنهجيات المنتظمة المعتمدة في المشاريع والدراسات الميدانية في المحاور المذكورة آنفاً». وتستند الشبكة إلى شبكات وطنية للمعرفة وشبكات موضوعاتية عابرة للأوطان تهتم بإنتاج ونشر المعرفة في المواضيع المشار إليها آنفاً. وذكر جواد أن «مشروع «أرنو» يضم خمس دول، هي: لبنان، الأردن، فلسطين، المغرب ومصر، بهدف التأثير على السياسات وعمليات صنع القرار كوسيلة لتعزيز الحوكمة الرشيدة في قطاع المياه»، مضيفاً أن الباب مفتوح لانضمام منظمات ومراكز تميز في المحاور الأساسية للشبكة من مختلف الدول العربية». إلى ذلك، شدد خبير الاستراتيجيات والسياسات المائية في إقليم كردستان العراق، رمضان حمزة على أن «ما أثير بشأن ما تم مناقشته في ورشة العمل بشأن «سلامة ونزاهة المياه لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)»، فإن ما نوقش فيه من أهمية النزاهة في إدارة المياه، وطرق لتحسين الشفافية والمساءلة والمشاركة لإدارة المياه بشكل أفضل وإدارة أكثر استدامة». وأضاف «يهدف البرنامج إلى تطوير قدرات مختلف أصحاب المصلحة من أجل سلامة المياه في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي تحسين ممارسات الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد المائية». وتابع، «شهدت الورشة التي أقيمت قبل المؤتمر وتحديداً في 11 مايو/ أيار 2015، اجتماعاً لفريق الخبراء لإعداد برنامج بناء القدرات في»التنمية والمرونة في مواجهة تغير المناخ» لتوضيح مجموعة من الأدوات المنطقية والإطار العملي للأنشطة في قطاع المياه على أساس المشاركة لتخفيف التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ على المياه والزراعة». وأضاف «تتطلع هذه الأدوات إلى دعم جميع المعنيين في تصميم مبادرات التكيف القابلة للقياس والقابلة للتحقق، والإبلاغ عنها عن طريق تقديم خطوة بخطوة التوجيه على العملية. على هذا النحو، فإنه يسعى إلى الإجابة على السؤال التالي: ما هي الخطوات الأساسية في التخطيط وتصميم مبادرة التكيف، ويمكن القول بأن الهدف من هذه الأدوات هو تقديم التوجيهات والتوصيات بشأن كيفية تطوير تغير المناخ واستراتيجيات وخطط التشاركية المرنة على المستويات الوطنية ومن دون الوطنية والمحلية. حيث يجمع الخبراء الإقليميون، من وكالات مختلفة بأن تغير المناخ موضوع مثير للاهتمام وخاصة استخدام المياه في الزراعة والتنوع البيولوجي، وتم الاتفاق على وضع برنامج لبناء القدرات على «المرونة تجاه تغير المناخ» وتصميم دليل تدريبي لاستخدامها في تنمية القدرات الوطنية والإقليمية للتعزيز الاجتماعي».

مشاركة :