تمييز «قانوني» بين المرأة والرجل قد يدفع ثمنه الأولاد

  • 5/22/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

دفع الرضيع قيس ثمن الخلافات بين أمه وأبيه آلاماً، فيما أجهزت التشريعات التي تميّز بين الرجل والمرأة على حياته، بعد أن ظل يتلوّى أياماً بانتظار أن يوافق والده وفق القانون على إجراء جراحة له تنقذه من تشوّه خلقي يهدد حياته. الوالد الذي كان يماطل في التوقع على الإجراء الطبي، وجد في آلام طفله الذي لم يمضِ على ولادته في عملية قيصرية أيام، فرصة للانتقام من زوجته وهي تشاهد رضيعها يعاني ألماً. وكانت الفحوصات الطبية التي أجريت للطفل قيس بعد الولادة القيصرية أظهرت وجود ماء في رئتيه، وانسداد داخلي في فتحة الشرج، ما تطلّب تدخلاً طبياً فورياً ونقله إلى العناية المركّزة، بيدَ أن الطاقم الطبي اصطدم برفض الأب التوقيع على الموافقة لإجراء الجراحة، على رغم تأكيدات الطاقم أن لقيس فرصة جيدة بالبقاء على قيد الحياة. وتلقي هذه الحادثة الضوء على ما تعانيه المرأة الأردنية من تمييز في التشريعات، التي تعطي الأب فقط دون الأم حق الموافقة على الإجراء الطبي اللازم للأولاد القُصّر. وينص قانون العقوبات الأردني وفق المادة 62، على أنه «لا يعد الفعل الذي يجيزه القانون جريمة في العمليات الجراحية والعلاجات الطبية المنطبقة على أصول الفن، شرط إجرائها برضا العليل أو رضا ممثليه الشرعيين أو في حالات الضرورة الماسة». فيما تعرّف المادة 123 من القانون المدني الولي، بأنه الأب أو وصي أبيه، أو الجد، أو وصي جده أو المحكمة. ولا تعترف بأي وصاية للأم في حالة غياب الأب. كما تشترط المادة 18 من الدستور الطبي موافقة ولي الأمر على إجراء أي تدخّل جراحي للأبناء القُصّر أو فاقدي الأهلية. ووفقاً للإجراءات المتبعة في المستشفيات الأردنية، ووفق تعليمات وزارة الصحة، فإنه في حال تعذّر الحصول على موافقة من الولي الشرعي، يُلجأ إلى المدعي العام لتكون بذلك الدولة هي الولية على الطفل وبالتالي أخذ الموافقة. غير أن هذه التشريعات وإن كانت مفصلة في هذه الحالة إلا أنها تكون ظالمة للأطفال والأم معاً، خصوصاً عندما تكون الأم مطلّقة أو منفصلة عن زوجها بسبب خلافات زوجية شديدة وبينهما دعاوى لدى المحاكم، فيما يكون الجد من جهة الأب متوفًى عادة بسبب كبر سنه، ما يحرم المرأة في مثل هذة الحالات من رعاية أطفالها رعاية حقيقية. وقد نبهت هذة الحالة المجلس الوطني لشؤون الأسرة في الأردن، حيث يستعد إلى إطلاق حملة كسب دعم وتأييد لتعديل التشريعات بما يبيح للأم إعطاء الموافقة على إجراء تدخلات طبية وجراحية للأبناء في حال غياب الأب أو رفضه. كما دفعت هذه الحادثة إلى تنادي مجموعة من الأمهات وفي مقدمهن ريم الجازي لرفع عريضة إلكتــــرونية تــحت عــنوان «حياة ابني مسؤوليتي» إلى مجلس النواب، تؤكّد ضرورة المساواة بين الأب والأم فيما يتعلّق بإعطاء الموافقة على إجراء التـــدخّــلات الطـــبية والجـــراحــية لـلأبنــاء القُـصّر. وتحت تأثير الجدل الواسع الناجم عن هذه الحادثة في الرأي العام الأردني لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي، أحال المدعي العام في محافظة الزرقاء (مكان وقوع الحادثة شمال شرقي عمّان) والد قيس إلى محكمة الجزاء البدائية، بتهمة «ترك قاصر من دون رعاية ما عرّض حياته للخطر والموت لاحقاً». واعتبر المحامي إسلام أبو حيدر ما حدث مع قيس جريمة ارتكبت بحقه بسبب قصور قانوني، مؤكداً أن إعادة النظر بنص المادة 132 المتعلّق بالوصاية، مسؤولية وطنية تقع على عاتق الجميع. وقال أن السمة الأساسية للقانون هي القدرة على مواكبة التطور، مشدداً على ضرورة «أن ينتبه المشرّع إلى المتغيرات لاسيما أننا نعيش في عصر العولمة». وأوضح أبو حيدر أن النصوص القانونية وضعت لتحقيق الاستقرار والعدالة، غير أن نص المادة 123 من القانون المدني التي تتحدث عن (الولاية) وتنص أن «ولي الصغير هو أبوه ثم وصي أبيه ثم جده الصحيح ثم وصي الجد ثم المحكمة أو الوصي الذي نصبته المحكمة»، هو من تسبّب بوفاة الطفل الذي كان يعاني من مرض ويحتاج إلى إجراء طبي عاجل لإنقاذه، لأن النص أعطى الأب الحق بالولاية فيما جرّد الأم من هذا الحق الذي يُعتبر من أبسط حقوقها. وأشار إلى «أن المتغيّرات التي أحاطت بالمجتمع وأدّت إلى رفع نسبة حالات الطلاق، تفرض علينا إعادة النظر بحق الولاية. وكما هو حق الحضانة مقدّس للأم، فإن حق الولاية مقدّس». وبالنسبة للمادة 18 من الدستور الطبي الأردني التي تنص على أن: «إذا طُلب الطبيب في شكل طارئ لإسعاف مريض عاجز أو فاقد لقدرته على التصرّف، ولم يتمـــكّن من الـــحصول على الموافقة القانونية في الوقت المناسب مع تــــثبيت ذلك فــي حينه، عليه أن يقوم بالمعالجة اللازمة من دون النظر إلى أي اعتبار آخر»، طــــــالب أبو حيدر بإضافة عبارة «بحــــالة امتناع أو تهرّب أو مراوغات الولي عن القيام بالإجراءات القانونية اللازمة، على الطبيب إجراء العملية».

مشاركة :