يجمع المراقبون على اعتبار أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يواجه حقبة سياسية مليئة بالمؤشرات الإيجابية التي سيكون لها تأثير على الاستحقاق الانتخابية المقبلة ...أول هذه المؤشرات بوادر الانتعاش الاقتصادي الفرنسي التي بدأت تلوح في الأفق و التي يؤكد معظم الخبراء أن انعكاساتها على سوق العمل ستكون واضحة المعالم في الأشهر المقبلة ...وكان الرئيس هولاند أكد مرارا انه لن يفكر في تقديم ترشيحه لولاية ثانية للانتخابات الرئاسية لعام ألفين و سبعة عشر إلا في حال استطاعت حكومته خفض نسبة البطالة و خلق فرص عمل جديدة ...و جاءت هذه المؤشرات الاقتصادية لتعطي الانطباع بان الرئيس هولاند في طريقه لربح هذا الرهان و تقديم الحجة للرأي العام الفرنسي بأنه قادر على تغيير مسار الأزمة الاقتصادية التي تعيشها فرنسا منذ سنوات طويلة . المؤشر الثاني الذي يلقي بأضوائه الساطعة على فرانسوا هولاند وهو الحدث الاستثنائي الذي عاشه الحزب الاشتراكي عندما عقد مؤتمره لتحديد ملامح خياراته السياسية ...قبل هذا الموتمر كانت هناك تخوفات من ان ينقسم الحزب بين مؤيد للرئيس هولاند و رئيس حكومته مانويل فالس و بين متمرد على سياسته الاقتصادية و غاضب على منعطفها الليبرالي .. و كان التخوف من ان يظهر انقسام بنيوي داخل الحزب الاشتراكي يضعف الأداء الحكومي لليسار الحاكم ...و كم كانت المفاجأة سارة للرئيس هولاند عندما اكتشف ان أيقونة التيار الغاضب من سياسته و هي مارتين اوبري التحقت و ساندت المقاربة المتضامنة مع الرئيس هولاند و جنبت حزبها خلافات جوهرية قد تسهل مأمورية اليمين و حملته المتنقذة لحكامة اليسار... بالإضافة إلى هذين العاملين يواجه فرانسوا هولند مرحلة متميزة قد تساهم في تلميع صورته ورفع أسهمه في المعارك الانتخابية المقبلة. الميزة الأولى لهذه الحقبة لها علاقة بوضع اليمين بزعامة نيكولا ساركوزي ..فالرجل يواجه صعوبة كبيرة في إقناع شركائه في تغيير اسم الحزب من اتحاد من احل حركة شعبية الى الجمهوريون و صياغة مشروع سياسي ينافس في قدرته الانتخابية حزب الجبهة الوطنية بزعامة مارين لوبين بالإضافة الى التهديدات القضائية التي قد تضع حدا لطموح ساركوزي الرئاسي و ترغمه على الخروج من الحلبة السياسية الفرنسية ...أما الميزة الثانية فتكمن في الظرفية الدولية التي يعيشها العالم و التي تفرض تغييرات و مواقف قوية من اجل محاربة الإرهاب وضمان استقرار العالم و حمايته من مختلف التهديدات و بلورة مبادرات سياسية ذات أبعاد دولية.. وقد اظهر الرئيس هولاند أن رجل قادر على استغلال هذه الظرفية سواء تعلق الأمر بالمسرح الإفريقي أو العراقي لاتخاذ المبادرات العسكرية الضرورية و استقطاب الأضواء و قد تحولت في عهده باريس الى عاصمة اللقاءات الدولية التي تضع على أولويته أجندتها محاربة الإرهاب و ضمان استقرار العالم ...و هو معطى حيوي قد يساهم بشكل كبير في تلميع صورة الرئيس فرانسوا هولا ند ..
مشاركة :