يعيش الفلسطينيون على أعصابهم وهم يتابعون المفاوضات المصيرية في العاصمة القطرية الدوحة، في انتظار الخروج من عنق الزجاجة، في وقت بدت فيه المنطقة مشدودة إلى حبلين: أحدهما مصيري بالنسبة لأهل غزة، وربما يحدد مستقبلهم مع الحرب المدمرة، والمستمرة منذ ما يزيد على عشرة أشهر، فيما الآخر موصول بالشطر الثاني من المواجهة. وترسم مفاوضات الدوحة الخطوط الحمر على صعيد الجبهتين، في مهمة صعبة لإحداث اختراق، ولن يقاس نجاحها بهذا المستوى إلا إذا أفضت بالفعل إلى اتفاق ينهي الحرب في قطاع غزة، ويقطع الطريق على مطحنة جديدة في الإقليم تصدع رؤوس المتابعين والمراقبين، ومن المؤكد أن ارتداداتها سوف تتشظى بها شعوب المنطقة قاطبة. وفق مراقبين فإن المنطقة ترقد على صفائح ساخنة، فطاحونة الحرب مستمرة في قطاع غزة، ولا تحصد إلا المدنيين العزل، فيما لبنان يهتز على وقع خطوط الاشتباك، التي عصفت ببلاد الأرز، وبين هذا وذاك دخل العالم أجواء العد العكسي لفصل آخر من المواجهة بين إيران وإسرائيل، ومن هنا تبدو الكأس طافحة بالذعر والهلع من أتون حرب شاملة. يقول الكاتب والمحلل السياسي رائد عبد الله، إن العالم بدأ يستشعر مخاطر قرب احتراق المركب بأكمله في المنطقة، وهو يدرك أن نقطة التحول تبدأ من غزة، ولذا تزحف الجهود السياسية في مفاوضات الفرصة الأخيرة، ولا أحد يمكنه الجزم أو التنبؤ بمجريات الأمور في حال انهارت مفاوضات الدوحة. ويضيف لـ«البيان»: «المنطقة برمتها تتبع آثار المساعي الدبلوماسية، وترصد الوساطة بين حركة حماس وإسرائيل، وخلف ستار مفاوضات الدوحة، هناك ضغط أمريكي على الجانبين، والأمور مرهونة بانكشاف النوايا، فحماس تصر على تنفيذ الوسطاء ما وافقت عليه في وقت سابق استناداً للمقترح الأمريكي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يبدو كمن يستجلب الرد الإيراني كي يطيل أمد الحرب على غزة». براءة ذمة ويرجح مراقبون ألا تبادر إيران للرد بضربة على تل أبيب خلال مفاوضات الدوحة، حتى لا تظهر على أنها تسعى لإفشالها، وبالتالي تمنح نتنياهو براءة ذمة من وضع العصي في دواليب المفاوضات، وعرقلة مسار التهدئة، وإزاء ذلك يبني المحللون تقديراتهم بأن المباحثات في قطر، ربما تكون المنقذ الأخير للمنطقة، من الوقوع في هاوية صدام جديد. وفيما أزاح نتنياهو عن نفسه مسؤولية عرقلة المساعي السياسية بقوله إن حماس هي من طالبت بالتعديلات على المقترح الأمريكي للتهدئة نُقل عن قائد حماس الجديد يحيى السنوار، في أول تصريح له، إن المشاركة في المفاوضات مرهونة بالهدوء التام في قطاع غزة، ووقف إسرائيل عملياتها، وإن كان ذلك من دون انسحاب. رسالة صارمة ويبقى التقاذف المسبق للمسؤولية عن تعطيل الجهود السياسية هو سيد الموقف، فيما يصفه مراقبون بالقنابل الدخانية والمناورة، وإخلاء مسؤولية عن الصدام المفزع، الذي يتهدد المنطقة، وسيرمي بها نحو الأسوأ، إذا لم تخرج من عنق زجاجة الدبلوماسية. وتقول مصادر واسعة الاطلاع على المباحثات، إن الأطراف المعنية والشركاء الإقليميين والدوليين يحملون رسالة صارمة، مفادها أن أفق المناورة بدأ يضيق، فيما نار الحرب سيكتوي بها الجميع، وإن بدت غزة مرشحة لأن تكون أكثر من يدفع الثمن، وإن لم تجنحوا للسلم فإن خيار الحرب سيكلفكم الكثير من الدماء والدمار. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :