مرتديًا معداته المعتادة استعد تامر سلمان للنزول تحت سطح البحر الأحمر بمنطقة رأس محمد، وهو أمر ليس بالصعب عليه، خاصةً أنه يؤديه على مدار عقد كامل آنذاك، إلا أن غوصه وهو حامل على كتفيه كرسيًا متحركًا، تجلس عليه سيدة من أصحاب الهمم، غير من الصورة التى ألف عليها العامة. على هذه الشاكلة تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى صورة «سلمان»، خلال غوصه تحت سطح الماء على بُعد 24 مترًا، وهو يحمل سيدة لا تقوى على التحرك إلا بكرسى متحرك، وهو ما جذب انتباه المتابعين خلال الأيام الماضية بردود أفعال لطيفة من جانبهم. ورغم حداثة الصورة إلا أن الحدث ذاته يعود إلى العام 2012 حسب رواية «سلمان» لـ«المصرى لايت»، والذى يكشف أن الوصول إلى هذه اللحظة كان وراءه 4 أعوام استعدت فيها السيدة الإنجليزية سو أوستن، المصابة بضمور فى العضلات، على أكمل وجه. يعود «سلمان» بذاكرته إلى العام 2002، حينما بدأ عمله فى مركز للغطس وأصبح فيها مدربًا محترفًا معترفًا به من قِبَل المنظمة الدولية، وخلال هذه الفترة كانت السيدة «سو» طبيعية وتتعامل مع المكان وتدربت فيه، فهى غطاسة بجانب عملها كمخرجة وفق قوله. ومع تقدم عمرها سنة تلو الآخرى اشتد عليها المرض الذى شخصه الأطباء بضمور فى العضلات، ما ترتب عليه قلة حركتها، حتى اختفت عن أنظار المركز لـ4 أعوام، لكنها قررت أن حياتها لم تنته بجلوسها على الكرسى المتحرك، مقررةً إكمال نشاطها فى الغطس وهى قعيدة حسب «سلمان». وسعت «سو» لتحدى ظروفها بالغطس وهى على الكرسى المتحرك، ومن ثم تدربت لعامين على نزول الماء بمساعدة فريقها الخاص، إلى أن جاء وقت التطبيق العملى، حينها تلقت عروضًا من ماليزيا وتايلاند وجزر المالديف، لكنها أخبرتهم بأمنيتها فى الغوص تحت سطح البحر الأحمر. فى هذه اللحظة راسل فريقها الخاص المركز الذى يعمل فيه «سلمان» حسب روايته، وقتها كان المسؤول الأول عن أصحاب الهمم، وسبق له الغوص رفقة حالات أصعب منها حسب روايته، ليتولى أمرها بجانب مدربة إنجليزية. يقول «سلمان» إن «سو» حوّلت أول كرسى متحرك استخدمته بعد إصابتها إلى سفير يأخذها من البر إلى تحت سطح الماء كالغواصة، وزود المقعد بجناحات ومواتير وأدوات غطس بشكل جمالى، وبصفته المسؤول عنها عرض على فريقها تعديل بعض الأمور وأدخل أسلوبًا جديدًا فى التعامل: «كنت بلبسها ماسك بعد التصوير تحت الماء، ونضارة سباحة تحت نضارة الشمس الكبيرة لأن عندها قدرة وإصرار وتحمل، النشاط كان فى فبراير، يعنى كانت بتفقد الحرارة بسرعة لأنها لابسة فستان». ولم يتحمل «سلمان» مسؤولية «سو» فقط، بل وضع على عاتقه سلامة إخراج عملية التصوير على أكمل وجه، فالمصور غير محترف للغطس وفق قوله: «كنت بنزل معها وقبل التصوير أغطس بالمصور عشان يثبت، ويشارولى إنه خلص تصوير فأروح لها». ينوه «سلمان» إلى أن النشاط مسجل فى فيلم وثائقى، وفيه ظهرت «سو» كـ«حورية الماء» حسب تعبيره، وكان هذا بهدف عرضه فى حفل افتتاح دورة الألعاب البارالمبية المقامة فى لندن وقتها. هذا الحدث ورغم تفرده إلا أن الإعلام العالمى هو الوحيد الذى تناوله بالتغطية اللازمة وفق «سلمان»، والذى أشار إلى أن «سو» ذكرت فى أحاديثها للخارج عمن ساعدوها، كما ذكرت ما شاهدته فى البحر الأحمر ومصر. أما عن عدم تناول الإعلام المحلى للحدث، يرجع «سلمان» هذا إلى الحرص على سرية التجربة تحسبًا لفشل الغطس بالكرسى المتحرك، فيما لم يستطع هو ورفاقه إيصال الأمر إلى المصريين من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، نظرًا لظروف البلاد فى الفترة 2011: 2013 التى كانت مضطربة. يعرب «سلمان» حزنه جراء عدم تكريمه من قِبَل المسؤولين وقتها، رغم إقدامه على هذا الفعل لأجل مصر، كما لم يتقاض جنيهًا واحدا، بل بذل أمواله فى سبيل التعافى من الإصابات التى تعرض لها، كان أبرزها كسر فى عظم الشظية، ولم يبلغ «سو» حينها بما ألم به حتى لا يتوقف العمل: «الطبيب خيرنى بين التدخل الجراحى والحقن بالكورتيزون، وفجأة أخبرنى أن الشظية اختفت بعد إجراء 3 أنواع من الأشعة، كانت مفاجأة». بعد استعراض ملابسات النشاط، غير «سلمان» مجرى حديثه إلى سبب علم العامة بما حققه من 7 سنوات منذ أيام، مشيرًا إلى أن الأمر يعود إلى صفحة على موقع «فيس بوك» تُدعى «قناة شرم الشيخ»، فالقائمون عليها أعدوا ما يُسمى بـ«الحصاد السنوى» بغرض إبراز الأشخاص الذين قدموا أعمالًا طيبة داخل المدينة، ومؤسسها تواصل معه طالبًا منه أن يذكر أفضل ما حققه طيلة مسيرته حتى يتعرف عليه الناس، فكانت الصورة التى يظهر فيها وهو يحمل «سو» خلال جلوسها على الكرسى المتحرك تحت سطح الماء. وفوجئ «سلمان» من ردود الفعل الإيجابية من خلال التعليقات، فمنذ انتشار الصورة لم يستطع النوم حسب قوله، حتى إن من تهكموا عليه قدموا اعتذارهم له بعد معرفة القصة كاملةً، معربًا عن أسفه لعدم قدرته على شكر كل شخص تحدث بالإيجاب: «عندى شعور بالذهول والفرحة لدرجة لا يتخيلها أحد». ولم يستطع «سلمان» التواصل مع «سو» فى الآونة الأخيرة لخوضها مرحلة تأهيلية استعدادًا لمشروع جديد: «هو عبارة عن مزج بين طيران وغطس، هى تدربت على الطيران بالباراشوت المتحرك فى فرنسا لـ6 شهور، وتعرضت لعدة إصابات، فهى تهدف لإتمام جولة طيران، ثم تهبط على الماء، حينها سأكون جاهزًا بآلية الغطس لتكملة الرحلة تحت السطح». تخرج تامر سلمان فى كلية التربية الرياضية بجامعة المنوفية، وهو مدرب سباحة ويحمل شهادات إنقاذ من مصر والمنظمة الدولية، وأقدم على ما يقرب من 9000 غطسة، كان من بينها كثير مع أصحاب الهمم: «فى مرة نزلت مع 5 من ذوى الإعاقة». يقيم «سلمان» حاليًا فى روسيا، حيث اعتاد على قضاء فصل الشتاء بها، فهناك حصل على دورات تدريبية عن الرياضة والإعداد البدنى، فيما يعمل بنظام الـ«فريلانس» حتى يتسنى له قضاء الصيف فى الغردقة، التى افتتح فيها شركة لتنظيم الرحلات كالسافارى وغيرها.
مشاركة :