ألقت الأزمة الإقتصادية بظلالها على الأجواء الإحتفالية في العاصمة اللبنانية بيروت، مع غياب الكثير من المظاهر الاحتفالية بعيد الميلاد. وشهدت شوارع بيروت والمناطق المجاورة منذ الصباح زحمة سير، إلا أن الزينة التي كانت تملأ الشوارع في مثل هذا الوقت بقيت خجولة جداً، وغاب الناس والأطفال عن الأماكن العامة القليلة في العاصمة. وقالت ريتا وهي أم لطفلين صغيرين، لـ«بي بي سي» وهي تشتري بعض الطعام من دكّان صغير في شارع فرن الشباك التجاري الذي تقطن فيه، إن الوضع الاقتصادي والسياسي "السيء" في البلاد، أثّر على قدرة عائلتها الشرائية. وأكدت أنها لم تستطع شراء ثياب جديدة أو أي هدايا لطفليها. مضيفة: "تأمين الطعام أهمّ". وقالت سيدة أخرى تدعى غريس إنها اضطرت وعائلتها أن يستغنوا عن بعض العادات التي كانوا يتبعونها خلال العيد هذا العام بسبب الأزمة في البلاد. مشيرة الى انهم «قللوا من عدد الهدايا». وقالت إحدى السيدات وهي تدير أحد أكبر محلات الألبسة في فرن الشباك، لـ"بي بي سي عربي" إنّ حركة الشراء أقل بكثير من السنوات الماضية. ففي مثل هذا الوقت من كل سنة، كان الزبائن "يأتون بالعشرات والمئات". مضيفة: يدخل الزبائن اليوم إلى المتجر ويعجبهم الكثير من القطع، إلا أنهم فعلاً غير قادرين على شرائها. وأشارت السيدة الى أنها متأثرة بالوضع الذي وصل إليه اللبنانيون، قائلة: قبل قليل دخلت سيدة وابنتها الى المتجر لشراء قطعتين كهدايا. بلغ سعر القطعتين 20 ألف ليرة فقط بفضل الخصومات. إلا أنّ الزبونتين غير قادرتين على دفع هذا المبلغ. وبلغت الحسومات في أكبر المتاجر في بيروت معدّل 50 في المئة. وهو المعدّل الذي عادةً ما تعلنه المتاجر بعد انتهاء عيدي الميلاد ورأس السنة ولم يختلف في منطقة الأشرفية الوضع، إذ تواجد عدد قليل جداً من المارّة في الشوارع. وسط غياب للحركة الكثيفة المعتادة في المحلات التجارية أو المطاعم. وقال شاب يدعى فراس وهو خارج من أحد المصارف إنّه كان يحاول الحصول على المئتي دولار الذي يسمح مصرفه بسحبهم في الأسبوع. وأكّد أنه تأثر بشدة بالحالة الاقتصادية في البلاد، إذ تم خصم 10 في المئة من راتبه ومن سعر الساعات الإضافية التي يعملها أيضاً. وأشار الى انه وخطيبته اضطرّا الى تخفيض سعر الهدايا التي عادةً ما يقدّمانها الى أفراد عائلتهم الصغيرة إلى حدود الـ15 ألف إلى 30 ألف ليرة لبنانية كحدّ أقصى للهدية. أمّا ميرا فقالت لـبي بي سي عربي إنّها لا تشعر هذا العام أبداً بأنّ العيد قد وصل حقاً ولا بأي بهجة متعلقة به ولا بأي شيء يدعو الى الإحتفال. وتضيف انّها تشعر بأنّ العشاء الذي سيقام هذه الليلة في منزل والديها وكأنه مجرّد واجب عليّ أن أقوم به. وأشارت الى أنها قامت بشراء هدايا، إلا أنّها خفّضت قيمة كل هدية الى النصف بسبب الوضع الاقتصادي الراهن والغموض الذي يلف المستقبل، قائلة: نحن لا نعلم فعلياَ ماذا ينتظرنا وإن كنّا سنحصل على مرتّباتنا في الأسابيع والأشهر المقبلة أم لا، ولا إذا كانت المصارف أو الدولة ستعلن إفلاسها. وأضافت: هناك مستحقات علينا دفعها وهناك خوف كبير لدى الجميع أن يصلوا إلى مرحلة تنعدم فيها الأموال والسيولة لتأمين الضروريات من طعام وكهرباء وغيرها. وتفرض المصارف في لبنان منذ حوالى شهر ونصف الشهر، شروطاً قاسية جداً وغير قانونية لسحب الأموال. كما تمنع المودعين من سحب أموالهم بالدولار حتى ولو كانوا أودعوها بالدولار. ويصل المبلغ الذي تسمح بعض المصارف لزبائنها بسحبه في الأسبوع إلى 200 دولار فقط.، ويتمّ تأمين هذا المبلغ بالليرة اللبنانية وبسعر الصرف الرسمي الذي يتراوح بين 1507 و1518 ليرة لبنانية للدولار الواحد، فيما يترنّح سعر الدولار لدى الصرافين في البلاد كلّ يوم بين 2300 إلى 2000 ليرة لبنانية. وفي وسط العاصمة،استبدل المحتجون بشجرة عيد الميلاد التي كانت السلطات المحلية تهتمّ بإنشائها وتزيينها بآلاف الدولارات، شجرة ميلاد "ثورية تحمل شعارات التنديد بالاوضاع الاقتصادية التي كانوا قد رفعوها خلال تظاهراتهم.
مشاركة :