تحقيق إخباري: أمهات يتحدين الأزمة الأقتصادية لإسعاد أطفالهن في عيدي الميلاد ورأس السنة بجنوب وشرق لبنان

  • 12/24/2021
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

النبطية ، جنوب لبنان 23 ديسمبر 2021 (شينخوا) أمام تردي الوضع الأقتصادي وانهيار العملة اللبنانية والارتفاع الجنوني بالأسعار قصدت أيفيت الحاج وهي أم لأربعة أطفال متجرا للمجوهرات في مدينة النبطية بجنوب لبنان وباعت أسوارة ذهب من مصاغها بـ 125 دولارا أمريكيا لتأمين حاجيات ومتطلبات أطفالها بمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة. الأم الأربعينية أيفيت وخلال خروجها من المتجر حاضنة طفلها الصغير الذي لم يتجاوز العامين من عمره، أعربت لوكالة أنباء ((شينخوا)) عن سخطها لما آلت اليه الأوضاع في لبنان من تردي اقتصادي وغلاء فاحش لم يرحم . وقالت بلهجة صارمة "لن نستسلم للفقر بل سنواجهه ونتصدى بقوة لهذه الأزمات الحادة التي تطوقنا من كل اتجاه، ولن نجعلها تحول دون الاحتفال بأعيادنا وبمناسبات الفرح التي تعودنا عليها مع أطفالنا ،فالبسمة على وجوه أطفالي في الأعياد المجيدة أثمن بكثير من كنوز الأرض". أيفيت ليست الأم الوحيدة التي قررت مواجهة الصعوبات المعيشية ، فمن جهتها ربة المنزل حياة جبر(37عاما) قالت لـ ((شينخوا)) "الأطفال هم الأكثر حاجة للسرور والفرح والبهجة،ولإسعادهم لن نستسلم أبدا لهذا الضغط المادي والمعيشي الذي فرض علينا في هذه الفترة العصيبة التي نعيش،سنتحدى العوز بكل السبل المتاحة حتى تنفرج هذه المرحلة الصعبة التي لم يشهد لها لبنان مثيلا من قبل" . وأضافت "راحة أطفالي همي الوحيد مهما قست الظروف، بحيث استغنيت عن ساعة قديمة وبعض التحف التي قدمت لي يوم زواجي كهدايا من أهلي وأصدقائي، واشتريت بثمنها ملابس جديدة والعاب وحلوى لأدخال البهجة لأطفالي في الأعياد المجيدة التي باتت على الأبواب". قدوم عيدي الميلاد ورأس السنة يتزامن مع ما يعانيه لبنان منذ العام 2019 من أزمات مالية واقتصادية وصحية ومن تدهور معيشي متصاعد وانهيار قيمة الليرة اللبنانية وتآكل المداخيل والمدخرات، إضافة إلى تصاعد البطالة والفقر وتراجع قدرات اللبنانيين الشرائية مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 74 %. من جهته أكد لـ ((شينخوا)) خالد صعب صاحب محل مجوهرات في بلدة بر الياس شرق لبنان أن نسبة كبيرة من الأمهات تخلين في هذه الفترة عن الكثير من مقتنياتهن الثمينة لتغطية نفقات أطفالهن وعائلاتهن لمناسبة الأعياد المجيدة. وأضاف "نحن في محلنا نبيع ونشتري الذهب لكن في هذه الفترة وللأسف حركة المبيع شبه معدومة وينحصر عملنا بشراء المجوهرات فقط وبشكل غير مسبوق". ورد صعب حركة بيع الذهب والمقتنيات الثمينة إلى انهيار العملة اللبنانية وتراجع قيمة الرواتب لدى المواطنين والذين باتوا عاجزين عن تأمين ما يسعد عائلاتهم في مثل هذه المناسبات المجيدة والتي تعودوا على بهجتها وسرورها. وأضاف لقد اتضح أن نسبة كبيرة من الناس رفضت الخضوع للعوز والذل فأرادت أن تكون مناسبة الأعياد المجيدة منطلقا لمواجهة التعقيدات المعيشية بما تبقى لهم من احتياطات مادية مخبأة للأيام السود. وأشارت لـ ((شينخوا)) السيدة الخمسينية جورجيت حداد من بلدة مرجعيون بجنوب لبنان إلى أنها رهنت بستان زيتون ينتج حوالي8 صفائح زيت سنويا لأحد الميسورين بمبلغ 400 دولار أمريكي (ما يوازي حوالي 10 ملايين ليرة لبنانية) على أن تسدد المبلغ بعد عامين وتعيد البستان من خلال لجوئها لإعطاء دروس أضافية لمجموعة من الطلاب خلال العام الدراسي الجاري مقابل أجر شهري حدد بـ 300 ألف ليرة عن كل طالب . وأضافت "اشتريت دون تردد بمليونين ونصف المليون ليرة لبنانية ملابس جديدة لأولادي الأربعة وبمليون ليرة حلوى وشوكولاتة الميلاد فالبسمة على وجوه أولادي في هذه المناسبة تساوي ذهب الأرض ولن اتردد أبدا في التخلي عن كل ما أملك لتأمين الفرح لعائلتي". وتحت شعار (لتبقى البسمة على وجوه أطفالنا) تمكنت الشابة العشرينية سعاد مهنا مع مجموعة شبابية من جمع كمية كبيرة من ملابس الأطفال وهدايا العيد عبر جولات على المحال التجارية وخيرين في منطقة زحلة ومحيطها بشرق لبنان. وقالت سعاد لـ ((شينخوا)) "تمكنا من جمع حوالي ألف هدية خلال أقل من أسبوع ونأمل أن يرتفع العدد في الفترة المتبقية لحلول عيد الميلاد، بحيث سيعمل بابا نويل على توزيع الهدايا للأطفال عند مداخل الكنائس وفي الباحات الرئيسية تحديا للأوضاع المعيشية الصعبة". من جهتها أسرعت جهينة عواد في نبش خزانة أطفالها الأربعة وانتقاء ملابس تتناسب مع عيد الميلاد ، ومن ثم قصدت أحد الخياطين الذي تولى إضافة بعض الأكسسوارات على الملابس القديمة لتجديدها مما أعاد إليها رونقها . وقالت جهينة لـ ((شينخوا)) لا أسمح للحزن أن يصل إلى عيون أطفالي لأن العيد بالنسبة لهم تجديد للحياة وللفرح الآتي لا محالة . هذا الوضع المزري في لبنان يترافق مع انهيار الليرة اللبنانية وارتفاع أسعار مختلف المواد الحياتية بنسبة 400 % في حين سجل التضخم السنوي 85 % تقريبا، مع خسارة مئات الآلاف لوظائفهم وتفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) وتآكل المداخيل وتراجع القدرات الشرائية وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية مع رفع الدعم الرسمي عن المواد الأساسية وخاصة الوقود والغاز والدواء.

مشاركة :