حين تتصارع الفيلة يموت العشب

  • 12/26/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

«ماذا جرى للبشرية»؟ هكذا تساءل الأستاذ أنور عبدالرحمن رئيس التحرير في موضوع رائع حمل أفكارًا فلسفية وسياسية عميقة جدًّا مؤخرًا.. وكما قال في صدر الحديث: «قبل خمسة وعشرين عامًا بدأتُ كتابة رسالة أعياد الميلاد.. والأمر المحزن أنه عبر هذه الأعوام الخمسة والعشرين حتى يومنا هذا لم نشهد أي تحسن أو نرى بارقة أمل في أن يكون العالم أفضل، على العكس من هذا، لا نشهد إلا مأساة وراء مأساة، وفوضى ودمارا وراء فوضى ودمار في العالم كله». إنها صرخة أكثر منها تساؤل حين قال الأستاذ أنور عبدالرحمن: «حتى الدول المتقدمة مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا ليست أفضل حالا، وليست أوضاعها جيدة، على الرغم من كل ما تتمتع به من حياة سياسية المفروض أنها مستقرة». إنني أعتقد للأسف الشديد مثلما قال بابا الفاتيكان مرة (إن العالم حاليا يعيش «بروفة» حرب عالمية ثالثة قادمة).. رأي لا يخلو من الحقيقة، فالحروب بالوكالة تجري في كل مكان بالعالم.. يموت الأبرياء في سوريا لأن هناك حرب مصالح اقتصادية وجغرافية وسياسية يخوضها الكبار والصغار من الدول الطامعة في مزيد من التوسع والنفوذ على أرض ليست أرضهم.. وهناك المئات من الأبرياء يموتون في العراق، لأن إيران والأحزاب الموالية لها لا تريد التفريط في نفوذها العقائدي والاقتصادي والسياسي.. ويحدث الأمر نفسه في لبنان واليمن.. وهناك من يتربص بالأراضي الليبية نحو مزيد من التوسع والنفوذ (العثماني) على حساب الشعب الليبي.. وهناك حروب بالوكالة أيضًا في كشمير بالهند وأخرى في الفلبين وسريلانكا وغيرها من بلاد العالم الثالث. هل الدول الكبرى بريئة أو متحصنة من وباء الجشع الاقتصادي؟ طبعًا كلا.. فقط شاهدوا (الحرب التجارية) العاصفة بالعالم بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين! وشاهدوا الصراع البريطاني-الأوروبي لحل الخروج (البريكست).. نحن نتحدث عن مصير مليارات الدولارات في هذه الصفقات التجارية والسياسية بين الكبار.. الشيء الوحيد الذي يتمسك به (الكبار) هو ألا يحدث صدام عسكري مباشر بين جيوشهم سواء في أراضيهم أو أراضي الآخرين.. و(حين تتصارع الفيلة يموت العشب)، وللأسف شعوبنا العربية وشعوب العالم الثالث هي التي تموت في صراع الفيلة الكبار.. وهم لا يكترثون لتلك الدماء الغزيرة للأبرياء.. لأنهم بالنسبة إليهم (مجرد عشب)!

مشاركة :