ما إن غادر رئيس النظام التركي رجب أردوغان تونس حتى نشبت نزاعات داخل البيت التونسي حول الموقف مما يجري في ليبيا، فالتونسيون سياسيا واجتماعيا في حالة من الاستياء جراء تدخل بلادهم وفقا لسياسة المحاور في ليبيا، فالتدخل يجب أن يكون مبنيا على قواعد الجوار والمصلحة الليبية، لا المصلحة التركية أو الأجندات الخارجية.وبين تصريح أردوغان الذي قال فيه إنه اتفق مع تونس على دعم حكومة السراج ونفت الخارجية التونسية هذه التصريحات، مؤكدة أنها عارية عن الصحة وأنها تنظر إلى الوضع في ليبيا من بوابة المصالح الليبية ولا بد من الحوار السياسي، يبدو أن الزيارة ورطت تونس في ما يجري داخل ليبيا، وبدا واضحا أن هناك من يريد أن يجر المغرب العربي إلى الهاوية.نخبة مهمة من السياسيين التونسيين يدركون أبعاد هذه الزيارة ومخاطرها على تونس، إذ يرى عضو المكتب التنفيذي لحركة الشعب فتحي بالحاج، أن الزيارة كشفت عن محاولته الخروج من العزلة التي يعيشها بعد رفض المجتمع الدولي والعديد من الدول العربية والعالمية اتفاقه مع حكومة الوفاق، فضلا عن محاولة جر تونس إلى محور جديد تتهيأ فيه للتدخل فى ليبيا. وحذر من محاولات تركية واضحة لتوريط تونس في المعركة الليبية وفق الأجندات التركية، خصوصا تصريحات أردوغان التي باءت بالفشل. وكشف توقيت الزيارة التي تعتبر الأولى من نوعها إلى تونس منذ تسلم الرئيس قيس سعيد الحكم أهدافها، خصوصا إذا علمنا أن الوفد ضم وزير الدفاع خلوصي آكار ورئيس الاستخبارات ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ما يعكس رغبة عميقة من أنقرة في جذب تونس إلى جانبها في الصراع الليبي، وبالتالي جر شمال إفريقيا إلى مواجهة عسكرية قد تستمر على حساب المنطقة.أمام هذه المعطيات؛ تشير معلومات ليست مؤكدة حتى الآن إلى أن تركيا أرسلت ما يقارب 600 مقاتل من المعارضة السورية إلى ليبيا لمساندة قوات السراج، وإن صحت هذه الأنباء فنحن أمام حرب مفتوحة في ليبيا تدخل فيها أطراف لا علاقة لها بالأزمة، ولعل ما يجري في سورية يكفي لوقف أية محاولات لتأجيج الصراع في ليبيا لما بات الوضع السوري عليه من حرب مفتوحة لا يعرف أي طرف متى يوقف القتال. واليوم نرى أن المغرب العربي معرض لما يجري في سورية من خلال سياسة المحاور التي تريد تركيا نشرها في المنطقة، ما يستدعي وقفة عربية من أجل الأمن القومي الذي بات على كف عفريت.
مشاركة :