شبح فك ارتباط الليرة بالدولار يهدد بانهيار الاقتصاد اللبناني

  • 12/28/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قذف مصرف لبنان المركزي مستقبل الليرة والاقتصاد اللبناني إلى مصير مجهول، بالتلميح إلى أنه قد لا يكون قادرا على ردم الفجوة بين سعر الليرة الرسمي وسعرها في السوق السوداء بعد اتساعها بدرجة خطيرة منذ تفجر الاحتجاجات في 17 أكتوبر الماضي. وفجرت تصريحات غسان سلامة حاكم المصرف الخميس، التي قال فيها إنه لا يعرف مصير الليرة، التكهنات بشأن خفض قيمتها أو حتى فك ارتباطها بالدولار من أكثر من عقدين، والذي يعد آخر سد يمنع انهيار الاقتصاد اللبناني. واتسعت الفجوة بين السعر الرسمي البالغ 1507 ليرات للدولار وبين أسعار السوق الموازية التي بلغت هذا الأسبوع نحو 2200 ليرة للدولار. وأصبحت عودة النظام المصرفي إلى ما كان عليه قبل الاحتجاجات تتزايد صعوبة يوما بعد يوم، بسبب انقطاع الودائع وتراكم الأعباء على المصارف، التي تفرض منذ تفجر الاحتجاجات قيوداً مشددة على حركة الأموال ولا يسمح بعضها بسحب أكثر من ألف دولار شهريا. ويشيع استخدام الدولار بكثافة في معظم أنحاء الدورة الاقتصادية منذ عقود ويعتمد أيضا في تسديد الكثير من الفواتير، وهو يعد بمثابة عملة ثانية في لبنان، وتحتاجه الشركات بشدة لمواصلة نشاطها. كما أنه عملة رئيسية في الإيداع في المصارف، وهو ما يعني أن أي خفض لقيمة الليرة سيربك التزامات المصارف وقيمة الودائع. 20 بالمئة من قطاع الأعمال مرشح للتوقف بحلول نهاية العام بسبب أزمة شح الدولار ويعتمد الاقتصاد اللبناني بشكل كثيف على ودائع وتحويلات المغتربين، التي توقفت أو لجأت إلى السوق السوداء بعد أن أصبح المغتربون غير قادرين على سحب ودائعهم السابقة. وأدى ذلك إلى انقطاع مصدر إعالة نسبة كبيرة من الأسر. وكان استطلاع للرأي أجرته شركة إنفوبرو بداية ديسمبر قد أظهر أن شركات القطاع الخاص شطبت منذ اندلاع الاحتجاجات حوالي 160 ألف وظيفة بصورة مؤقتة أو دائمة، ومن المرجح أن يتفاقم ذلك إذا ما انحدرت قيمة الليرة. وتزايدت صرخات التحذير في الأوساط الاقتصادية من تزايد إغلاق الشركات الخاصة لأبوابها بسبب انعدام قدرتها على العمل في ظل الظروف الأمنية والاجتماعية الراهنة. وأشار الاستطلاع الذي شمل نحو 300 شركة من القطاع الخاص إلى أن قطاع الخدمات تصدر قائمة الشركات الخاسرة مسجلا تراجعا في مبيعاته بنسبة 73 بالمئة داخل السوق المحلية. وأجبرت شحة الدولار والاعتصامات والإضرابات وحوادث غلق الطرقات الشركات على إغلاق أبوابها مع اتساع سقف المطلبية الشعبية التي جعلت الشركات في خوف مستمر على أصولها. ودخلت قطاعات كثيرة كالمخابز ومحطات الوقود في إضرابات عن العمل خلال الفترة الماضية بسبب عدم قدرتها على توفير الدولارات بالسعر الرسمي، واضطرارها لشرائه بسعر مرتفع يجبرها على فرض زيادات فلكية في الأسعار. ويؤدي ذلك إلى دوامة مغلقة حين يضاعف تراجع القطاع الخاص من التحديات أمام السلطات الحكومية التي تواجه أزمة نقص النقد الأجنبي، التي نالت من قدرة المستوردين على استيراد المكونات والسلع. ويتخوف اللبنانيون من خطر انضمامهم إلى جحافل العاطلين عن العمل مع تسارع وتيرة توقف أغلب الشركات في القطاعات الحيوية المنتجة عن النشاط بشكل كامل. وتتوقع أوساط الأعمال أن يضطر نحو 20 بالمئة من الأعمال للتوقف عن العمل بحلول نهاية هذا العام، في ظل أزمة شح الدولار في السوق واستمرار الاحتجاجات التي تشل البلاد منذ أكثر من شهر. ويحمل خبراء الدولة مسؤولية الوضع الحالي نظرا لتعثرها في إجراء إصلاحات في البنى التحتية وخفض العجز، وتراجع حجم الاستثمارات الخارجية. وكان لبنان ينتظر الحصول على 11.6 مليار دولار كهبات وقروض أقرّها مؤتمر سيدر في باريس العام الماضي، مقابل إصلاحات هيكلية وخفض عجز الموازنة، لكن الانقسام إزاء تطبيق هذه المشاريع والخلاف على الحصص والتعيينات، حال دون وفاء الحكومة بالتزاماتها. وأدى كل ذلك إلى العجز عن كبح الدين العام الذي ارتفع إلى 86 مليار دولار، ما يعادل 150 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، وفق المؤشرات الدولية الرسمية. وسبق أن حذرت قطاعات حيوية من غلق عدد كبير من المؤسسات وفقدان آلاف الوظائف في بيان صادر عن الهيئات الاقتصادية، التجمّع الممثل للقطاع الخاص والمصارف. وأحصت نقابة أصحاب المطاعم والملاهي إقفال 265 مؤسسة خلال شهرين، متوقعة أن يصل العدد في نهاية العام إلى 465 مؤسسة. ويبدو من المرجح أن يتزايد احتمال تخلي البنك المركزي عن الدفاع عن قيمة الليرة، لتتزايد احتمالات خفض قيمتها، الأمر الذي ينذر بسقوط الاقتصاد في حفرة عميقة.

مشاركة :