وجّه "المؤسس" الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- حديثه نحو أحد ضيوفه الحاضرين في المأدبة الكبرى التي أقامها تكريماً لوفود حج عام 1349هـ في قصره بمكة المكرمة، متحدثاً بعبارات وكلمات مؤثرة للعظة والعبرة. تلك الكلمات وثّقتها صحيفة أم القرى (الصحيفة الرسمية) في عددها (333) الصادر بتاريخ 13 ذي الحجة 1349هـ الموافق 1 مايو 1931م، ونشرتها "دارة الملك عبدالعزيز" عبر حسابها في منصة التواصل "تويتر". وقال "المؤسس" أمام الضيف الذي لم يكن سوى "أحمد وحيد الدين" حفيد السلطان العثماني: "لقد أوذينا في سبيل الدعوة إلى الله، وقوتلنا قتالاً شديداً، ولكننا صبرنا وصمدنا، إن أعظم من حاربناهم أجداد هذا الرجل (يقصد حفيد السلطان العثماني)، ولم يقاتلونا إلا لأننا امتنعنا أن نقول للسلطان بأننا (عبيد أمير المؤمنين)، لا، لا، لا، لسنا عبيداً إلا لله تعالى {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد}". وأضاف -رحمه الله- ضمن كلماته التي ألقاها في تلك المناسبة: "إن المسلمين لا يرقون بالبهرجة والزخارف، إن سبيل رقي المسلمين هو التوحيد الخالص والخروج من أسر البدع والضلالات، والاعتصام بما جاء في كتاب الله على لسان رسول الله صل الله عليه وسلم". وواصل: "إن الإسلام هو الوسيلة لسعادة الدنيا والآخرة {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة}، فلم يمنع الإسلام الناس عن السعي في الأرض وعمل ما يرفع شأن الملة، إنني والله لا أحب إلا من أحب الله حباً خالصاً من الشرك والبدع، وأنا والله لا أعمل إلا لأجل ذلك، ولا يهمني أن أكون ملكاً أو فقيراً". وختم حديثه رحمه الله: "إن الله قد جعل المسلمين فريقين، الفريق الأول: الذين يرابطون للدفاع عن حوزة الدين، والفريق الآخر: الذين يشتغلون بالصناعة والزراعة وغيرها، فنحن المسلمون إذا سرنا على هذا فهنالك الرقي والحضارة والتمدن، أما ادعاء أولئك المتفرنجين من المسلمين أن التمسك بحبل الدين يرجع بنا القهقرى إلى الوراء فهو ادعاء باطل وقول مكذوب؛ لأن الدين لا يمنع الناس عن تعلّم الصناعات وما شاكلها، بل هو يحثّ عليها في مواضع كثيرة من محكم آياته". وأكدت "دارة الملك عبدالعزيز" في تعليقها حول حديث "المؤسس" -طيب الله ثراه- عندما قال تلك الكلمات بحضور الضيف "أحمد وحيد الدين" حفيد السلطان العثماني، بأنه لم يقصد إهانة الضيف، فتلك لم تكن من أخلاقه العربية الأصيلة، لكنه أراد أن يذكّر المسلمين بما حدث في سالف الأيام للاتعاظ والعبرة، خاصة تلك الحروب التي ساقتها الدولة العثمانية الغازية ضد الدولة السعودية الأولى، وتدمير عاصمتها الدرعية، والكثير من المدن في وسط البلاد وجنوبها وشرقها، ووصف الدولة السعودية والسعوديين بالوهابية؛ لتنفير المسلمين منهم وتشويه مبادئهم ورسالتهم القائمة على الدين الصحيح.
مشاركة :