تشهد الأسواق الأميركية عودة قوية للاستثمار في سندات الرهن العقاري، بعد أن ارتفع الفارق بين العائد عليها ونظيره على سندات الخزانة الأميركية قليلة أو منعدمة المخاطر، إلى أعلى مستوياته منذ عام 2013. وأصدرت مؤسسات فاني ماي وفريدي ماك وجيني ماي، التي تتمتع بضمان الحكومة الأميركية، الأسبوع الماضي، سندات للرهن العقاري للمستثمرين بعائد أعلى من عائد سندات الخزانة بحوالي 0.80%، رغم أن سندات الشركات الحائزة على نفس درجة التقييم تدفع لحاملها عائداً لا يزيد على عائد سندات الخزانة بأكثر من 0.50%، الأمر الذي يعكس استمرار توجس المستثمرين من سندات الرهن العقاري، بعد ما حدث في 2008 – 2009. ورغم ضمان الحكومة الأميركية لها بصورة أو أخرى، تحمل سندات قروض الرهن العقاري نوعاً آخر من المخاطر، يتمثل في احتمالية قيام أصحاب المنازل بسداد المبلغ المقترض في أي لحظة، وهو ما يترتب عليه سداد كامل القيمة لحامل السندات، ليواجه ما يطلق عليه «مخاطر إعادة الاستثمار Reinvestment Risk»، الأمر الذي يجبر مصدريها على تحمل علاوة فوق عائد سندات الشركات. وفي أغسطس الماضي، ارتفع الفارق بين عائد تلك السندات وعائد سندات الخزانة الأميركية إلى ما يقرب من 1.10% في بعض الأيام، ومع بقاء معدلات الفائدة في الولايات المتحدة بالقرب من أدنى مستوياتها التاريخية، وعدم وجود بوادر على ارتفاعها قريباً، يضطر المستثمرون إلى تحمل المزيد من المخاطر، من أجل الحصول على عوائد مرتفعة. ويقول ريتشارد سيجا، مسؤول الاستثمار بشركة كوننج لإدارة الاستثمارات العالمية، التي تقدم خدماتها لشركات التأمين: «إن شركته زادت في نوفمبر الماضي ما بحوزتها من سندات الرهن العقاري، وأبقت على ما في محفظة الأوراق المالية الخاصة بها من سندات الشركات». وبعد أن قرر بنك الاحتياط الفيدرالي في عام 2017، التخلص مما اشتراه في أعقاب الأزمة المالية العالمية من سندات الرهن العقاري، والتي تسببت في تضخم ميزانيته لسنوات، تسبب القرار في إطلاق العنان لمعدلات العائد على تلك السندات، حيث أصبحت تتحدد وفقاً لظروف العرض والطلب وحدها، وهو ما زاد من جاذبيتها لدى المستثمرين الطامعين في معدلات عائد أعلى، وعدل بنك أوف أميركا مطلع ديسمبر الحالي، توصياته فيما يخص تلك السندات، ناصحاً عملاءه بزيادة ما بحوزتهم منها، بعد أن رصد تراجعاً في معدلات سداد أصحاب المنازل لديونهم. كما توقع بعض المحللين، استمرار معدلات العائد على سندات الرهن العقاري في الارتفاع، بعد أن أظهر استطلاع للرأي، أجرته جريدة وول ستريت جورنال، أن مستثمري تلك السندات سيكون عليهم تغطية زيادة متوقعة لا تقل عن 26% من المعروض منها، خلال العام القادم 2020، بسبب توقع استمرار الزيادة في مبيعات المنازل، مع استمرار الارتفاع في أسعارها.
مشاركة :