طرابلس 28 ديسمبر 2019 (شينخوا) على الرغم من عدم إعلان حكومة الوفاق الوطني المدعومة دوليا رسميا التقدم بطلب تدخل عسكري تركي مباشر في ليبيا، إلا أن الأخبار الواردة من أنقرة تؤكد تقدم حكومة طرابلس بالطلب، الأمر الذي يتوقع أن يسدل الستار بشأن صحته الأيام القادمة. تداخل الموقف الدولي والإقليمي في ليبيا وتشابكه، جعلها منقسمة أو منحازة لطرف ما أو حتى تتخذ موقف الحياد، ما يجعل طرابلس وأنقرة تتحركان بطريقة فيها من الحذر، على الرغم من إعلان الرئيس التركي صراحة استعداد بلاده إرسال قوات إلى ليبيا في حال طلبت حكومة الوفاق ذلك، لمواجهة ما أسماها محاولات "الانقلابي حفتر السيطرة على السلطة". وأوضح مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية بحكومة الوفاق في تصريح لوكالة أنباء (شينخوا) اليوم (السبت)، بأن "طلب المساعدة العسكرية التركية في ليبيا لوقف تهديدات حفتر العسكرية بالاستيلاء على طرابلس، ليس بالضرورة يكون على شكل تواجد عسكري بري على الأرض". وأضاف المسؤول مفضلا عدم كشف عن اسمه، "هناك طرق عدة يمكن لتركيا مساعدة حكومة الوفاق بها لطرد قوات حفتر من جنوب طرابلس، أهمها توفير منظومات الدفاع الجوي المتطورة لتقييد قدرة الطائرات الأجنبية الداعمة لقواته في الأجواء، إلى جانب تقديم طائرات بدون طيار متقدمة وأسلحة نوعية، تمكن قوات الوفاق الانتقال من معركة الدفاع إلى الهجوم واستعادة المواقع التي خسرتها لصالح قوات حفتر". وعن الأنباء الواردة من تركيا ومن بعض وسائل الإعلام، بشأن طلب الحكومة رسميا التدخل التركي، أجاب" لا يوجد طلب رسمي بمعنى الكلمة حتى الآن، لكن هناك مباحثات متواصلة منذ أسابيع مع أنقرة، للوصول إلى صيغة متكاملة للدعم العسكري الذي نصت عليه مذكرة التعاون الأمني والعسكري بين البلدين". وكانت وسائل إعلام غربية تداولات أنباء طلب رسمي تقدمت به حكومة الوفاق الوطني، من أجل التدخل العسكري التركي "برا وجوا وبحرا" لصد هجوم قوات حفتر على طرابلس. وعلى الرغم من تداول هذه الأنباء خلال اليومين الماضيين، لم تصدر حكومة الوفاق أي موقف رسمي، بل رفضت التعليق بالنفي أو تأكيد هذا الطلب، وهو بحسب محللين ربما يؤكد صحته. الحكومة التركية بدورها أكدت تلقيها طلبا رسميا من حكومة الوفاق لنشر قوات تركية في ليبيا، مشيرة إلى أن الطلب سينظر فيه بسرعة من قبل البرلمان، لتمرير قرار إرسال قوات برية إلى طرابلس خلال مدة أقصاها التاسع من شهر يناير العام المقبل. يرى عمران الناجح، الخبير الليبي في الشؤون العسكرية، بأن طرابلس لا تحتاج إلى تدخل عسكري تركي مباشر في طرابلس، لأن ذلك ربما يورطها ويفقدها الدعم الدولي الذي تحظى به كممثل شرعي وحيد في ليبيا. وأضاف الناجح في حديثه لـ ((شينخوا))،"حكومة الوفاق مترددة في إعلان طلب التدخل العسكري التركي المباشر، وهي تراوغ ولم يدل أي مسؤول سواء رئيسها فائز السراج أو وزير داخليتها فتحي باشاغا صراحة التقدم بالطلب، وهو يكشف عمق الأزمة والضغوط المفروضة على حكومة الوفاق". وتابع بهذا الصدد " حكومة طرابلس بالرغم من ضعفها وتحكم مجموعات مسلحة في عملها، إلا إنها لا تزال ممثلا شرعيا وحيدا لليبيين إلى جانب البرلمان، ولا تريد خسارة الدعم الدولي لها، وبالتالي طلبها المباشر لتدخل تركيا لصالحها، سيدخل أطراف دولية إقليمية على خط المواجهة، وتدعم صراحة حفتر لاستكمال عملية سيطرة قواته على طرابلس، وهنا سيكون التصعيد العسكري غير مسبوق وقد تخرج الأمور عن السيطرة تماما". وأضاف الخبير العسكري، بأن مذكرة التفاهم التي صادق عليها الطرفان، تعادل في قوتها التدخل العسكري المباشر، لأنها تقدم الدعم العسكري واللوجستي الكامل لصالح حكومة الوفاق، واعتقد أنها الأقرب والأفضل واقعية لدعم طرابلس في مواجهة حفتر، وفقا لتعبيره. وأبرمت حكومة طرابلس وأنقرة في 27 نوفمبر الماضي مذكرتي تفاهم، حول التعاون الأمني والعسكري، والسيادة على المناطق البحرية، في ظل خلافات بين تركيا من جهة ومصر واليونان وقبرص من جهة أخرى حول التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في البحر المتوسط. وصادق البرلمان التركي قبل أسبوعين على مذكرة التفاهم الأمنية والعسكرية مع حكومة الوفاق ودخولها حيز التنفيذ، التي بدورها أعلنت في الـ 19 من ديسمبر الجاري، موافقتها على تفعيل ذات المذكرة مع تركيا. وأثارت مذكرتي التفاهم البحرية والعسكرية جدلا ورفضا واسعا إقليما ودوليا، حيث وصف الاتفاق بين طرابلس وأنقرة بـ" غير الشرعي" و"الباطل قانونا"، كون سماح حكومة الوفاق لتركيا السيطرة على منطقة شرق المتوسط، جاء فقط مقابل مساعدتها عسكريا لوقف تقدم حفتر في طرابلس. من جهتها، تصف إيمان جلال الأستاذة الجامعية الليبية، الجدل الذي صاحب طلب طرابلس التدخل العسكري في ليبيا، هي طريقة لجس نبض الأطراف الدولية ومعرفة مواقفها من خطوة عسكرية محتملة. وأكدت الأستاذة الجامعية الليبية، بأن "تركيا تقوم مؤخرا بتحركات سياسية مكوكية، بدء من عزم رئيسها رجب طيب أردوغان لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مطلع العام المقبل، إلى جانب التحركات التي قام بها الرئيس التركي إلى تونس ورغبته في زيارة الجزائر أيضا، في محاولة لحشد التوافق الدولي والإقليمي بشأن أي خطوة عسكرية مرتقبة في ليبيا". وزار الرئيس التركي تونس الأسبوع الماضي في زيارة مفاجئة، التقى فيها الرئيس التونسي قيس بن سعيد دارت المباحثات في معظمها حول الأزمة الليبية. ونفت تونس تصريحات الرئيس التركي حول اتفاقه مع تونس لدعم حكومة الوفاق. كما تبرأت الرئاسة التونسية من تصريحات وزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا، الذي أشار فيها في مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة التونسية الخميس الماضي، إلى تشكيل "تحالف تونسي تركي جزائري" لدعم حكومته. وقال وزير داخلية الوفاق "سيكون هناك تعاون كبير مع تركيا وتونس والجزائر، وسنكون في حلف واحد، وهذا سيخدم شعوبنا واستقرارنا الأمني"، دون أن يوضح طبيعة هذا التحالف الذي نفت تونس الانضمام إليه. وتشن قوات "الجيش الوطني" بقيادة حفتر منذ الرابع من أبريل الماضي هجوما للسيطرة على طرابلس مقر حكومة الوفاق، وتخوض معارك ضد قوات موالية للحكومة المعترف بها من المجتمع الدولي. وتسببت المعارك منذ اندلاعها في مقتل 1093 شخصا وإصابة نحو 6 آلاف آخرين، إضافة إلى نزوح قرابة 120 ألف شخص من مواقع الاشتباكات، بحسب الأمم المتحدة. وتعاني ليبيا من فوضى أمنية وصراع على السلطة في ظل انتشار السلاح، منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي العام 2011.
مشاركة :