مضى الكثير وبقي القليل بالنسبة الى البريطاني لويس هاميلتون، فسائق مرسيدس الذي أحرز في العام 2019 لقبه العالمي السادس في الفورمولا واحد، حفر اسمه في سجلات التاريخ وينتظر المحطة الأهم: معادلة الرقم القياسي للألماني ميكايل شوماخر.قدم البريطاني (34 عاما) سنة مذهلة، وأنهى الموسم فائزا في 11 من الجوائز الكبرى الـ21. وسيسعى للقب رابع تواليا في 2020، وهو عام قد يشهد مفاجأة كبرى في عالم الفئة الأولى: انضمام البريطاني الى فريق فيراري الإيطالي الذي أحرز معه شوماخر خمسة من ألقابه السبعة.من بداية بطولة 2019، لم يظهر أي سائق آخر بمستوى مماثل لما كان يقدمه سائق مرسيدس، ومنافسه الأبرز والوحيد كان زميله الفنلندي فالتيري بوتاس الذي أنهى العام وصيفا له في ترتيب السائقين.قاد هاميلتون وبوتاس فريقهما الى مواصلة هيمنته، مع ثنائية سادسة تواليا للسائقين والصانعين. وعلى رغم المنافسة المتأخرة من فيراري وسائقيه الألماني سيباستيان فيتل وشارل لوكلير من موناكو، وبعض محاولات سائق ريد بول الهولندي ماكس فيرشتابن، كان 2019 عام هاميلتون، كما يرجح أن تكون 2020 السنة التي يصبح فيها اسمه ملاصقا لاسم شوماخر كالسائق الأكثر تتويجا في أكثر رياضات السرعة تطلبا.وفي حال تابع هاميلتون على المنوال ذاته فسيحطم العام المقبل الرقم القياسي لاكبر عدد من الانتصارات في الفئة الاولى المسجل باسم «البارون الاحمر» وهو 91 فوزا، علما أن البريطاني ختم الموسم الماضي بفوزه الـ84 على حلبة مرسى ياس في أبوظبي. وفي سجله ايضا الرقم القياسي لعدد الانطلاق من المركز الاول مع 88 مرة، محطما الرقم السابق الذي كان يحمله «شومي» نفسه (68).قال هاميلتون في تصريحات لهيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي» في وقت سابق من هذا الشهر «بصراحة، أنا لا أتطلع الى الأرقام القياسية».وتابع «لا أعرف لماذا (...) كل ما أذكره هو أنني نشأت في (مسقط رأسه) ستيفيندج وأنا أشاهد ميكايل شوماخر يفوز ببطولات العالم، لذا من السوريالية بمكان أن يكون اسمي واردا في الجملة ذاتها مع اسمه».وتابع «هذا شرف فعلي، وأمر يجعل عائلتي فخورة جدًا». الجيل الجديد طوت الفورمولا واحد التي انطلقت منافسات بطولتها في 1950، صفحة السباق الألف خلال هذه السنة، وذلك في جائزة الصين الكبرى التي انتهت بتتويج هاميلتون. معه، اكتسبت الفئة الأولى سائقًا لا يتمتع فقط بالمهارة والسرعة، بل أيضا بصفات المنافس الناضج الصبور مع الخبرة.فرض هاميلتون نفسه (مجددا) في عام شهد صعود العديد من النجوم الشبان المتمتعين بمهارة لافتة، لكن الذين يعانون أيضا من تهور يعود الى رغبة جامحة في اثبات الذات على حلبات التنافس.على سبيل المثال، تمكن البريطاني في جائزة موناكو الكبرى من احتواء الضغط الذي فرضه عليه فيرشتابن في اللفات الأخيرة، على رغم أن إطارات سيارة مرسيدس كانت متآكلة بشكل كبير. في المجر، تكررت المنافسة، لكن هذه المرة مع الهولندي متصدرًا والبريطاني مطاردًا. بعد القيادة بسرعة مذهلة، تمكن هاميلتون من التجاوز، وأنهى السباق فائزا رغم اختلاف استراتيجية السائقين (توقفين لهاميلتون مقابل واحد لفيرشتابن).كان لوكلير أيضا من المنافسين هذا العام، وهو - مثله مثل فيرشتابن - في الثانية والعشرين من العمر فقط. غالبا ما وقف إبن إمارة موناكو قرب هاميلتون على منصة التتويج، لكن في مرتبة أدنى (البحرين، كندا، فرنسا، بريطانيا، روسيا، وأبوظبي)، لكنه فاز وتفوق عليه في بلجيكا (حل هاميلتون ثانيا) وإيطاليا (هاميلتون ثالثا).استفاد لوكلير بلا شك من أداء مختلف قدمته سيارة فيراري في النصف الثاني من الموسم، لكن السائق الشاب أظهر موهبة فريدة، وتفوق على زميله فيتل بطل العالم أربع مرات، في محطات عدة، وصولا الى الاحتكاك الشهير بينهما في البرازيل، المرحلة ما قبل الأخيرة من البطولة.يدرك هاميلتون ان رقم شوماخر ليس التحدي الوحيد أمامه، بل سيكون أيضا في العام 2020 أمام نهم الجيل الجديد لكسر هيمنته على البطولة التي تبحث منذ نحو عقد من الزمن عن بطل جديد يرفع كأسها، ولا يكون اسمه هاميلتون أو فيتل أو الألماني المعتزل نيكو روزبرغ.وأقر هاميلتون بوجود «العديد من السائقين الشبان على الحلبات، مشيرا الى انه «ثاني أكبر سائق سنًّا في الفورمولا واحد حاليًا (بعد بطل العالم السابق الفنلندي كيمي رايكونن)، والهدف هو مواصلة بلوغ مستويات جديدة». فيراري في 2021..في الوقت الراهن، يبدو من الصعوبة أن تميل الترجيحات بعيدا من معادلة هاميلتون لرقم شوماخر في ختام بطولة 2020. حسابات المنطق والمهارة والخبرة وقوة سيارة مرسيدس وثباتها، تفرض نفسها، وتصب كلها في صالحه.لكن السؤال الذي سيطرح بحال حقق هاميلتون المتوقع، سيكون ماذا بعد؟أحرز هاميلتون مع مرسيدس خمسة من ألقابه الستة (توج بطلا للمرة الأولى مع ماكلارين في 2008). علاقته العضوية مع الفريق، برئيسه غير التنفيذي الراحل النمسوي نيكي لاودا ومديره توتو وولف، تجعل من الصعوبة بمكان تخيل البريطاني تحت ألوان فريق آخر قبل الاعتزال.ينتهي الرابط الرسمي بين الطرفين بختام 2020، وقبل ان تدخل الفورمولا واحد عهد القواعد الجديدة في السنة التالية. لكن في غياب أي إعلان عن تمديد عقد هاميلتون مع مرسيدس، بدأت كواليس البطولة تهمس بخطوة يسأل عنها الجميع: هاميلتون مع فيراري في 2021؟»الحصان الجامح«الإيطالي هو أشهر اسم في الفئة الأولى، وجذب أكبر الأسماء في تاريخ بطولة لم يغب عن أي من نسخها. أعلن فريق مارانيلو هذا العام تمديد عقد لوكلير حتى نهاية 2024، لكن علامة الاستفهام لا تزال تحيط باسم زميله، لاسيما وأن عقد فيتل ينتهي أيضا بختام 2020.في ظل علاقة متفاوتة مع الألماني، وامتعاض الأخير من بعض أخطاء فيراري وعثراته مؤخرا، يبدو لوكلير ميالا لتفضيل زمالة هاميلتون.وقال السائق الشاب»بالطبع سأرحب بلويس (...) نحن في الفورمولا واحد ونريد أن ننافس الأفضل. أتيحت لي فرصة كبيرة للتعلم من +سيب+ (فيتل) بطل العالم أربع مرات، لذا يمكن التعلم دائما من أبطال كهؤلاء».لكن هاميلتون أبقى حتى الآن الغموض بشأن مستقبله، ملمحا الى أن تحديده يرتبط بمصير وولف، وما اذا كان سيواصل مهامه كمدير للفريق، أو ينتقل الى شغل منصب مسؤول في إدارة بطولة العالم.
مشاركة :