اضطراب المزاج ثنائي القطب «2-1»

  • 5/24/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يلون المزاج الانفعالي حياتنا وطرق تفكيرنا وسلوكياتنا مع الآخرين كما تتلون الفصول والحقول، وقد يعتبر البعض هذا التذبذب من الأمور الطبيعية والمتعلقة بأحداث الحياة وكبواتها. إلا أن التقلب المستمر في المزاج والذي قد يدوم لفترة طويلة، يؤثر سلباً على نفسية من يعايشه، وقد يكون مؤشراً قوياً على وجود اعتلال مزاجي مرضي. وخصوصاً عندما تصل الحالة إلى درجة الانفلات الانفعالي والمزاجي غير المبرر، والذي يعرف بـ اضطراب المزاج المرضي ثنائي القطب Bipolar. حيث يتأرجح الشعور بالتقلب المزاجي بين الانتشاء الجنوني كالضحك العالي والانفعالات الحادة، ما يسمى بالمينيا mania وبين الاكتئاب الحاد، severe depression. وللتأكد من وجود المشكلة المرضية المزاجية نستطيع القول ان التغير المزاجي ثنائية القطب يحدث صعودًا ونزولًا كالمصعد وفي فترة وجيزة جداً قد لا تتجاوز الساعات في بعض الأحيان. حيث يبدو الفرد حيناً في أقصى درجات الاكتئاب، فيما هو غداً في أقصى حالات السعادة، والرغبة الجامحة في الاستفادة من الظروف. إذاً فنحن نتحدث هنا عن المرح مقابل الاكتئاب والسيطرة مقابل الخضوع والهدوء مقابل العصبية وكأنهما ضفتان لنهر واحد. وتقع نقطة الصفر في مكان تتوازن فيه الضفتان بدرجة متساوية، بحيث لا نستطيع أن نصف الفرد بأن لديه نوع من الغلبة لواحدة منهما على الأخرى، بمعنى أننا لا نستطيع أن نحدد ما ان كان هذا الفرد شخصا اكتئابيا أو شخصا مجنونا يتوهم امتلاك قدرات خارقة يعجز عنها الجميع. وإليكم حالة مرضية قد أصابت إحدى المريضات ممن كن يعانين من أعراض الشخصية المزاجية، فقد كانت السيدة س تعاني من الشعور بالمرض والكآبة والإحساس العميق بالحزن والرغبة في عدم ترك الفراش والتحجر الفكري. وكانت تكرر باستمرار انني لم أعد ذا فائدة لأحد، فلم يعد يحتاجني أحد. أشعر بأن نهايتي قريبة جداً. لقد عبرت تلك المريضة عن نفسها للأطباء بصورة قاتمة ومظلمة وكـأنها تعلم تماماً أنها قد أشرفت على النهاية الحتمية. كانت تلك السيدة تعاني من عدم المقدرة على التركيز، ومن الشعور المفرط بالوحدة والسلبية. وفي إحدى تلك الأيام الكئيبة، شعرت تلك المرأة فجأة، بأن مزاجها قد انقلب إلى النقيض، فقفزت من سريرها ولبست أجمل ما لديها لتخرج كلها حيوية، تملؤها شغفاً بالعمل والعطاء غير المنقطع. فتبدل حالها إلى سعادة غامرة وطاقة هائلة على الانخراط في أي عمل منتج. وفي اليوم التالي تحسن مستوى كلامها عن نفسها ومسحت اخر علامات الاكتئاب، حتى انه قد لوحظت عليها السرعة في الحركة والرغبة الدؤوبة في العمل إلى ما لا نهاية. لقد تفجرت إبداعاتها لتأتي بالفكرة بعد الفكرة، حتى لنها قد فرضت نفسها على كل الأنشطة القائمة في العمل في ذلك اليوم. إلى هنا والوضع ممتاز، ولكن الذي حدث بعد ذلك لم يكن ممتازًا على الإطلاق. استشارية نفسية بمركز الشرق الأوسط الطبي

مشاركة :