ابن جرش لـ‮ "الخليج" : ‬تطوير آليات نقل المعارف وبناء المهارات ضرورة ملحة

  • 5/24/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أكد محمد حمدان بن جرش السويدي،‮ ‬مدير عام المدينة الجامعية بالشارقة‮ ‬ضرورة تطوير آليات نقل المعارف وبناء المهارات،‮ ‬خصوصاً‮ ‬في‮ ‬المراحل التعليمية الأولى،‮ ‬حيث تتشكل شخصية الفرد في‮ ‬الجزء الأكبر منها،‮ ‬وهو ما‮ ‬يدعونا إلى أن تكون طرق التعليم وما تطرحه من قيم محط نقاش وتطوير دائمين،‮ ‬والأخذ بأهم ما توصل إليه التربويون والباحثون والعلماء في‮ ‬أفضل الوسائل التي‮ ‬تنمي‮ ‬الإبداع في‮ ‬المراحل المبكرة من التعليم‮.‬ أشار إلى أنه لا‮ ‬يمكن الحديث عن العلاقة العضوية بين التربية والابتكار من دون الحديث عن العلاقة بين التربية والتعليم،‮ ‬إذ إنه لطالما ارتبط العلم بالتربية،‮ ‬قائلاً‮ ‬إنه‮ ‬يكتسب جزءاً‮ ‬كبيراً‮ ‬من أهميته من خلال الآليات التربوية،‮ ‬وإذا ما قمنا بعملية مقارنة بين مجتمعين فإننا سنجد أن الكثير من نقاط الاختلاف لا تقع فيما تقدمّه المؤسسات التعليمية من معلومات،‮ ‬وإنما في‮ ‬طبيعة المنظومة التربوية في‮ ‬كل مجتمع،‮ ‬أي‮ ‬في‮ ‬خصائص المنظومة التربوية‮.‬ وقال‮:‬إن الإنسان بوصفه فرداً‮ ‬في‮ ‬مجتمع فهو‮ ‬يكتسب من خلال التربية المهارات التي‮ ‬تمنحه إياها تلك المنظومة التربوية،‮ ‬وهنا،‮ ‬نتوقف عند مسألة نقل المعرفة،‮ ‬والتي‮ ‬تعتبر المسألة المركزية في‮ ‬أي‮ ‬منظومة تربوية،‮ ‬فقد أصبح معروفاً‮ ‬أن طرق نقل المعرفة هي‮ ‬المسؤولة عن تكوين وعي‮ ‬وشخصية الفرد الذي‮ ‬يحصل على المعرفة،‮ ‬وهناك منظومة تربوية لا تعطي‮ ‬الأهمية للنقاش والسؤال والحوار،‮ ‬وهي‮ ‬المنظومة التقليدية في‮ ‬نقل المعرفة،‮ ‬ومهمتها الأساسية نقل المعرفة الموجودة،‮ ‬من دون حرص على تنمية أفراد المجتمع،‮ ‬أو أنها تخاف من تغيّر طبيعة المعرفة الموجودة،‮ ‬وبالمقابل هناك منظومة تربوية منفتحة،‮ ‬ومهتمة بأن‮ ‬يشارك أفرادها في‮ ‬صناعة المعرفة،‮ ‬وهي‮ ‬لا تخشى من تغيّر المنظومة المعرفية التقليدية‮.‬ وأوضح أن التربية ومؤسساتها تتصل بثقافة المجتمع نفسه،‮ ‬ولذلك نجد مجتمعات تشجع الفرد،‮ ‬وتنمي‮ ‬خصائصه الذاتية وتكفل حقه في‮ ‬السؤال وتمد الفرد بالمقومات الداعمة لإبداعه،‮ ‬وتعتبره جزءاً‮ ‬مهماً‮ ‬من عملية تطوير المجتمع،‮ ‬فيما هناك مجتمعات تقلل من شأن الفرد وتعتبر السؤال نوعاً‮ ‬من التشكيك فيما هو موجود،‮ ‬وخصوصاً‮ ‬القضايا الثقافية،‮ ‬ولا تقوم بتنمية مهارات المعلمين لكي‮ ‬يواكبوا الأجيال،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن كونها لا تهتم بالخصائص الذاتية،‮ ‬وقد تشكك بها أحياناً،‮ ‬أو تعتبرها نوعاً‮ ‬من الخروج عن المألوف ولا توفر أسباب الإبداع المادية من بنى ومؤسسات وتشريعات‮.‬ وأضاف أنه من هنا،‮ ‬فإن التنافس بين المجتمعات هو تنافس بين الثقافات،‮ ‬والنظم التربوية،‮ ‬ونحن نجد أن المجتمعات التي‮ ‬يحظى بها الفرد بمكانة رفيعة هي‮ ‬المجتمعات التي‮ ‬تخطو أكثر نحو التقدم،‮ ‬فكل فرد من المنظومة المجتمعية هو مهم بحدّ‮ ‬ذاته،‮ ‬وليس فقط لأنه‮ ‬ينتمي‮ ‬لهذه الجماعة البشرية‮.‬ وأكد أنه لا‮ ‬يمكن التحدث عن الابتكار بمعزل عن البيئة التي‮ ‬يعيش فيها الأفراد،‮ ‬ولا عن المنظومة القانونية،‮ ‬أو الطبيعة السياسية للدولة،‮ ‬فالبيئة التي‮ ‬يعيش فيها الأفراد هي‮ ‬التي‮ ‬تحدد طبيعة المنظومة التربوية،‮ ‬وتحدد بالتالي‮ ‬مقدرة الأفراد على الابتكار‮.‬ وعرف الابتكار بكونه القدرة على التطوير والإبداع،‮ ‬وهو بهذا المعنى البحث عن إجابة لسؤال،‮ ‬فعندما نشاهد اليوم تاريخ الإبداعات العظيمة فإننا نجد سجلاً‮ ‬حافلاً‮ ‬لتاريخ الأسئلة التي‮ ‬طرحها الإنسان على نفسه،‮ ‬فسؤال الإنسان عن إمكانية الطيران‮ (‬والانعتاق من محدودية المكان وقطع المسافات بسرعة‮) ‬هو الدافع الرئيسي‮ ‬خلف كل محاولات الإنسان من أجل الطيران،‮ ‬وصولاً‮ ‬إلى صنع الطائرات الذي‮ ‬كان بمثابة بداية جديدة للتاريخ الإنساني‮.‬ وقال‮: ‬إننا نرى اليوم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي‮ ‬لنجد إجابة عن أسئلة لها علاقة بضرورة التواصل في‮ ‬زمن العولمة،‮ ‬حيث إن الوسائل التقليدية في‮ ‬التواصل باتت صعبة،‮ ‬فلم‮ ‬يعد بإمكان الأفراد أن‮ ‬يتواصلوا كما السابق في‮ ‬ظل بعد المسافات وساعات العمل الطويلة،‮ ‬وهنا،‮ ‬لا بد أن نتوقف عند المكانة التي‮ ‬تعطيها الدول لدعم الابتكار،‮ ‬أي‮ ‬لدعم تطوير مناهج التعليم،‮ ‬وتطوير الكفاءات التعليمية،‮ ‬ودعم المختبرات العلمية،‮ ‬وتشجيع الأبحاث النظرية،‮ ‬والمكافآت والجوائز والتشريعات القانونية التي‮ ‬تحمي‮ ‬الإبداع والمبدعين‮.‬ وأضاف‮:‬تنفق الولايات المتحدة الأمريكية على البحث العلمي‮ ‬سنوياً‮ ‬حوالي‮ ‬168‮ ‬بليون دولار،‮ ‬أي‮ ‬حوالي‮ ‬32٪‮ ‬من مجمل ما‮ ‬ينفقه العالم كله،‮ ‬وتأتي‮ ‬اليابان بعد الولايات المتحدة الأمريكية،‮ ‬حيث تنفق‮ ‬130‮ ‬بليون دولار سنوياً‮. ‬ويتوالى بعد ذلك ألمانيا،‮ ‬فرنسا،‮ ‬بريطانيا،‮ ‬إيطاليا،‮ ‬كندا،‮ ‬ويبلغ‮ ‬مجموع عدد الباحثين في‮ ‬الدول السبع التي‮ ‬تتربع على قمة الدول الأهم في‮ ‬البحث مليونان و265‮ ‬ ألف باحث،‮ ‬وسنجد أن هذه الدول هي‮ ‬من الأكثر تأثيراً‮ ‬في‮ ‬العالم علمياً‮ ‬وتكنولوجياً‮ ‬وسياسياً،‮ ‬وهو ما‮ ‬يجعلنا نقول إن هذه الدول تعلم تماماً‮ ‬أهمية الابتكار في‮ ‬الحفاظ على مكانتها في‮ ‬سلم الأمم القوية‮.‬ وأكد أن العلاقة بين التربية والابتكار ليست علاقة نظرية،‮ ‬وإنما علاقة تقوم في‮ ‬فضاء أوسع،‮ ‬هو فضاء المجتمع والمؤسسات والدولة،‮ ‬وكلما كان هذا الفضاء قادراً‮ ‬على دعم العملية التربوية تمكن الحصول على كم أكبر من الابتكارات،‮ ‬والتي‮ ‬تعود بالنفع على الاقتصاد والناتج القومي‮ ‬والقدرة التنافسية على مستوى العالم‮. ‬ وأوضح أن الوقوف عند المكانة التي‮ ‬وصلت إليها دولة الإمارات في‮ ‬مستوى دعم التربية والابتكار‮ ‬يتطلب ذكر حقائق المكانة المهمة لدعم التربية والتعليم والابتكار في‮ ‬الرؤية الاستراتيجية لدولتنا وحكامها،‮ ‬والنقلة النوعية التي‮ ‬أحرزتها الإمارات في‮ ‬مجمل بناها التحتية منذ تأسيس دولة الاتحاد في‮ ‬عام‮ ‬1971‮ ‬وحتى اليوم،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن التفاعل بين الثقافات المختلفة والذي‮ ‬يطرح أسئلة كبيرة على الهوية والثقافة،‮ ‬وتنوع المنظومة التعليمية في‮ ‬الإمارات والتي‮ ‬تخضع إلى تنافسية كبيرة،‮ ‬ما‮ ‬يحفز عملية تطوير المهارات في‮ ‬نقل المعرفة،‮ ‬ويسهم في‮ ‬بناء الشخصية المبدعة،‮ ‬بالإضافة إلى الخطوات الحثيثة التي‮ ‬تمضي‮ ‬فيها الدولة نحو مجتمع المعرفة،‮ ‬وهو ما‮ ‬يعكس درجة تطور المؤسسات العامة لكي‮ ‬تتمكن من المشاركة في‮ ‬التأسيس للمجتمع المعرفي‮.‬ وقال إن الإنجازات التي‮ ‬حققتها دولة الإمارات في‮ ‬الاهتمام بالابتكار،‮ ‬تعد مهمة،‮ ‬لكنها‮ ‬يجب ألا تجعلنا نركن إلى ما تمّ‮ ‬تحقيقه،‮ ‬بل التطلع الدائم نحو تحفيز المجتمع والفرد والمؤسسة على تطوير المنظومة التربوية،‮ ‬لتكون قادرة على بناء الأفراد المبتكرين،‮ ‬وتأمين البيئة الضرورية المساعدة على الابتكار،‮ ‬وتأمين مستلزماته كافة‮.‬

مشاركة :