رغم رفض كل من الحزب الاشتراكي الحاكم في إسبانيا وجبهة "البوليساريو"، يعتزم المغرب المصادقة نهائيًا على مشروعي قانونين يرسم بموجبها حدوده البحرية لتمتد إلى سواحل إقليم الصحراء، المتنازع عليه بين الرباط والجبهة. وهو ما أكده وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، خلال تقديمه المشروعين أمام أعضاء لجنة الخارجية والدفاع الوطني بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، في 16 ديسمبر/ كانون أول 2019. ويتعلق المشروعان بحدود المياه الإقليمية وتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة، على مسافة 200 ميل بحري بعرض السواحل المغربية. وبموجب هذين "المشروعين التاريخيين"، بحسب تعبير "بوريطة"، واللذان حظيا بموافقة أعضاء اللجنة بالإجماع، يبسط المغرب سيادته على المجال البحري ليشمل المياه الإقليمية لإقليم الصحراء. ** تهديد إسباني على الجانب الآخر من البحر المتوسط، يرفض الحزب الاشتراكي الحاكم في إسبانيا الخطوة المغربية المرتقبة. وقال الحزب، عبر بيان في 21 ديسنبر/ كانون أول 2019، إن ترسيم الحدود المائية المغربية المجاورة لمدينتي سبته ومليلية (تابعتان للإدارة الإسبانية وتطالب الرباط باسترجاعها)، وكذلك لجزر الكناري المقابلة للشواطئ الأطلسية للمغرب، ينبغي أن يتم ضمن اتفاق مشترك، وليس بخطوة أحادية الجانب. وهدد الحزب الاشتراكي بأن موقفه سيكون "حازمًا". ولم يقتصر الرفض الإسباني على بيان الحزب الحاكم إذ قال رئيس حكومة جزر الكناري الإسبانية ذاتية الحكم، أنخيل توريس، إن "إسبانيا لن تسمح للمغرب بمس ميل واحد من مياه الكناري". تصريح رافقه نشر القوات الجوية الإسبانية فيديو قصير يظهر مقاتلات من نوع f18 ، تابعة لها، فوق جزر الكناري، ما اعتبرته تقارير إعلامية رسالة ضغط على المغرب. وهو ضغط صاحبه أنباء عن تأجيل المغرب التصويت على مشروعي القانونين. لكن مسؤول بوزارة الخارجية المغربية، طلب عدم نشر اسمه، قال للأناضول، إن "مشروعي القانونين قيد الدراسة، وستتم إحالتهما إلى مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان) للمصادقة عليهما". ** رفض "البوليساريو" رفض الخطوة المغربية المرتقبة لم يقتصر على الحزب الإسباني الحاكم، حيث تحدثت تقارير إعلامية عن رفض "البوليساريو" لمشروعي القانونين، إذ تعتبر الجبهة أنه لا حق للمغرب في فرض السيادة على شواطئ الصحراء. ودخلت "البوليساريو" في نزاع مع المغرب حول السيادة على الصحراء، عام 1975، بعد انتهاء الاحتلال الإسباني للمنطقة، وتحول الأمر إلى مواجهة مسلحة توقفت عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة. وتقترح الرباط حكمًا ذاتيًا موسعًا تحت سيادتها، بينما تدعو "البوليساريو" إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تؤوي عشرات الآلاف من اللاجئين من الإقليم. ** خطوة قانونية "خطوة صحيحة على المستوى القانوني".. بهذه الكلمات وصف خالد يايموت، أستاذ العلاقات الدولية، اعتزام المغرب ترسيم حدوده البحرية. وأضاف يايموت للأناضول أن الرفض الإسباني "مجرد موقف سياسي وليس قانونيًا، فالمغرب يعتزم ترسيم حدوده وفقًا لما أقرته اتفاقية الأمم المتحدة للقانون البحري سنة 1982، التي تمنع المادة السابعة منها فصل البحر الإقليمي لدولة عن المنطقة الاقتصادية الخالصة بها". وتابع أن "قواعد القانون الدولي تحتم على المغرب تعديل قانونه الوطني بما يتلاءم مع آليات القانون الدولي الجديد التي أقرتها الأمم المتحدة، خاصة في مجال البحار، كون أن بعض الاتفاقيات الدولية بمجال النزاعات وترسيم الحدود لم تعد تتطابق مع الأوضاع القديمة التي رسمها المغرب بعد الاستقلال (عام 1956)". ** تعزيز للسيادة عبر إقرار مشروعي القانونين، تعتزم الرباط فرض سيادتها على المياه الإقليمية والمنطقة البحرية الاقتصادية الخالصة الممتدة حتى الحدود الموريتانية. وقال وزير الخارجية المغربي، عند عرضه مشروعي القانونين: "سنبسط سيادتنا الكاملة على المجال البحري، لنؤكد بشكل واقعي، بأن قضية وحدتنا الترابية وسيادتنا على المجال البحري، محسومة بالقانون". وأضاف: "كان من الضروري تحديد الإطار القانوني للحدود البحرية للمغرب، وسيادة البلد تمتد من طنجة (شمال) إلى مدينة الكويرة (أقصى الجنوب).. واليوم نعبر بشكل واضح، أن الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه". وهو توجه اعتبر عبد الفتاح فتيحي، باحث في شؤون الصحراء، أنه يأتي "ضمن رؤية مغربية لتعزيز السيادة الترابية القانونية والواقعية على الصحراء وعلى المياه المحاذية لها". ورأى فتيحي، في حديث للأناضول، أن هذه الخطوة "لها بعد سياسي، عبر سعي المغرب إلى تقليص عدد الدول المحتمل أن تناوره على المستوى القانوني في قضية الصحراء". واعتبر أن ترسيم الحدود بشكل قانوني "يضعف مجموعة من الإدعاءات لدى البوليساريو التي تقول إن لها مناطق محررة على البحر وإدعائها أن لها سيادة واقعية على مناطق بحرية في الصحراء". ** أفق للحل بشأن ما قد يترتب على الخطوة المغربية المرتقبة، قال ياموت إن القانون الدولي "يكفل حق الاعتراض على القرار المغربي، لذا يمكن لإسبانيا اللجوء للآليات الدولية لحل النزاعات للبت في خطوة المغرب، التي يكفلها القانون الدولي". ويبدو أن ثمة رغبة مغرببة إسبانية لحل الأمر دبلوماسيًا، إذ قال "بوريطة" إن "إقرار التشريعين هو عمل سيادي، لكنه لا يعني عدم انفتاح المغرب على النقاش مع إسبانيا وموريتانيا". كما تضمن بيان الحزب الاشتراكي الإسباني دعوة المغرب إلى الاتفاق حول ترسيم الحدود بشكل مشترك. وجاء في البيان أن "إسبانيا تحرص على حل الأمر مع المغرب عبر الحوار". وتبقى "البوليساريو" خارج هذا الحل السلمي المحتمل، استنادًا إلى أن المغرب يعتبر أن الحكم الذاتي للصحراء هو أقصى ما يمكن تقديمه من تنازل، وفق مسؤولين مغاربة. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :