يمضي المغرب في قراره القاضي بالمصادقة نهائيا على مشروعي قانونين يرسم بموجبهما حدوده البحرية لتمتد إلى سواحل إقليم الصحراء المغربية، على الرغم من الرفض الإسباني ومساعي مدريد إثنائه عن بسط سيادته البحرية، بممارسة ضغوط على صفقة عسكرية ثنائية مرتقبة. وأكدت الحكومة المغربية أن توجّه الرباط بما فيها الأقاليم على السواحل الجنوبية “قرار سيادي خاص”، وأوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة الحسن عبيابة أن “المملكة المغربية لها كامل الحق في أن تقوم بترسيم حدودها الجغرافية”. لافتا أن “العملية تتم في صيغة قانونية وسيادية لا علاقة لها بأي مواقف أخرى”. وتساءل مراقبون عن دواعي تأخير المصادقة على القانونين في البرلمان وإذا كانت أطراف خارجية تضغط على المغرب لإثنائه عن هذا القرار في إشارة إلى موقف مدريد. ويرفض الحزب الاشتراكي الحاكم في إسبانيا الخطوة المغربية المرتقبة، إلا أن مصدرا دبلوماسيا أكد لـ”العرب” أن “هذا التأخير لم يكن تحت أي ضغط إسباني من أي نوع”. وحسب ما ذكرت صحف إسبانية محلية، سربت سلطات مدريد نيتها بوقف مفاوضات عقد صفقة شراء سفن عسكرية، بما يزيد عن 200 مليون يورو، وتتعلق بسفينتين عسكريتين، مماثلتين لسفن مراقبة السواحل الأربعة، التي كانت إسبانيا قد أبرمت صفقة بيعها لفنزويلا قبل عشر سنوات. ويعكس الموقف الإسباني توجسا من تطور القوة العسكرية البحرية المغربية التي بدأت تولي المكانة التي تستحق لأسطولها البحري وتطوير قدراته من عتاد وبنيات تحتية، كما أنه لا يمكن تمرير هذه الصفقة الضخمة إلا بموافقة العاهل المغربي الملك محمد السادس القائد الأعلى للقوات الملكية المسلحة. ويرى مراقبون أن الموقف الإسباني سياسي بالدرجة الأولى لتصريف الغضب من قرار المغرب ترسيم حدوده البحرية، مضيفين أن الصفقات الإستراتيجية في المجال التسليحي تتم في نسبتها الكبرى مع الولايات المتحدة الأميركية، وهذا ما يقض مضجع جيران المملكة شرقا وغربا. وحسب الباحث في الشؤون العسكرية والإستراتيجية عبدالحميد حارفي، فإن حصول المغرب على قدرات قتالية بـ48 طائرة من طراز إف 16 يعزز مكانته كقوة إقليمية وقارية، ويمنحه القدرة على لعب دور محوري في تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة ونشرت القوات الجوية الإسبانية فيديو قصيرا يظهر مقاتلات من نوع f 18، تابعة لها، فوق جزر الكناري، كنوع من الردع وهو ما تمت قراءته على أنه ضغط إضافي إسباني على المسؤولين المغاربة، لكنه لن يثني المغرب عن ترسيم حدوده البحرية كقرار سيادي لا رجعة فيه بالنسبة للمملكة. ويعتقد خبراء في الأمن والسياسات أن العلاقات المغربية الإسبانية لن تتأثر في هذه الفترة بقرار المغرب حيث أن هناك قنوات دبلوماسية تعمل على إيجاد التوافق على صيغة لترسيم الحدود كما تشير إلى ذلك اتفاقية الأمم المتحدة، مرجعين ذلك إلى أن القضايا الأمنية والإستراتيجية الكبرى بين البلدين تتطلب تنسيقا وتعاونا كبيرا من قبيل الهجرة والإرهاب والتجارة.
مشاركة :