كثفت الحكومة المصرية من جهود ترشيد المياه في ظل أزمة، باتت تلوح في الأفق مع اقتراب إثيوبيا من ملء «سد النهضة»، الذي تبنيه على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، ويتوقع أن يؤثر على حصة مصر من المياه.ويجري البلدان بمشاركة السودان مفاوضات ماراثونية، بهدف الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد. وقد استبق وزير الري الإثيوبي سيلشي بقلي اجتماعاً حاسماً في أديس أبابا يومي 9 و10 يناير (كانون الثاني) الجاري بإعلانه، قبل نحو أسبوع، أن «المرحلة الأولى من تعبئة بحيرة سد النهضة ستبدأ في يوليو (تموز) 2020».وتخشى مصر أن يؤدي ملء خزان السد، الذي أنجز نحو 70 في المائة من بنائه، إلى تقييد إمدادات المياه الشحيحة بالفعل من نهر النيل، والتي تعتمد عليها البلاد بالكامل تقريباً. بينما تقول إثيوبيا إن السد، الذي يولد الطاقة الكهرومائية، سيكون الأكبر في أفريقيا، وسيلعب دوراً حاسماً في تنميتها الاقتصادية.واستدعى اقتراب إثيوبيا من فرض الأمر الواقع، بالتزامن مع تعثر المفاوضات في الوصول إلى توافق إلى الآن، اجتماعاً أمس بين رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ومحمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، لمناقشة «ترشيد استهلاك المياه وأنظمة الري الحديث وتأهيل الترع»، وهو الملف الذي وصف بأنه «أولوية على أجندة عمل الوزارة»، بحسب بيان مجلس الوزراء.وطالب مدبولي، وزير الموارد المائية، وفقا للبيان، بـ«إعداد دراسة تفصيلية عن التحول لنظام الري الحديث، وكذا أعمال تبطين الترع، تتضمن التكلفة المالية، وتوزيعها على موازنات الأعوام القادمة، لبدء التنسيق مع وزارة التخطيط لإدراجها، نظراً لأهمية هذه المشروعات».وتعمل الحكومة المصرية وفق خطة لترشيد استهلاك المياه خلال 2020 - 2030 تقوم على خفض المساحات المنزرعة من محصول الأرز، وتوفير فروق الإنتاج من خلال الأصناف ذات الإنتاجية الأعلى، وتأهيل شبكة الترع الفرعية، وتطبيق الري الحديث في نطاق 5 ملايين فدان، بالتعاون مع وزارة الزراعة، كما أشار الوزير عبد العاطي.وضمن المخطط المصري إنشاء شبكات الري الحديث من خلال كيانات قانونية لوزارة الزراعة (الجمعيات)، وخلق شراكة بين الجمعيات الزراعية والقطاع الخاص، فضلاً عن تطبيق الحوافز الإيجابية والسلبية في توزيع الأسمدة والتقاوي. كما يشمل برنامج زيادة الموارد المائية، بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية.وتشكو مصر من شح مواردها المائية، ووفق تصريحات رسمية، فإنها دخلت مرحلة الفقر المائي، التي يقل فيها نصيب الفرد عن ألف متر مكعب سنوياً، حيث تبلغ حصة الفرد المائية نحو 500 متر مكعب سنوياً، فضلاً عن توقعات بزيادة سكان مصر عام 2050 إلى 170 مليون نسمة.ومن المقرر أن تعقد مصر وإثيوبيا والسودان اجتماعاً في أديس أبابا ما بين 9 و10 يناير الجاري، هو الأخير ضمن أربع جولات، تقرر عقدها على مستوى وزراء الموارد المائية والوفود الفنية لدول مصر وإثيوبيا والسودان، وذلك بمشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي كمراقبين.ونفى محمد السباعي، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية المصرية، لـ«الشرق الأوسط» «التوصل إلى أي اتفاق نهائي خلال الاجتماعات الثلاثة الماضية»، مشيرا إلى «التزام بلاده بالجدول الزمني المقرر».وتعد فترة ملء الخزان أكبر النقاط الخلافية بين إثيوبيا ومصر، حيث تطالب مصر بمراعاة حالة الفيضان في النيل الأزرق عند تحديد سنوات الملء، حسب حالة الفيضان مع تخصيص 40 مليار متر مكعب من المياه لها سنويا طيلة سنوات الملء، فيما ترفض إثيوبيا ذلك.وتبلغ حصة مصر في نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب، وتصفها القاهرة بـ«التاريخية». ونفى السباعي تصريحات إثيوبية قبل أيام أشارت إلى سحب مصر مقترحات بخفض حصتها إلى 40 مليار متر مكعب.وحال فشل جولة أديس أبابا المقبلة في التوصل لاتفاق، فإنه من المزمع لجوء الدول الثلاث باتجاه تفعيل البند العاشر من «اتفاق إعلان المبادئ»، الموقّع في الخرطوم عام 2015، والذي نصّ على إحالة الأمر للوساطة، أو رؤساء الدول، حال الفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الخلافية بحلول منتصف يناير 2020.
مشاركة :