الجملي يعلن حكومة كفاءات بعيدا عن المحاصصة الحزبية

  • 1/2/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أعلن رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي في تونس، مساء الأربعاء، عن عرض حكومته على رئيس الجمهورية قبل عرضها على البرلمان للمصادقة عليها. وقدم الجملي مرشح حزب حركة النهضة الإسلامية الفائز في الانتخابات التشريعية، إثر لقائه الرئيس قيس سعيّد في القصر الرئاسي حكومة تكنوقرط خالية من الوزراء المتحزبين بعد فشل مفاوضاته مع الأحزاب السياسية. ووفق بيان الرئاسة، سيتولى سعيّد توجيه رسالة إلى رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي، لتحديد موعد جلسة عامة لمنح الثقة للحكومة الجديدة. وسبق أن أعلن الجملي في كلمة مُقتضبة هنأ فيها الشعب التونسي بالعام الجديد على صفحته على فيسبوك، أنه أنهى تحديد أعضاء فريقه الحكومي، لتُصبح بذلك حكومته جاهزة لعرضها على الرئيس قيس سعيد، لكنه تعذر عليه ذلك “نظرا لتواصل نشاط رئيس الجمهورية خارج مقر الرئاسة إلى ساعة متأخرة”. وأعلن الجملي الذي واجه منذ تكليفه رسميا في 19 نوفمبر الماضي بتشكيل الحكومة التونسية الجديدة، الكثير من العراقيل التي دفعته إلى تأجيل الإعلان عن فريقه الحكومي في أربع مناسبات، في ندوة صحافية عن ولادة حكومة كفاءات، مشيرا إلى أن الحكومة التي توصل إلى تشكيلها بعد مسار شائك ومُعقد من المشاورات “جاهزة”. ولم يعلن رئيس الحكومة المكلف أسماء الوزراء وأرجأ تقديم القائمة الإسمية للصحافة إلى يوم الخميس، لكنه أشار إلى تواجد كفاءات تونسية في الحكومة من خارج الوطن. وبشأن موقف حركة النهضة من المشاورات الحكومية، قال إن قيادة حركة النهضة تدعم التشكيل الحكومي الجديد، رغم أنه أكد وجود خلافات داخل النهضة بشأن حكومته، موضحا أن حكومة الكفاءات المستقلة ليست ضد الأحزاب، وأن الهدف الوحيد هو خدمة البلاد بعيدا عن التجاذبات السياسية. وأضاف “هناك إدراك داخل الأحزاب أن مصلحة تونس هي في التمشي الذي يقوم على حكومة الكفاءات”، مشددا على أن تونس فوق مصالح الأحزاب. وأشار الجملي إلى أن تجميع الوزارات لا يخدم تونس في الوقت الحالي، وسيعطل العمل الحكومي في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تركيز الجهود لتطوير الوضع الاقتصادي. ولم يستبعد أن يعود إلى الفكرة في مرحلة لاحقة. وبخصوص البرنامج الحكومي على من سيحسب للنهضة أم لغيرها، بيّن الجملي بالقول “انطلقنا من برنامج النهضة كحزب أغلبي، وتم تطويره عن طريق الخبراء، وسيكون برنامج الحكومة وليس حكومة النهضة أو حزب قلب تونس اللذين سيدعمان الحكومة”. وعن أولويات الحكومة، ذكر مقاومة الفقر ومكافحة الفساد، فضلا عن الجانب الأمني الذي هو أولوية دائمة. وبشأن ما راج عن موضوع الاستغناء عمن تم اقتراحهم للوزارة، قال “نعم، اجتهدت في التحري بشأن قائمة الوزراء، وهناك من تم التخلي عنه بعد التثبت من سجله” دون ذكر مقاييس التحري. وأكد أنه بالإضافة إلى الملفات التي تم بمقتضاها اختيار المرشحين، فإن الوزراء تم اختيارهم بعد لقاءات مباشرة لمعرفة قدرتهم على التسيير ومدى توفر كاريزما لديهم. وبين الجملي أن حضور المرأة في الحكومة الجديدة يسجل هذه المرة بنسبة أربعين بالمئة، لافتا إلى أن أصغر وزير في حكومته يبلغ 31 عاما. وعلى الرغم من ضغوط الأحزاب، نجح الجملي في تجاوز الاشتراطات المُتعددة والمُتنوعة التي سعت بعض الأحزاب إلى تكبيله بها، والعراقيل العديدة التي تناثرت في طريقه لتشكيل حكومة كفاءات مُستقلة تكون بعيدة عن الأحزاب، وخاصة منها تلك التي تريد حكومة تعكس تشكيلتها نتائج الانتخابات من خلال إشراك القوى السياسية الوازنة برلمانيا. ويتوقع مراقبون أن تثير كلمة الجملي ردود فعل سلبية خاصة من الأحزاب التي كانت تراهن على أنها ستسيطر على الحكومة الجديدة مثل حزب حركة النهضة وحزب قلب تونس، مقابل أن يتم دعمها في البرلمان، وهو ما قد يجعل تمرير الحكومة في البرلمان أمرا صعبا. وكانت الخلافات دبت داخل حركة النهضة الإسلامية منذ إعلان الجملي تمسكه بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب، حيث تخشى بعض قيادات النهضة من تراجع نفوذ الحركة في الحكومة الجديدة. وتتسع دائرة هذه الخشية على وقع المواقف السياسية المُتباينة، والتصريحات المُتضاربة الصادرة عن مسؤولي حركة النهضة الإسلامية. ولم تتمكن حركة النهضة الإسلامية التي تتالت اجتماعات هياكلها القيادية، خلال اليومين الماضيين، منها مكتبها السياسي، ومكتبها التنفيذي، ولجنتها المشتركة للمفاوضات التي تتكون من أعضاء من مجلس الشورى والمكتب التنفيذي، من تبديد الضباب الذي تراكم على تخوم موقفها الرسمي من حكومة “الكفاءات المستقلة”، التي يبدو أن ولادتها ستشق صفوف كتلتها النيابية. ووسط هذا المشهد الضبابي، لم يتردد ناجي الجمل، النائب البرلماني عن حركة النهضة، في الإعلان عن دعمه لفكرة “حكومة الرئيس” التي يخشاها راشد الغنوشي، حيث كتب في تدوينة له قائلا “أصبحت مقتنعا بأن حكومة سياسية بامتياز يختار رئيسَها رئيس الجمهورية بالتشاور مع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، ويشارك فيها من أراد هي أقدر على رفع التحديات الكبيرة، لأنها مسنودة من الرئيس ومن حزام سياسي واسع”. ويجد هذا الموقف الذي يعكس حدة الانقسامات التي باتت تعصف بحركة النهضة الإسلامية، صدى له في تصريحات عدد من القيادات التاريخية لهذه الحركة المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، منهم المحامي سمير ديلو، الذي أقر في تصريحات له بأنه لا يوجد إجماع بين قيادات النهضة على “حكومة الكفاءات” التي يعتزم الجملي الإعلان عنها. ولا يتوقف هذا الإقرار عند هذا الحد، وإنما تجاوزه إلى ما هو أبعد، حيث اعتبر عجمي الوريمي المُقرب من راشد الغنوشي، أن “خيار الذهاب نحو حكومة كفاءات أفرغ الانتخابات من مضمونها”، ما يعني أن الحكومة الجديدة ستواجه رفضا من الحزب الأغلبي، وستعمق الأزمة السياسية.

مشاركة :