بقيت المشاورات في شأن تشكيل الحكومة التونسية على امتداد أكثر من ستة أسابيع عالقة في تفاصيل المحاصصة وتقاسم النفوذ والبحث عن سند سياسي، فعوض الاتفاق على أرضية عمل مشتركة بين الأحزاب الداعمة لها، تتصارع الأحزاب على حجز أكثر عدد من المقاعد فيها، وهو أحد العوامل الرئيسية في تأخر إعلان حكومة. كان من المفترض، بحسب المصادر، أن تعرض التشكيلة الوزارية أول من أمس أمام البرلمان لنيل الثقة. وتؤكد «حركة النهضة» أنها ستتحمل مسؤوليتها في تشكيل حكومة تعرض على البرلمان في أقرب وقت. وأعلنت أن مسار تشكيل الحكومة مع أحزاب «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب» و«تحيا تونس» توقف. وأعلنت الأحزاب المذكورة عدم المشاركة في حكومة الجملي، في حين ردت «النهضة» بأن «حركة الشعب» كان لديها نيّة في إفشال تأليف الحكومة حتى قبل دخولها على خطّ المشاورات. الحبيب الجملي وجد نفسه أمام عدة عقبات عطلت الإعلان عن الحكومة وأجلته إلى اليوم الاثنين أو ربما الثلاثاء، أولى هذه العقبات الخلاف القائم مع رئاسة الجمهورية، خلاف أعاد إلى الأذهان ذكريات سيئة عن العلاقة المتوترة بين مؤسستي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والخلاف القائم بين الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، وما خلفه من مشاكل بقيت نتائجها ملقية بظلالها إلى الآن على المشهد السياسي. الخلاف بين الرئيس قيس سعيد والحبيب الجملي رئيس الحكومة المكلف، بدأ منذ حاول رئيس الجمهورية إطلاق مبادرة لإعادة الحوار بين حركة الشعب وحركة النهضة والتيار الديمقراطي وتحيا تونس، لكن الجملي رفضها وأعلن عن الانطلاق في مشاورات جديدة لحكومة كفاءات مستقلة في حركة اعتبرها محللون سحباً للبساط من رئيس الجمهورية وإفشالاً لمبادرته. وقال رئيس لجنة المالية والقيادي في حزب قلب تونس عياض اللومي، إن البلاد تعيش حالة من العبث خاصة في ملف تشكيل الحكومة، داعيا إلى الإسراع في إنهاء تلك الوضعية. وأوضح أن البلاد تعيش منذ أكثر من شهرين في حالة من التصادم في المصالح دون البحث عن حكومة كفاءات. مشاورات من جهته أوضح المكلّف بالإعلام لدى رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، قيس العقروبي في تدوينة على صفحته على فيسبوك، أن مشاورات تشكيل الحكومة متواصلة على مدار الساعة لاستكمال التشكيلة في الآجال المحدّدة. وأوضح العقروبي أن رئيس الحكومة المكلف ملتزم تمام الالتزام بأن تراعي تشكيلة الحكومة المرتقبة كل المعايير والشروط التي وضعها من أجل أن تكون واقعياً حكومة كفاءات وطنية مستقلة تحظى بمعاضدة كل الأطراف والفاعلين السياسيين. وبخصوص الخلاف الحاصل بين الجملي والرئيس التونسي، شدّد العقروبي على أن رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي يعمل بالتشاور والتنسيق مع رئيس الجمهورية قيس سعيّد، ولا صحة لما يتداول حول أي خلاف بشأن أية مسألة، وستكون الحكومة جاهزة وترتيباتها كاملة، ولن يتجاوز تقديمها والمصادقة عليها الآجال التي يضبطها الدستور. كذبة في الأثناء، اعتبر الأمين العام لحزب العمال التونسي حمة الهمامي في تصريح على هامش انعقاد المؤتمر الثاني للحزب، حكومة الكفاءات بالكذبة، معتبراً أن الأغلبية البرلمانية لا تمتلك الحلول. وتابع الهمامي أن رئيس الجمهورية بدوره لا يحمل في جرابه حلولاً حسب تعبيره. وقال إن تونس ستواجه مرة أخرى مرحلة صعبة، مصرحاً في هذا السياق بالقول «على الشعب التونسي أن يُعوِّل على نفسه».طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :