أظهرت موازنة سلطنة عمان لعام 2020 التي وافق عليها السلطان قابوس الأربعاء زيادة كبيرة في الإنفاق دون أن تلجأ لمعالجة العجز المتفاقم، رغم القلق المتزايد بين وكالات التصنيف الائتماني بشأن متانة الأوضاع المالية للبلاد. وذكرت وكالة الأنباء المحلية أن الحكومة تتوقع زيادة الإنفاق اثنين بالمئة هذا العام إلى 13.2 مليار ريال (34.38 مليار دولار)، لكن عجزها المالي سيظل مرتفعا عند 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتتوقع الحكومة عجزا قدره 2.5 مليار ريال (6.5 مليارات دولار) في 2020، وهو ما يقل بشكل طفيف عن 2.8 مليار ريال (7.28 مليار دولار كانت متوقعة في الموازنة الماضية. وأفادت بيانات حكومية أن سلطنة عمان سجلت عجزا 1.9 مليار ريال (قرابة خمسة مليارات دولار) في الشهور العشرة الأولى من 2019. وسيجري تمويل نحو 80 بالمئة من عجز 2020 عبر الاقتراض الخارجي والداخلي، والباقي بالسحب من الاحتياطيات. وتُقدر الإيرادات بنحو 10.7 مليار ريال (27.8 مليار دولار)، بافتراض متوسط سعر النفط عند 58 دولارا للبرميل هذا العام. والإيرادات مرتفعة 6 بالمئة عن توقعات موازنة العام الماضي. وبحسب بيانات رفينيتيف، تتعافى أسعار النفط في الآونة الأخيرة، إذ جرت تسوية العقود الآجلة لخام برنت عند 66 دولارا للبرميل الثلاثاء الماضي وزاد برنت حوالي 23 بالمئة في 2019. وكانت عُمان وهي أحد أفقر الدول الخليجية بالموارد النفطية قد أطلقت في 2016 خطة تمتـد لخمسة أعوام لتنويع مصادر الدخل، بهدف خفض الاعتماد على إيرادات النفط إلى النصف لكـن وتيرة تنفيذ الإصلاحات لا تزال بطيئة حتـى الآن. وتساهم صناعة النفط بما يصل إلى 44 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتسعى مسقط لخفضها إلى 22 بالمئة فقط بحلول العام الجاري من خلال استثمار 106 مليارات دولار على مدى 5 سنوات. وتشير مؤسسات مالية دولية إلى وجود ضغوط كبيرة ومتواصلة على الموازنة بسبب الإسراف في توظيف المواطنين وقلة الخطط التي تبحث عن موارد جديدة من خلال تعزيز مشاريع التنمية البطيئة. وقد اتضح ذلك في قرار إرجاء تطبيق ضريبة القيمة المضافة إلى أجل غير مسمّى رغم أن اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي ينص على تطبيقها بداية من عام 2018. ونقلت وسائل إعلام محلية عن محمد جواد، القائم بأعمال وكيل وزارة المالية، تأكيده قبل أيام أنه لن يتم فرض ضريبة القيمة المضافة خلال العام 2020. وقال إن الموازنة الجديدة للسلطنة لا تشمل ضريبة القيمة المضافة كمصدر للإيرادات. وانضمت السلطنة إلى دول الخليج الأخرى في فرض الضريبة الانتقائية على خمسة منتجات انتقائية بهدف الحصول على عوائد مالية إضافية. وتضمنت الخطوة فرض ضريبة بنسبة 100 بالمئة على التبغ ولحم الخنزير والكحول ومشروبات الطاقة، بالإضافة إلى ضريبة بنحو 50 بالمئة على المشروبات الغازية. إلا أنه تم تخفيض الضريبة على الكحول لاحقا إلى النصف. وفي أواخر العام الماضي، اتفقت دول أوبك ومنتجون من خارجها على تعميق تخفيضات إنتاج الخام بواقع 500 ألف برميل يوميا حتى مارس 2020 لدعم الأسعار، لكن الخطوة قد تؤثر على النمو وإيرادات النفط بالنسبة إلى منتجي النفط بمنطقة الخليج. وعلى مدار السنوات القليلة الأخيرة، اعتمدت مسقط، المصنفة ديونها عالية المخاطر من وكالات التصنيف الائتمانية الثلاث الكبرى موديز وفيتش وستاندرد آند بورز، على الاقتراض بشدة لتحفيز النمو وإعادة ملء خزائنها التي استنزفها تراجع أسعار النفط. وقالت موديز في مارس الماضي إن سلطنة عمان قد تواجه انكشافا خارجيا، إذ سيساهم اتساع العجز المالي في زيادة عجز ميزان المعاملات الجارية، مما يطيل أمد اعتماد مسقط على تدفقات مطردة من التمويل الخارجي
مشاركة :