ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن رئيس بيلاروسيا ألكساندر لوكاشينكو، البالغ من العمر 65 عامًا، يخاطر بالعلاقات الجيو/ سياسية القوية التي شكلها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، من خلال دعوة الصين والولايات المتحدة لممارسة النفوذ في بلاده، كوسيلة لمنع الاتحاد السياسي مع الكرملين.ورجحت المجلة - في تقرير لها نشرته على موقعها الإلكتروني - أن يتعمق التواصل الغربي مع لوكاشينكو عقب الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى مينسك، والتي تأخرت عن موعدها بسبب تصاعد التوترات في العراق.من جانبه، قال وزير خارجية بيلاروسيا فلاديمير ماكي - في مقابلة أجراها مع مجلة فورين بوليسي -: اننا لن نقطع علاقاتنا مع روسيا، فهم جيراننا وأكبر شريك اقتصادي لنا، لكن التخلي عن سيادتنا واستقلالنا أمر غير وارد".وأضاف:" أنه يوجد بالفعل ثلاثة أو أربعة أجيال من الأشخاص المولودين في دولة بيلاروسيا المستقلة الجديدة، وهم لن يوافقوا أبدًا على التخلي عن أي استقلال تحقق".وفي هذا، قالت المجلة :" إن تكتيكات لوكاشينكو الجديدة تعتبر ردا على الضغط المتزايد من قبل موسكو وتنامي المشاعر القومية في بيلاروسيا. ففي أواخر العام الماضي، شهدت العاصمة مينسك احتجاجات نادرة ضد الاندماج مع روسيا، حيث كان المتظاهرون يحملون لافتات مكتوب عليها " القرم أولا، ثم بيلاروسيا" و" أوقفوا الضم"!- وكانت احتجاجات قد تزامنت مع المحادثات التي عُقدت في مدينة سانت بطرسبرج الروسية بين لوكاشينكو وبوتين، وأدت إلى طريق مسدود، مثلها مثل المحادثات الأخرى التي عقدت في ديسمبر 2019". وتابعت:" أن الإحباط المتزايد بين الجانبين أصبح جليا.. حيث ربط بوتين مؤخرًا مسألة إقرار بعض التخفيضات الإضافية في قطاع الطاقة بالنسبة لبيلاروسيا بشرط أن تتقدم محادثات الاندماج، وذلك في الوقت الذي حذر فيه لوكاشينكو من أن أي محاولة لإجبار بيلاروسيا على أن تصبح جزءًا من روسيا يمكن أن تؤدي إلى حرب مع الغرب برمته".ومن أجل مواجهة هذا التحدي المتنامي، أبرزت المجلة أن الزعيم البيلاروسي أدخل متغيرات جديدة في سياسته للتحوط الاستراتيجي وفي عملية تحويل بيلاروسيا إلى جبهة مهمة، وسط تنافسات متزايدة وتنافس متزايد بين روسيا والولايات المتحدة والصين.بدوره، قال آرسن سيفيتسكي، مدير مركز دراسات السياسة الخارجية والاستراتيجية، وهو مركز فكري في مينسك، " إن بيلاروسيا تبحث عن مخرج من المأزق الجيو/ سياسي الحالي".أما بالنسبة للصين، فأكدت "فورين بوليسي" أن بكين أضحت قوة سياسية واقتصادية متنامية في العقد الأخير، وبينما وضعت بيلاروسيا نفسها كقاعدة انطلاق مهمة على عتبة الاتحاد الأوروبي لمبادرة "حزام الطريق" التي أطلقها الزعيم الصيني شي جين بينج، أصبحت الصين شريكاً متنامياً لبيلاروسيا، وفتحت خط ائتمان بقيمة 15 مليار دولار لبنك التنمية في بيلاروسيا، وقدمت قرضًا آخر بقيمة 500 مليون دولار الشهر الماضي بعد تعليق قرض مماثل من موسكو في ضوء إجراء محادثات تكامل.أما عن واشنطن، فمع بدء ذوبان الجليد في العلاقات مع الولايات المتحدة، قام مستشار الأمن القومي جون بولتون في أغسطس الماضي بزيارة لبيلاروسيا، وفي سبتمبر، أعلنت واشنطن ومينسك أنهما ستتبادلان السفراء بعد توقف طويل في العلاقات الدبلوماسية بينهما.وأردفت "فورين بوليسي" تقول : " إن زيارة بومبيو لمينسك تعتبر جزءًا من جولة واسعة ستأخذه إلى أوكرانيا وكازاخستان وأوزبكستان وقبرص.. وفي حين أن مصالح واشنطن في بيلاروسيا تعد سطحية من نواح كثيرة وتركز على إعادة بناء العلاقات، إلا أن الموقع الاستراتيجي للبلاد أصبح أكثر بروزًا بين صناع السياسة داخل الولايات المتحدة.. ومثل العديد من الدول السوفيتية السابقة التي ستتم زيارتها، تركز الولايات المتحدة على نوايا موسكو تجاه مينسك، وكذلك على كبح جماح نفوذ الصين المتزايد في البلاد - وفي أماكن أخرى عبر الاتحاد السوفيتي السابق - منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014.كما اعتبرت المجلة الأمريكية :" أنه على الرغم من أن بيلاروسيا لا تزال عضوًا في منظمات تقودها روسيا مثل الاتحاد الاقتصادي للمنطقة الأورو/ آسيوية ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهي كتلة عسكرية تهيمن عليها موسكو، إلا أنها خلقت مجالًا لرفض نفوذ موسكو.. وتجنبت حتى الآن ضغط الكرملين لاستضافة قاعدة عسكرية روسية، كما امتنعت عن الاعتراف بشبه جزيرة القرم كجزء من روسيا، وضغطت على موسكو لسحب سفيرها بعد أن اتهمته مينسك بمعاملة بيلاروسيا كمقاطعة روسية".
مشاركة :