خبراء آثار عالميون تدارسوا ظاهرة تدمير التراث

  • 5/24/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحت مفهوم «الحضارة في أزمة» شهد «متحف فيكتوريا آند ألبرت» في لندن أخيرا، أكبر تجمع عالمي لخبراء المتاحف والآثار، في محاولة لتدارس الاعتداءات والتجاوزات التي تتعرض لها المتاحف والمواقع الآثارية في العراق وبلدان أخرى، مما بات يشكل انتهاكا صارخا لحرمة التراث الإنساني، ومحاولة لمحو ذاكرة البشرية والأخذ بها نحو مستقبل مظلم، خال من العبر والمعاني والإنجازات التي تحققت على مدى أزمنة. تركّزت وقائع المؤتمر، حول أربعة محاور استهدفت بمجملها، مراجعة تجارب الماضي، وحصر الأضرار، واستعراض دور «الإنتربول» في منع الاتجار غير المشروع، بالآثار المسروقة، بالإضافة إلى زيادة الوعي العام بأهمية التعرف على المسروقات ورصدها والتعاون من أجل استرجاعها. أقيم المؤتمر تحت رعاية منظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة، وبالتعاون بين متحف «فيكتوريا آند ألبرت» البريطاني، و«معهد حماية التراث الحضاري» التابع لجامعة ييل الأميركية. وشارك فيه نحو 150 خبيرا عالميا بالآثار، بضمنهم أكاديميون ومديرو متاحف ومختصون في تجارة التحف، ومسؤولون من الإنتربول. وقد عرضت خلال المؤتمر، تقارير مصورة عن أوضاع المتاحف والمواقع الأثرية المتضررة في عدد من بلدان العالم، بينها دول عربية كسوريا، واليمن، وليبيا، بالإضافة إلى أفغانستان، وكوريا، ومالي، ونيجيريا. ورغم تغيب العراق عن المؤتمر، فإن التقارير التي ألقاها بعض الخبراء الأجانب عن واقع الآثار في العراق، ساعدت في رسم صورة واقعية لطبيعة الأضرار التي تعرضت لها متاحفه ومواقعه الأثرية وحجمها، من قبل جماعات إرهابية في الآونة الأخيرة. فقد تحدث الدكتور إيكارت فرام، أستاذ الآشوريات بجامعة ييل الأميركية، والمختص بتاريخ وادي الرافدين (ميسوبيتيميا) وحضارته، في مرحلة الألف الأول قبل الميلاد، فأشار إلى أن الآثار العراقية كانت في الحفظ والصون للفترة الواقعة ما بين عامي 1920 - 1980. بعد ذلك وبسبب الحروب المتلاحقة، بدأت تتعرض للنهب والدمار. وأشار أيضا إلى أهمية توثيق المسروقات في هذه المرحلة، كما نوه إلى أهمية تعاون الحكومة التركية مع الجهود العالمية لمنع تهريب الآثار المنهوبة عبر أراضيها. كما تحدث البروفسور ماركوس هيلغرت، مدير متحف تاريخ الشرق الأدنى القديم في برلين، وأستاذ الآشوريات في جامعة هايدلبرغ، فشدد على ضرورة منع الاتجار غير المشروع بالآثار، وزيادة الوعي الاجتماعي العام بأهمية حماية التراث. ومن جهته أشار الدكتور جون كيرتس، مدير قسم الشرق الأوسط بالمتحف البريطاني بين عامي 1989 - 2011. والذي قام بزيارات كثيرة إلى العراق بين عامي 2003 - 2013 بهدف تقييم الأضرار التي تعرضت لها المواقع الأثرية بعد دخول قوات التحالف، ونشر تقريره بهذا الصدد من قبل منظمة اليونيسكو، وأشار إلى أن المتحف الوطني في بغداد كان يعد في صدارة المتاحف العالمية وبقيت محتوياته سليمة منذ تأسيسه في عام 1923 ولغاية حرب الخليج. كما أشار إلى أن التدمير الذي تمارسه الجماعات الإرهابية ضد التراث الإنساني، لم يسبق له مثيل في شراسته وشموليته، مؤكدا أن من المهم أن تتولى اليونيسكو والأمم المتحدة وضع الضغوط وإصدار الإدانات ضد الجهات والدول التي تدعم «داعش» وتمولها، بالإضافة إلى وضع تشريعات قانونية ضد التهريب والمتاجرة بالآثار، وكذلك نشر الوعي الثقافي في مجتمعات العالم حول أهمية حماية التراث الإنساني. مدير متحف «فيكتوريا آند البرت» مارتن روث، أوضح أن الغاية من انعقاد المؤتمر بهذا العدد الكبير من الخبراء العالميين، هي ألا نبقى مكتوفي الأيدي أو في حالة عجز إزاء ما يحدث على أرض الواقع من تدمير واعتداء على تاريخ البشرية، فهؤلاء لا يدمرون الماضي وحسب، بل يعملون على أفراغ مستقبل الإنسانية من كل المعاني والقيم والإنجازات. وعن دور المتحف البريطاني بالنسبة للأزمة الراهنة قال الدكتور جوناثان تاب مدير قسم الشرق الأوسط، إن المتحف البريطاني تقدم بمبادرة لتدريب آثاريين عراقيين حول كيفية التعامل مع الأزمات ومعالجة القطع المهشمة وربما إعادة تركيبها، مؤكدا، في حالة أقرب إلى التفاؤل، أن تجربته كخبير آثار، تثبت أن بالإمكان إعادة تركيب القطع المهشمة في حالات كثيرة. ولا بد من القول هنا، إن غياب العراق عن المؤتمر بكل أشكال التمثيل المتاحة، ترك فجوة ملحوظة، لا سيما أن أخبار الهجمات الإرهابية على المتاحف والمواقع الأثرية في الموصل تملأ أسماع العالم وتثير استغرابه.

مشاركة :