تتحدى الممثلة فرنسيس مكدورماند إدارة «كان» قبل أيام تعليقًا على منع الإدارة ضيفة من ضيفات المهرجان (غير السينمائيات) من صعود المدرجات المفترشة بالبساط الأحمر، لأنها لبست حذاء بلا كعب على الرغم من أن ملابسها السوداء الأنيقة كانت تتمشى تمامًا مع شروط اللياقة البروتوكولية المعتمدة من قِبل إدارة المهرجان. والممثلة إميلي بْلنت صرّحت: «إذا كان النبأ صحيحًا فهذا أمر مؤسف». أما الممثل جوش برولين فقال ضاحكًا: «سأحضر الحفل بحذاء ذي كعب عال». المسؤولون عن البروتوكول رددوا، أولاً، أن ارتداء الكعب العالي بالنسبة للمدعوّات إلى العروض الرسمية ليلاً هو أمر تقليدي وأحد قوانين المهرجان المعمول بها، لكنهم لاحقًا تراجعوا عن هذا التصريح مؤكدين أن الكعب العالي ليس شرطًا. كرد فعل أقدم عدد من الممثلات والسينمائيات على حضور حفلات العروض المسائية «البروتوكولية» بأحذية مسطّحة فيما تراجعت الإدارة وفسّرت الأمر على أنه «سوء فهم». ما قالته الممثلة مكدورماند تعليقًا: «أعتقد أنهم يعتقدون أن الأحذية المسطّحة في طريقها إلى الاندثار. إن كان هذا صحيحًا فسأحضر حفلاتي بحذاء رياضي. لا يعلمون أن بعض التصاميم المعمولة لأحذية من دون كعب عال هي أفضل من تصاميم الأحذية التي يريدونها على البساط الأحمر». الحق على فرد واحد مكدورماند لا تخشى رد الفعل لسببين: لا يود المهرجان توسيع نطاق هذه الزوبعة التي جعلت الكثير يسخرون من هذا القانون في دورة قيل عنها إنها دورة «نسائية» واضحة من حيث فيلم الافتتاح وتعدد المخرجات في الأفلام المقدّمة، وثانيًا لأنها زوجة جووَل كووَن، المخرج الذي يُدير مع شقيقه إيتان رئاسة لجنة التحكيم هذا العام التي اجتمعت يوم أمس (السبت) لكي تصوّت على من سيفوز ومن سيجد نفسه قد سجّل حضوره كمتسابق فقط. لكن حكاية المرأة التي منعت من دخول صالة العرض لأنها لم ترتد الكعب العالي لم تمض بسهولة. بعدما تبين أن عددا آخر من النساء منعن من الدخول للسبب ذاته (بينهن زوجة المخرج عاصف كاباديا الذي قدم فيلمًا تسجيليًا بعنوان «أمي»). كشفت الحادثة أولاً مجلة «سكرين» التي تصدر يوميًا في «كان» ثم تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة وحطت، بعدما أصبحت بحجم كرة الثلج، عند مكتب رئيس المهرجان تييري فريمو الذي وضع المسؤولية على كاهل موظف الأمن الذي منع الضيفة من الدخول وردد أن المخرجات امتعضن من هذه الزوبعة واعتبرن تصرف رجل الأمن غير لائق، ثم قال: «حلمنا أن نقدم مهرجانًا بلا أسماء حتى لا يعرف الإعلام هوية المخرج ما إذا كان رجلاً أو امرأة»! وفي حين اتضح أن المسألة تكررت قبل الحادثة خلال هذه الدورة على الأقل، تبيّن أيضا أن «الإتيكيت» الممارس لم يتوقف عند النساء، بل شمل الرجال في أكثر من مرّة حيث تم منع مصوّر ارتدى «السموكينغ» الصحيح لكنه نسي أن يلبس حذاء أسود و… بشريط. التركيبة أن تكون الدورة مهداة إلى المرأة لتجد هذه نفسها مطالبة بالتزامات تراها منافية لحريّتها في اختيار ما يناسبها من أحذية، جعل المسألة تكبر مع الأيام عوض أن تصغر، خصوصًا أن المهرجان كان اتهم في الدورتين السابقتين بأنه لم يسع لضم أفلام المخرجات إلى برنامجه، وأن اختياراته من أفلام المسابقة كانت غالبًا تميل إلى أفلام من إخراج الذكور. هذا العام حاولت إدارة المهرجان الالتفاف على هذا النقد سواء من خلال اختيار فيلم افتتاح مخرجته امرأة («رأس مرفوع» للفرنسية إيمانويل بيركو) أو الإكثار من العنصر النسائي وراء الكاميرا في المسابقة والتظاهرات الجانبية. فقط لتفاجأ بهذه الزوبعة التي تبدو مناقضة لتلك النيات ومثيرة لقدر من السخرية التي يجيدها الإعلام الغربي. ومع أن هذه الأجواء يجب ألا تؤثر في قرارات لجنة التحكيم، إلا أنها قد تحوم في النتائج التي ستعلن مساء اليوم (الأحد). هذا مع العلم أن نصف أعضاء لجنة التحكيم هم من الإناث. وجود مخرجين أميركيين (شقيقين) في رئاسة لجنة التحكيم لن يضمن بالطبع حصول الفيلمين الأميركيين المشتركين وهما «كارول» لتود هاينز و«بحر من الشجر» لغس فان سانت بالسعفة الذهبية. لكن من ناحية ثانية فإن «كارول» الذي يحكي قصّة امرأتين في الحب في خمسينات القرن الماضي عندما كانت تلك العلاقات دائمًا مستترة، هو فيلم جيّد، وقلّة هي التي ستفاجأ إذا ما حصل على السعفة. لكن الأخوين كووَن يديران لجنة التحكيم ولا يحكمانها، بمعنى أنهما في النهاية لن يستطيعا الوثوب إلى قرار فردي إذا ما وجدا نفسيهما محاصرين بأصوات مناهضة. كذلك فإن التباين في الأفلام المعروضة، نوعًا وأساليب عمل، يوازيه ذلك التباين بين أعضاء لجنة التحكيم. هذه اللجنة تتألف من المخرج المكسيكي الأصل غويلرمو دل تورو الذي قد يحبّذ «حكاية الحكايات» كونه يشابه بعض أفلامه؛ إذ إن دل تورو مشهور بتلك الأعمال الفانتازية، ومنها «متاهة بان». إن وجد أن فيلم ماتيو غاروني ذاك لا يستحق عناء الدفاع عنه (وهو ليس فيلمًا مفضلاً بين غالبية النقاد) فإنه قد يتوجه لفيلم التايلاندي هاو - سياو سيين «القاتل» كونه يحمل أيضا الفانتازيا مع جرعة فنية مناسبة. وهناك عدد من أعضاء لجنة التحكيم قد يتوجّهون إلى فيلم «كارول» بخياراتهم، خصوصًا النساء، منهن: الممثلة الإسبانية روزي دي بالما، والممثلة البريطانية سيينا ميلر، والمؤلفة الموسيقية رقية تراوري (من أصل مالي)، والفرنسية صوفي مارسو، قد يرين في ذلك الفيلم تعبيرًا عن وضع المرأة التي تبدو، على أكثر من نحو بما في ذلك الحادثة التي وقعت على مدرّجات كان، ما زالت مضطهدة. اللاعب الخفي لكن صوفي مارسو قد تتجه أيضا لاختيار فيلم فرنسي ولديها خمسة أفلام تعاينها، ولو أنها جميعًا ثرثرة صورية وكلامية ولو بأساليب مختلفة، وأكثر الأفلام الفرنسية التي قد تتمتع بغطاء بعض أعضاء لجنة التحكيم هو «معبار رجل» لستيفن بريز، ذلك الفيلم الذي تبقى الكاميرا ثابتة على رجلين يتناقشان بأي سعر سيتم تأجير المنزل لسبع دقائق. منح فيلم فرنسي جائزة رئيسية قد يكون أيضا من تحبيذ المخرج والممثل الكندي الشاب إكزافييه دوران الذي كان نال في العام الماضي جائزة لجنة التحكيم عن فيلمه «مومي». إكزافييه قد يرى في «ملكي» للمخرجة ميوان عملاً جديرًا. في الوقت ذاته قد ينحو صوب «كارول» لأسباب عاطفية. اللاعب الخفي سيكون الممثل الأميركي جايك جيلنهول الذي ظهر في فيلم دنيس فينييف «سجناء» قبل عامين، والمخرج الكندي فينييف لديه في المسابقة هذا العام فيلم جيّد هو «سيكاريو» الذي قد يُنظر إليه بوصفه عملا تشويقيا أكثر منه فنيا، لكن ورقة الفيلم الأساسية هي أنه يمنح بطلته إميلي بْلنت حضورًا قويًا ربما نتج عنه جائزة أفضل ممثلة. لكي تفوز بلنت بتلك الجائزة عليها أن تتجاوز كايت بلانشيت التي تؤدي شخصية الزوجة المستقرّة في حياة اجتماعية رغيدة إلى أن تلتقي ذات يوم بالفتاة الشابة روني مارا، وذلك حسب قصّة فيلم «كارول». بشكل عام فإن وجود إجماع على فيلم واحد من دورة التصويت الأولى لا يبدو ممكنًا. هناك «شباب» و«كارول» و«لوبستر» و«ابن شاول» تتنافس على جذب أكثر الأصوات هذه إلى جانب واحد من تلك الأفلام الفرنسية التي من المحتمل جدًا أن تستبعد من الجائزة الأولى (على الأقل) لسبب مهم وهو أن كثرة عدد الأفلام الفرنسية المتنافسة (لجانب مستوياتها الضعيفة) قد ينتج عنه خروجها جميعًا من دون تقدير. على هذا النحو فإن الخريطة المتاحة قبل ساعات من إعلان الجوائز تتوزّع على التالي، علما بأن هناك فيلمين فقط لم يتسن لهذا الناقد مشاهدتهما، هما فيلما اليوم الأخير «وادي الحب» للفرنسي غويليام نيكلوكس و«ماكبث» لجوستين كورزل. أفلام ذات احتمالات عالية: - «كارول» لتود هاينز (الولايات المتحدة): بسبب حسن إخراجه الكلاسيكي وموضوعه الاجتماعي الذي قد يجد بين لجان التحكيم (وليس بين رئيسيها بالضرورة) قبولاً. - «شباب» لباولو سورنتينو (إيطاليا): لمعالجته الفنية لموضوع يتعاطى مع الإنسان والثقافة والحاضر. المخرج سورنتينو قد يستحق جائزة أحسن إخراج إذا لم يحقق الفيلم السعفة الذهبية. ولدينا مايكل كاين في أداء قوي يصلح معه للفوز بجائزة أفضل ممثل. - «ذا لوبستر» إخراج يورغوس لانتيموس (اليونان - آيرلندا - فرنسا): لموضوعه العاطفي الذي يحفل بملامح سوريالية مع إخراج ذي أسلوب مناسب. هو أيضا فيلم قد ينتج عنه جائزة إخراج، أو جائزة لجنة التحكيم الخاصة. أفلام ذات احتمالات جيّدة: - «حكاية الحكايات» لماتاو غاروني (إيطاليا): فانتازيا من الحكايات المثيرة وذات الوقع الثقيل معًا. تمثيل سلمى حايك لن يمنحها فرصة الفوز بجائزة أفضل ممثلة. - «ابن شاول» إخراج لازلو نيميش (المجر): بصرف النظر عن كونه فيلم هولوكست آخر، في نهاية الأمر، فإن طريقة تنفيذه لافتة من دون أن تكون بالضرورة فنية أو جيّدة. مخرجه قد يجد السبيل لجائزة أفضل مخرج. - «معيار رجل» لستيفان بريز (فرنسا): لصالح الفيلم أسلوبه التسجيلي وتمثيل بطله فنسنت ليندون الذي غالبًا ما سينتهي منافسًا رئيسًا كأفضل ممثل. الفيلم بحد ذاته يبقى أقوى الاحتمالات الفرنسية ولو أن مزاج الأميركيين قد لا يسانده. أفلام ذات احتمالات متوسطة: - «أختنا الصغيرة» لكيدو إيدا هوريكازو (اليابان): عمل أفضل ما فيه نعومته المرهفة وهو من بطولة أربع إناث ليس منهن من ستحظى بجائزة أفضل ممثلة. - «أمي» لنينو موريتي (إيطاليا): جيد في نواح وعادي التأثير في نواح أخرى مع تمثيل نسائي لا بأس به، لكنه لن يقوى على سواه. اسم موريتي وحسنات الفيلم التنفيدية قد تحمله لجائزة مساندة. - «سيكاريو» لدنيس فينييف (كندا): جيّد التنفيذ والأمور التقنية كلها في مستوياتها الصحيحة، لكنه ليس فيلم مهرجان مثل «كان» (ولو أن «كان» اختاره بسبب اسم مخرجه الذي يزداد مكانة عامًا بعد عام) وبالتأكيد ليس فيلمًا ينال سعفته. لكن بطلته بلنت ربما لها شأن آخر. - «القاتل» The Assassin (تايلاند - الصين): على حسنات تنفيذه، سيبقى تحت نظرة أنه ليس الفيلم الذي يستحق الجائزة الذهبية … أو سواها في أي خانة. - «أقوى من أصوات القنابل» Louder Than Bombs لواكيم ترايير (دنمارك، نرويج): الفيلم جيد إلى حد يناوئه سيناريو قلق. تمثيل بطله غبريال بيرن جيّد لكنه قد لا يقوى على مواجهة تحديات الآخرين. أفلام خارج الاحتمالات: - «مزمن» Chronic لميشيل فرانكو (المكسيك): تيم روث في بطولة هذا الفيلم لاعبًا دور ممرض للمعانين من أمراض مزمنة، لكن المعاناة الحقيقية هي تمضية ساعة ونصف في هذا العمل الذي خارج احتمالات الفوز. - «الجبال قد تفترق» Mountains May Depart لجيا جانغكي (الصين): … كذلك تاريخ المخرج عن مستقبله. دراما لها وقع التجربة أكثر من وقع النتيجة. - «ديبان» Dheepan لجاك أوديار (فرنسا): هذه المرّة ينتقل المخرج أوديار إلى موضوع المهاجرين إلى فرنسا بحثًا عن حياة أفضل لا يجدونها. - «مرغريت وجوليان» إخراج فاليري دونزيللي (فرنسا): رديء ومفتعل الأهمية تلقاه النقاد بالنسيان والأمر نفسه سيتكرر مع لجنة التحكيم. - «ملكي» Mon Roi لميوين (فرنسا): واحد من تلك الأفلام التي تسللت إلى «كان» في غفلة من المنطق، فهل تتسلل إلى الجوائز من الباب ذاته؟ - «بحر من الشجر» لغس فان سانت (الولايات المتحدة): سيحتاج إلى بحر من القناعات قبل أن يصل هذا الفيلم الذي يقصد ما لم يستطع إنجازه جيدًا من أفكار. فرصة منح ماثيو ماكوهوني جائزة أفضل ممثل تبدو قد غرقت بعد عرض الفيلم مباشرة.
مشاركة :