النفط يستهل تداولات 2020 مرتفعا بفعل المخاطر الجيوسياسية وقرب حسم النزاع التجاري

  • 1/3/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

استهلت أسواق النفط تعاملات العام الجديد على مكاسب جيدة بسبب ارتفاع المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط، ما جدد حالة المخاوف على استقرار الإمدادات النفطية من هذه المنطقة الحيوية، التي تمثل أكثر من ثلث الإنتاج والإمدادات العالمية. وتلقت الأسعار دعما جيدا من التقارب الأمريكي- الصيني، والرغبة القوية في حسم نزاعات التجارة، ووقف تصعيد الحرب التجارية، ما بث أجواء من التفاؤل بشأن النمو الاقتصادي العالمي خلال العام الجديد، إضافة إلى تحسن توقعات صعود الطلب العالمي على النفط. ويرى محللون نفطيون أن أجواء السوق إيجابية للغاية، وتفوق ما تحقق في أعوام سابقة، حيث غلبت الرهانات الصعودية على وضع سوق النفط حتى أن كثيرين عدوه أقوى عام بالنسبة للنفط منذ 2016، خاصة في ضوء تخفيض "أوبك" وحلفائها لمستويات الإنتاج والإعلان عن التوصل إلى صفقة تجارية جديدة بين واشنطن وبكين. وذكر المحللون أن العوامل الجيوسياسية عادت لتلقى بظلال قوية على وضع السوق وعلى تحركات الأسعار، وذلك عقب التطورات الخاصة في بغداد واقتحام السفارة الأمريكية من قبل محتجين، حيث تعد العراق ثاني أكبر منتج في "أوبك"، إلا أن هذا التطور كان تأثيره محدودا في الأسعار بشكل عام. وفي هذا الإطار، أوضح لـ"الاقتصادية"، مفيد ماندرا، نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة، أن الاتجاه الصعودي يهيمن على السوق النفطية خاصة أن أساسيات السوق من العرض والطلب والمخزونات تدور حول مستويات إيجابية ومطمئنة، حيث تغلب البيانات المتوازنة على وضع الإمدادات العالمية. وأضاف ماندرا أن التوترات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط زادت من مخاوف غياب الاستقرار، خاصة أن زعزعة الاستقرار في العراق لها تداعيات واسعة على استقرار السوق النفطية، حيث تضخ العراق نحو 5 ملايين برميل من النفط يوميا أو نحو 5 في المائة من الإمدادات العالمية، ولكن التزام العراق بالعمل ضمن منظومة العمل الجماعي لتحالف "أوبك+" يقلل نسبيا من المخاوف في ضوء الثقة المتنامية بقدرة التحالف على علاج تداعيات كل التطورات السياسية ذات التأثير السلبي في استقرار الأسواق. من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، أندري جروس، مدير قطاع آسيا في شركة "إم إم إيه سي" الألمانية للطاقة، أن بداية تعاملات العام الجديد شهدت تسجيل ارتفاع في الأسعار بفعل انحسار مخاوف نزاعات التجارة وارتباطاتها بالنمو الاقتصادي والطلب العالمي على النفط، لافتا إلى أن الظروف الراهنة للسوق النفطية أمر إيجابي ومبشر ويزيد الثقة بخطة عمل المنتجين نحو استعادة الاستقرار والتوازن في السوق، خاصة في الربع الأول من العام الجديد. وأشار جروس إلى أن أسواق النفط واجهت العام الفائت حالة من الاضطراب بسبب التهديات السابقة من الإدارة الأمريكية بفرض مزيد من الرسوم الجمركية على الصين، ثم تأثرت السوق بالهجمات الإرهابية على المنشآت النفطية، حيث قفزت الأسعار على نحو قياسي، ولكن السعودية نجحت في العودة بشكل سريع إلى المستويات الطبيعية في الإمدادات في أقصر مدى زمني بما شكل مفاجأة سارة للأسواق. من ناحيته، ذكر بيتر باخر، المحلل الاقتصادي والمختص بالشؤون القانونية للطاقة، أن الجميع متفق على التأثير الواسع والممتد للحرب التجارية على استقرار السوق النفطية، وقد ظهر ذلك واضحا بقوة في العام السابق، حيث هيمنت تطورات الحرب التجارية على السوق في بداية العام ونهايته، مع الإعلان عن التوصل إلى اتفاق تجارة جزئي. ونوه باخر إلى أن أغلب تقارير البنوك والمؤسسات الدولية المعنية بالطاقة تشير إلى أن 2020 من المرجح أن يكون عام استقرار نسبيا، وأن تظل أسعار النفط تحت السيطرة، ويعود ذلك إلى عدة عوامل تشيع الثقة وتدحض المخاوف في السوق أبرزها بالطبع تعميق خفض الإنتاج من قبل "أوبك+"، بالإضافة إلى توقعات نمو الطلب نتيجة ارتفاع استهلاك الأسواق الناشئة بشكل أقوى من الأعوام السابقة. بدورها، تقول لـ"الاقتصادية"، جولميرا رازيفا، كبيرة المحللين في المعهد الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، إن تحسن معنويات السوق نهاية العام المنصرم تبشر بأداء أفضل في العام الجديد، خاصة مع اختتام صناديق التحوط لعام 2019 في حالة أكثر تفاؤلا بشأن أسعار النفط العالمية عما كانت عليه منذ أيار (مايو) الماضي، وهو ما يعني أن التوقعات الإيجابية تغلب على التوقعات السلبية بشأن مسار الأسعار مع الثقة بتحسن النمو وتفادي الركود، الذي كان مهيمنا على السوق في فترات سابقة. وذكرت جولميرا أن الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتزام "أوبك" بالتخفيضات الأعمق قدمت أكبر حافز نحو ارتفاع العقود الآجلة إلى أعلى مستوياتها منذ أيلول (سبتمبر) الماضي مرجحة أن يكون اجتماع آذار (مارس) المقبل للمنتجين فرصة جيدة لتقييم وضع السوق واختيار مستويات الإنتاج الملائمة لبقية العام مع التوافق على آليات أكثر قوة لزيادة فعالية جهود الشراكة بين "أوبك" والمستقلين. على صعيد التداولات، استهلت أسعار النفط العام الجديد على ارتفاع أمس مع انحسار المخاوف على الطلب بفضل تحسن علاقات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، في حين غذى تصاعد التوترات في الشرق الأوسط بواعث القلق حيال المعروض. وبحسب "رويترز"، ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 35 سنتا بما يعادل 0.5 في المائة إلى 66.35 دولار للبرميل، في حين زاد الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 25 سنتا أو 0.4 في المائة ليسجل 61.31 دولار، وأغلقت أسواق النفط مغلقة الأربعاء الماضي بمناسبة العام الجديد. وختم كلا الخامين 2019 على ارتفاع، وسجلا أكبر مكاسبهما السنوية منذ 2019، مدعومين في نهاية العام بانفراجة في النزاع التجاري طويل الأمد بين الولايات المتحدة والصين- أكبر اقتصادين في العالم- وخفض أعمق للإنتاج تعهدت به منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاؤها. وأفاد بيان لشركة النفط الوطنية "أرامكو السعودية" أمس أن السعودية حددت سعر البيع الرسمي لخامها العربي الخفيف في شحنات شباط (فبراير) للمشترين الآسيويين بعلاوة 3.70 دولار للبرميل فوق متوسط دبي/ عمان، وذلك دون تغيير عن كانون الثاني (يناير). وخفضت "أرامكو" سعر بيعها الرسمي للخام العربي الخفيف للمشترين في شمال غرب أوروبا ليصبح بخصم 4.05 دولار للبرميل عن سعر برنت في بورصة إنتركونتننتال، بانخفاض 2.20 دولار للبرميل عن الشهر السابق. وحددت السعودية سعر البيع الرسمي للخام العربي الخفيف لشهر فبراير إلى الولايات المتحدة بعلاوة 3.55 دولار للبرميل فوق مؤشر أرجوس للخام العالي الكبريت، بارتفاع 20 سنتا للبرميل عن يناير. وقال ستيفن إينس، كبير محللي السوق الآسيوية لدى "أكسي تريدر"، إن "النفظ يظل مدعوما بآثار هدنة التجارة وتصاعد القلاقل السياسية في العراق". وكشف عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط العراقية أمس عن أن متوسط صادرات النفط الخام العراقية الشهر الماضي بلغ ثلاثة ملايين و428 ألف برميل يوميا. وقال جهاد، إن معدل الصادرات بلغ ثلاثة ملايين و428 ألف برميل يوميا بواقع ثلاثة ملايين و326 ألف برميل من موانئ البصرة، مشيرا إلى تصدير 91 ألف برميل عبر ميناء جيهان التركي، لافتا إلى أن المعدل اليومي للتصدير إلى الأردن بلغ 11 ألف برميل، وحققت هذه الصادرات إيرادات مالية تجاوزت ستة مليارات و700 مليون دولار.

مشاركة :