شبح الانكماش يحاصر نشاط المصانع التركية

  • 1/3/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

سجلت الصناعات التركية تراجعا كبيرا في إيراداتها بفعل تقلص الطلب عليها وتراجع أنشطتها التصديرية في أعقاب أزمة الليرة التركية التي تشهد انهيارا حادا في ظل عجز الحكومة عن إيجاد حلول لإنقاذ القطاع وانشغالها بالاستعداد للانتخابات البلدية عبر بث استعراضات اقتصادية فارغة المحتوى. وأظهر مسح شركات أمس أن نشاط قطاع الصناعات التحويلية في تركيا انكمش على مدى 17 شهرا متتاليا جراء أزمة الليرة قبل أن يستقر في سبتمبر الماضي ليعود إلى الانكماش في شهر أكتوبر. ورغم ارتفاع الإنتاج وتوسعة المصانع لنطاق مشترياتها إلّا أنها لم تحقق أي مردود إيجابي ليتهاوى نشاطها في دوامة الانكماش. ونقلت وكالة رويترز عن لجنة غرفة صناعة إسطنبول وأي.أتش.أس ماركت قولها ”إن مؤشر مديري المشتريات بقطاع الصناعات التحويلية ظل في حدود 49.5 خلال الشهر الماضي أي دون مستوى الخمسين نقطة الفاصل بين النمو والانكماش”. وأضافت اللجنة أن طلبيات التصدير الجديدة استمرت في التراجع في خمسة أشهر، بينما يشير تباطؤ متوسط وهو الثاني على التوالي في التوظيف. وسبق أن حذرت بيانات غرفة تجارة إسطنبول منذ أشهر من أن تكاليف التمويل الباهظة شطبت معظم أرباح أكبر 500 شركة صناعية تركية في العام الماضي وأسقطت الاقتصاد في قبضة الركود بعد أزمة انحدار قيمة الليرة وأشارت الغرفة في تقريرها السنوي إلى أن الحصول على التمويل أصبح “مشكلة مزمنة” خلال السنوات القليلة الماضية مؤكدة عدم حصول أي تحسن منذ العام الماضي. وقالت إن تكاليف التمويل التهمت نحو 89 بالمئة من الأرباح التشغيلية للشركات الصناعية الكبيرة خلال العام الماضي، ودفعت 119 شركة من أكبر 500 شركة تركية إلى تسجيل الخسائر، ارتفـاعا من 78 شركـة في السنـة السـابقة. وكانت شركات الصناعات التحويلية من بين الأكثر تضررا من أزمة العملة وارتفاع تكاليف الاقتراض في العام الماضي، حين فقدت الليرة نحو نصف قيمتها مقابل الدولار قبل أن تقف خسائرها عند 30 بالمئة عند مجمل العام الحالي. ويقول محللون إن تلك الصورة القاتمة تفاقمت خلال العام الحالي بسبب استمرار تراجع الليرة، التي فقدت 14 بالمئة من قيمتها منذ بداية العام، إضافة إلى بقاء التضخم عند نحو 20 بالمئة وتثبيت سعر الفائدة الأساسي عند 24 بالمئة، وهو ما يفاقم تكاليف خدمة الديون المتراكمة. وتمثل غرفة تجارة إسطنبول نحو 1800 شركة صناعية في أكبر مدينة ومركز تجاري تركي، حيث أن معظم الشركات الكبرى مسجلة فيها رغم أن مقراتها ونشاطاتها في مدن أخرى. وتراجعت نسبة الصادرات للواردات في نوفمبر الماضي إلى 87.4 بالمئة بعد أن كانت تبلغ نحو 95.8 بالمئة في نفس الفترة من عام 2018. ويقول محللون إن عجز التجارة الخارجية في تركيا ارتفع خلال نوفمبر الماضي بنحو 232.2 بالمئة . وفقدت الليرة التركية نحو 2 بالمئة من قيمتها أمام الدولار، خلال الأسابيع الأخيرة، نظرا للعقوبات الأميركية ، مما دفع سعر الفائدة إلى الانخفاض عقب خفض البنك المركزي لمعدلات الفائدة ليسجل الدولار 5.94 مقابل الليرة. وتعيش تركيا على وقع أزمة اقتصادية حادة أدت إلى تفاقم الدين العام الخارجي الذي وصل إلى أكثر من حوالي 445.14 مليار دولار، وفق أرقام مجموعة البنك الدولي حتى نهاية 2018. بيانات غرفة تجارة إسطنبول حذرت منذ أشهر من أن تكاليف التمويل الباهظة شطبت معظم أرباح أكبر 500 شركة صناعية تركية في العام الماضي وأسقطت الاقتصاد في قبضة الركود وسجل الدين ارتفاعا بلغ 328.1 مليار دولار أي بنسبة بلغت نحو 281 بالمئة، بالمقارنة بمستويات عام 2000 الذي سجل فيه الدين العام الخارجي قرابة 116.8 مليار دولار. وشكلت قيمة الدين العام الخارجي المستحق على تركيا حتى نهاية العام الماضي نحو 56.77 بالمئة من إجمالي قيمة الناتج القومي التركي، خلال العام نفسه، وتصعد النسبة إن تم احتساب قيمة الدين الداخلي المستحق على البلاد. وأدت سنوات من النمو المزدهر مع اقتراض كثيف بالعملات الأجنبية إلى إثقال كاهل الشركات والبنوك التركية بديون معدومة، تتفاقم وطأتها مع انزلاق الاقتصاد إلى الانكماش والركود منذ منتصف عام 2018. وجرت حتى مارس الماضي إعادة هيكلة قروض بقيمة 400 مليار دولار في القطاع المصرفي التركي ويتوقع بعض المحللين أن نسبة القروض الرديئة ستتضاعف بحلول نهاية العام الحالي. وكانت بيانات معهد الإحصاء التركي قد أكدت مرارا انحدار مؤشر الثقة الاقتصادية في نشاط شركات الصناعات التحويلية التي تسجل خسائر مستمرة.

مشاركة :