كبل الانكماش نشاط المصانع التركية في منطقة الخطر منذ انفجار أزمة كورونا بعد ظهور مؤشرات حديثة تؤكد تآكل أرباح القطاع وانحداره المحقق نحو منزلق الخسائر، في ظل فشل سياسة الحكومة، التي تتباهى بقدرتها على حقن العملة المحلية، التي تشهد تهاويا كبيرا في قيمتها. إسطنبول- عمقت المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها تركيا في ظل أزمة فايروس كورونا المستجد من مشكلات قطاع الصناعة، الذي يبدو أنه دخله في مرحلة غير مسبوقة من الركود. وسجلت معظم الصناعات المحلية تراجعا كبيرا في إيراداتها وحتى في أرقام معاملاتها بفعل تقلص الطلب عليها وتراجع أنشطتها التصديرية في أعقاب المخاوف من تداعيات الوباء. وتأتي المشكلة لتغذي أزمة الليرة التركية التي تشهد انهيارا حادا في ظل عجز حكومة يقودها الرئيس رجب طيب أردوغان وانشغالها ببث استعراضات اقتصادية فارغة المحتوى. وأظهر مسح صدر الاثنين انكماش أنشطة الصناعات التحويلية في تركيا في مايو الماضي، بسبب تبعات جائحة فايروس كورونا المستجد مع تسجيل انكماش في الإنتاج وطلبيات التوريد الجديدة مجددا وخفض الشركات للوظائف والمشتريات وشهدت أنشطة المصانع تباطؤا مقارنة بشهر أبريل. وعمقت المؤشرات السلبية الانكماش العنيف الذي أصاب مختلف مفاصل الاقتصاد قبل الوباء بفعل ارتفاع نسبة التضخم وأزمة انهيار العملة المحلية واختلال ميزان المدفوعات، وهي إشكاليات مزمنة لم تفلح الإجراءات الحكومية الفضفاضة في معالجتها. غرفة صناعة إسطنبول: طلبيات التصدير تراجعت وأدت إلى انكماش إنتاج الشركات غرفة صناعة إسطنبول: طلبيات التصدير تراجعت وأدت إلى انكماش إنتاج الشركات وقالت غرفة صناعة إسطنبول واي.أتش.أس ماركت إن مؤشر مديري المشتريات للمصنعين ارتفع إلى نحو 40.9 في مايو الماضي قياسا بنحو 33.4 في الشهر السابق، وظل بذلك دون مستوى الخمسين نقطة الذي يفصل النمو عن الانكماش. وتراجع الإنتاج والطلبيات الجديدة بصورة حادة مجددا مع عرقلة الجائحة للأعمال وإضعافها للطلب على الرغم من قول بعض الشركات إنها استأنفت عملياتها. وسجلت تكلفة مستلزمات الإنتاج وأسعار المنتجات تضخما متسارعا في ذات الفترة بسبب تراجع قيمة العملة المحلية، التي سجلت أدنى مستوى لها مقابل الدولار في مايو. ويستبعد المهتمون بالشأن التركي تعافي القطاع الصناعي قريبا لاسيما مع قيام لجنة في المفوضية الأوروبية بالتحقيق في شبهة إغراق شركات منتجة للحديد السوق الأوروبية بوارداتها الرخيصة. وسبق أن حذرت بيانات غرفة تجارة إسطنبول منذ أشهر من أن تكاليف التمويل الباهظة شطبت معظم أرباح أكبر 500 شركة صناعية تركية في العام الماضي وأسقطت الاقتصاد في قبضة الركود بعد أزمة انحدار قيمة الليرة. وأشارت الغرفة في تقريرها السنوي، الذي نشرته مطلع العام الجاري، إلى أن الحصول على التمويل أصبح مشكلة مزمنة خلال السنوات القليلة الماضية مؤكدة عدم حصول أي تحسن منذ العام الماضي. وقالت إن تكاليف التمويل التهمت نحو 89 في المئة من الأرباح التشغيلية للشركات الصناعية الكبيرة خلال العام الماضي، ودفعت 119 شركة من أكبر 500 شركة تركية إلى تسجيل الخسائر، ارتفاعا من 78 شركة بمقارنة سنوية. وكانت شركات الصناعات التحويلية من بين الأكثر تضررا من أزمة العملة وارتفاع تكاليف الاقتراض في العام الماضي، حين فقدت الليرة نحو نصف قيمتها مقابل الدولار قبل أن تقف خسائرها عند 30 في المئة عند مجمل العام الحالي. ويقول محللون إن تلك الصورة القاتمة تفاقمت خلال العام الحالي بسبب استمرار تراجع الليرة، التي فقدت 14 في المئة من قيمتها منذ بداية العام، إضافة إلى بقاء التضخم عند نحو 20 في المئة وتثبيت سعر الفائدة الأساسي عند 24 في المئة، وهو ما يفاقم تكاليف خدمة الديون المتراكمة. وتمثل غرفة تجارة إسطنبول نحو 1800 شركة صناعية في أكبر مدينة ومركز تجاري تركي، حيث أن معظم الشركات الكبرى مسجلة فيها رغم أن مقراتها ونشاطاتها في مدن أخرى. وكان أردوغان قد أقر في مارس الماضي حزمة مالية بقيمة 15 مليار دولار لإنقاذ الاقتصاد المحلي مع خفض الضرائب للأعمال التجارية، إلى جانب أخرى تهدف إلى مساعدة العائلات ذات الدخل المحدود. تراجع الإنتاج والطلبيات الجديدة بصورة حادة مجددا مع عرقلة الجائحة للأعمال وإضعافها للطلب على الرغم من قول بعض الشركات إنها استأنفت عملياتها ولم يبدد الدعم الحكومي شكوك المراقبين وخبراء المال والاقتصاد الذين يحذرون من ارتفاع مرتقب في معدلات البطالة وانخفاض النمو في تركيا. ورجح محللون إقدام الحكومة على طباعة المزيد من النقود لمواجهة شح السيولة النقدية في السوق، والتي يبدو أنها قد تنفد بشكل أكثر مما هو متوقع. وتعيش تركيا على وقع أزمة اقتصادية حادة أدت إلى تفاقم الدين العام الخارجي الذي وصل إلى مستويات كبيرة تجاوزت أكثر من حوالي 445 مليار دولار، وفق أرقام مجموعة البنك الدولي. وباءت محاولات أنقرة لإعطاء صورة متفائلة عن وضعها الاقتصادي بالفشل خصوصا بعد مضاعفة كورونا لأزماتها، حيث أكد الخبراء والمؤسسات الدولية أن البلد يعاني من اقتصاد عليل حتى قبل أن ينتشر الوباء في العالم. وترى وكالة موديز للتصنيف الائتماني أن تركيا ستكون الأكثر تأثرا بانكماش تراكمي في الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني والثالث من العام الحالي بحوالي سبعة في المئة مقارنة ببقية أعضاء مجموعة العشرين. ويعتبر خبراء موديز أن الصدمة ستصيب بشكل أكبر على الأرجح القطاعات ذات الصلة بالسياحة خلال الصيف.
مشاركة :