شهر فبراير في دولتنا يعني الربيع المزهر... نرى فيه شعبنا وهو يبدأ في تجهيز المخيمات في البر... ويبدأ البعض يعتاد على تنصيب الخيم في حدائق المنازل، للاستمتاع بالجو الهادئ الجميل، الذي لطالما يذكره بجو المخيمات التي تعود أغلب الشعب الكويتي عليه في فصلي الشتاء والربيع. في احدى حدائق المنازل... جلس الجد في الخيمة وهو يتأمل جمال الزهور وهى تتمايل مع نسمات الجو البديعة الناعمة... ثم غادر بخياله الى حقبة من الزمن الجميل... وهنا جاء الحفيد وجلس بجانب الجد، ودار هذا الحوار: الحفيد: أراك شارد الذهن يا جدي الحبيب! الجد: نعم يا بني... لطالما حل فصل الربيع وبدأت رحلات البر... دعنا نتحدث عن الطرق والنقل البري في دولتنا الحبيبة. الحفيد: نعم يا جدي الحبيب... كلي آذان صاغية. الجد: يا بني... بدأ العمل على شق الطرق وتعبيدها في دولتنا بموجب المخطط الذي وضع عام 1954، واستنادا الى هذا المخطط اتبع في مدينة الكويت نظام الطرق الدائرية المعروفة، وتوسع العمل في ما بعد الى ربط مدينة الكويت بمدينة الاحمدي جنوبا والحدود العراقية في الشمال بطرق ممتازة. في الستينيات... تم الانتهاء من عملية تعبيد حوالي 10.1 مليون متر مربع من الطرق والشوارع، التي بدأت في عام 1957، بحيث أصبح للكويت شبكة طرق واسعة وحديثة في داخل مدينة الكويت تربطها ببقية المدن والقرى. كما أن هناك طريقا جيدا يربط الكويت بحدود العراق الجنوبية وآخر يربطها بالمنطقة المحايدة الكويتية السعودية. الحفيد: جميل يا جدي... حدثني عن وسائل النقل البري آنذاك؟ الجد: يا بني... في الستينيات... انقسمت وسائل النقل البري الى المركبات الآلية في دولتنا الى فئتين، الأولى تعمل في مجال النقل البري الخاص، والفئة الثانية تعمل في مجال النقل البري العام. والسيارات العامة آنذاك تتألف من فئتين: الفئة المنظمة وهى سيارات شركة المواصلات الكويتية التي تأسست في عام 1962، وفئة المركبات الفردية. ولم يكن آنذاك توجد احصاءات أكيدة وواضحة عن عدد السيارات، الا أن التقديرات المتوفرة وقتها أشارت إلى أن عدد السيارات بلغ حوالي 90 ألف سيارة بنهاية عام 1966، أي بمعدل سيارة واحدة لكل خمسة أفراد من السكان وهذا يعتبر من أعلى المعدلات في العالم. الحفيد: حدثني يا جدي عن أنشطة شركة المواصلات الكويتية التي تأسست في عام 1962؟ الجد: نعم يا بني... بدأت الشركة في تسيير خطوطها في 25 /9 /1965، بالرغم من حداثة عهدها آنذاك الا أنها استطاعت أن تتصدى للمنافسة الشديدة من قبل سيارات الأجرة ووفرة السيارات الخاصة. وفي نهاية عام 1966 بلغ عدد الخطوط التي سيرتها الشركة 19 خطا سار عليه 120 سيارة عاملة وارتفع عددها الى 130 سيارة في أوقات الضغط على شبكة المواصلات التي غطت وقتها أغلب أنحاء الكويت. أما بقية سيارات الشركة البالغ عددها (150) سيارة فتم الاحتفاظ بها للاحتياط، وبلغ مجموع الركاب خلال عام 1966 حوالي 25 مليون راكب دفعوا في تنقلاتهم 817.264 دينارا. الحفيد: جدي... حدثني عن نشاط النقل العام؟ الجد: في الستينيات... كانت سيارات النقل العام يا بني غير منظمة، فمن الصعوبة حصر عددها آنذاك وتقسيمها مابين سيارات الاجرة وسيارات الشحن وسيارات الباص وغيرها. الا أن هذا المؤشر يدل على توسع انتشار سيارات النقل العام. كان صافي عدد سيارات النقل الجديدة المضاف عام 1965 الى مجموع انواع سيارات النقل العاملة في الكويت 4371 سيارة منها 1827 سيارة أجرة و2309 شاحنات من مختلف الاحجام و235 باصا. وخلال عام اي في 1966 ارتفع اجمالي سيارات النقل بأنواعها الى 6410 سيارة منها 1880 سيارة اجرة و4230 شاحنة من مختلف الاحجام و300 باص. الحفيد: جدي الحبيب... ما هو سبب هذه الارتفاع بالعدد رغم المدة القصيرة؟! الجد: يا بني... هذا يعود إلى الحركة العمرانية النشطة آنذاك، وتولع عدد كبير من المواطنين عامة وصغار موظفي الحكومة خصوصا باقتناء سيارات الأجرة، إضافة الى نقل حجر الصلبوخ بالشاحنات الى الكويت من مناطق نائية وكبر هامش ربح النقل. يا بني يا بني... ما أراه اليوم في وسائل النقل أمر محزن جدا... انتشار سيارات الأجرة بحيث فاق العرض على الطلب مما أدى الى ازدحام الطرق المتهالكة، وتهالك باصات النقل العام واختفاء محطات وقوف الباصات التي من المفترض أن تكون مناسبة للركاب الذين يضطرون احيانا للوقوف أكثر من نصف ساعة تحت أشعة الشمس الحارقة لانتظار باص الركاب. واقتصرت محطات الانتظار على لوحة انتظار باص فقط. الحفيد: نعم يا جدي الحبيب... أشكرك جدا على هذه المعلومات الثرية... فعلا كان الزمن الجميل غني بالخدمات المنظمة... ليتنا عشنا في ذلك الزمن الجميل. * كاتبة كويتية
مشاركة :