وافق البرلمان التركي، الخميس، على مشروع قرار يسمح بإرسال دعم عسكري إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق والميليشيات الإسلامية المتحالفة معها في العاصمة طرابلس، في مواجهة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الذي يخوض منذ أبريل الماضي معركة لتحرير طرابلس من الإرهاب وفوضى الميليشيات. وإذا كانت أنقرة تنوي بذلك مساعدة حليف تحتاجه لتعزيز نفوذها وفي سياق دعم مطالباتها في التنقيب عن الغاز شرقي البحر الأبيض المتوسط، فإنّ انتشارا عسكريا ميدانيا، لم يتم الإعلان عن حجمه بعد سيكون محفوفا بالمخاطر وفق خبراء. ويعتبر المحلل في مكتب آي.إتش.أس، ماركيت إيغه ستشكين، أنّ حكومة الوفاق تطلب تدخلا تركيا واسع النطاق من شأنه تغيير مسار الحرب في وقت تقف فيه قوات الجيش الليبي عند أبواب طرابلس. ويرى ستشكين أنّه في حالة كهذه، يمكن للدعم أن يأخذ شكل إرسال “لواء عسكري يحوز على مقاتلات أف-16 وقوات بحرية لحماية طرابلس من الهجمات البحرية، وهذا يعني قوات من نحو 3 آلاف عنصر”. غير أنّ سنان أولغن وهو دبلوماسي تركي سابق يدير مركز “ادام” للأبحاث في إسطنبول، يرى أن “الهدف السياسي لتركيا ليس دعم حكومة طرابلس لكسب الحرب”، ولكن “لمساعدتها على البقاء”. لهذه الغاية، فإنّه يتوقع أن يتم في المرحلة الأولى نشر “مستشارين مهمتهم دعم القوات في طرابلس”، ولكنّه يشير في الوقت نفسه إلى أنّ ذلك “لن يكون كافيا”. وقامت تركيا بعمليات في السنوات الماضية في دول مجاورة، خصوصا في سوريا والعراق، بهدف محاربة مقاتلين أكراد وجهاديين كما تزعم. ولكن في الحالة الليبية، فإنّ تركيا لا تتقاسم حدودا برية مع ليبيا الواقعة على مسافة 1500 كلم، ما يطرح إشكالات لوجستية لبلد قد يعاني ضعفا على مستوى توسيع نطاق الأعمال العسكرية. ويقول أولغن إنّ “التحدي الأول يتمثل في إمداد القوات”، فيما يتمثل الثاني في “تحقيق التفوّق الجوي” الضروري للتحكم بميادين القتال. ومن جانبه، يرى ستشكين أنّ “المسألة الرئيسية هي في موقفي الجزائر وتونس” إذ من شأن حدودهما مع ليبيا أن تشكّل بابا للدخول إلى الأراضي الليبية. ولا يعدّ دعم أنقرة لحكومة الوفاق جديدا، غير أنّ التعهد بإمكانية التدخل العسكري يأتي في الوقت الذي تعاني فيه القوات الموالية لهذه الحكومة من صعوبات في مواجهة النجاحات الميدانية للجيش الليبي. وبعيدا عن مخاطر الانزلاق في مستنقع ليبي كما تشير المعارضة التركية، فإنّ عدة دول تحذر من مخاطر تصعيد الصراع في ليبيا.
مشاركة :