تحقيق: راندا جرجس القرنية هي الطبقة الشفافة الأمامية من العين، وتساهم في القوة الإبصارية؛ من خلال شكلها وتحدبها، وعندما يكون هناك أي خلل في تكوين القرنية، يصاب الشخص ببعض المشكلات التي تسمى أسواء الانكسار أو عيوب الإبصار؛ مثل: قصر أو انحراف بعد النظر، واضطرابات الرؤية. وفي الماضي كانت النظارات الطبية وبعض العقاقير الدوائية هي التي تعالج هذه الحالات، ثم العدسات اللاصقة، ومع التطور التكنولوجي والأجهزة الطبية، أصبحت هناك عدة حلول متقدمة ذات نتائج مبهرة، وآمنة وفاعلة؛ حيث تعد عملية الليزك أحد خيارات تصحيح الإبصار، ويتم من خلالها تعديل شكل وتحدب القرنية.يقول الدكتور مازن سنجاب، (استشاري طب وجراحة العين)، إن عملية الليزك هي الأفضل في علاج ما يُعرف بأسواء الانكسار واضطرابات الرؤية التي يشكو منها بعض الأشخاص؛ مثل الهالات حول الضوء في الليل، والوهج، والخيالات حول الحروف، وتسمى هذه الاضطرابات «الزيوغ البصرية»، ويمكن علاجها؛ من خلال التقنية المعروفة باسم الليزك الموجه؛ إذ لها فوائد أساسية؛ منها: التجميلية، والتخلص من النظارات والعدسات اللاصقة ومحاليلها التي تؤدي إلى العديد من التأثيرات الجانبية؛ مثل جفاف العين، والتهابات القرنية، والتحسس، والتهابات الملتحمة المتكررة، ما يجعل المريض ينعم بالرؤية الطبيعية؛ حيث إن المصابين بالحسر أو المد أو الانحراف لا يرون الأشياء بحجمها ولونها الطبيعي عند استخدام النظارات.ويضيف: تتم عملية الليزك تحت التخدير الموضعي بالقطرات، لتكوين طبقة سطحية من القرنية تسمى السديلة (الشريحة) باستعمال جهاز خاص، ورفع الشريحة، ومن ثم تعريضها إلى الأشعة التي تقوم بتعديل شكل وتحدّب القرنية وإجراء التصحيح، وفي النهاية تعاد الشريحة إلى مكانها، ويستغرق هذا الإجراء دقائق؛ حيث يستطيع المريض الذهاب إلى البيت فوراً بعد انتهاء العملية، ومزاولة حياته الاعتيادية في اليوم التالي. مضاعفات بسيطة ويشير د. مازن أن أضرار جراحة الليزك مثل غيرها من العمليات، قد يترتب عليها بعض الآثار الجانبية القليلة؛ مثل جفاف العين الذي يستمر لستة أشهر تقريباً، ويمكن استخدام القطرات المرطبة خلال هذه الفترة، وخاصة مع استعمال الكومبيوتر والهاتف الجوال، وتجدر الإشارة إلى أن هناك بعض الفحوص والإجراءات التي يجب القيام بها قبل العملية، وتتضمن تصوير القرنية الضوئي، والطبوغرافي، والتموغرافي وقياس الأطوار الموجية والحجرة الأمامية للعين، وقياس الحدقة ودراسة طبقات الدمع، إضافة إلى الفحص العيني الشامل بما فيه فحص الشبكية وقياس ضغط العين، وبناءً على هذه النتائج يتم اتخاذ القرار الصحيح، وينبغي على المريض اتباع تعليمات الطبيب بحرص من أجل تجنب المضاعفات. أسواء الانكسار ويشير الدكتور محمد عماد عليلو، (مختص جراحة القرنية وتصحيح البصر بالليزر)، إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تطوراً متسارعاً في مجال التقنيات الخاصة بتصحيح البصر بالليزر؛ حيث وصلت إلى مستويات جعلت من هذا النوع من الجراحات عاملاً فاعلاً في تحسين نوعية الحياة للكثير من المصابين بأسواء الانكسار، وتعتمد تقنيات تصحيح البصر بالليزر على مبدأ أساسي ألا وهو تغيير تحدب القرنية؛ وهي الجزء الأمامي الشفاف للعين، بحيث تعوض عن النقص الموجود مسبقاً مثل حسر أو مد البصر، والاستجماتزم (اللابؤرية)، ويتم ذلك باستخدام نوع خاص من الليزر يسمى بالاكسيمر ليزر، ويعد هذا النوع من العمليات إجراء سهلاً وسريعاً يتم خلال فترة وجيزة من 10 إلى 15 دقيقة، ويؤدي إلى تحسّن سريع في الرؤية، ويشعر المريض بالقدرة البصرية الجيدة بدون استخدام النظارات خلال الـ24 ساعة التي تعقب العمل الجراحي، وهناك ثلاث طرق جراحية يمكن الوصول بها إلى تصحيح البصر والاستغناء عن النظارات الطبية. الليزر السطحي ويبين د. علليلو أن تقنية الليزر السطحي تعتمد على تطبيق الاكسيمر ليزر بشكل مباشر على سطح القرنية بعد إزالة ظهارية القرنية ميكانيكياً أو باستخدام كحول ممدد؛ حيث يقوم الليزر بنحت القرنية بالمقدار المطلوب، ومن ثم يتم تطبيق مادة كيميائية خاصة لثوانٍ معدودة على سطحها لمنع حدوث التندب، وتوضع عدسة لاصقة؛ لحماية السطح أثناء فترة الالتئام والشفاء، وتتميز هذه الطريقة بأنها تحافظ على متانة القرنية فهي الأقل إضعافاً لها، والأكثر أماناً على المدى البعيد، وربما تترافق ببعض الإزعاج والألم المؤقت خلال ساعات وأيام قليلة بعد الجراحة، إلا أنه في الأغلب يمكن السيطرة عليه بالمسكنات البسيطة، كما أن تحسن الرؤية يحدث تدريجياً خلال الأسابيع الأولى بعد العملية. تقنية الليزك ويوضح د.علليلو أن تقنية الليزك أو الفيمتوليزك تتم عن طريق قص الطبقة السطحية للقرنية على شكل شريحة، إما تكون ميكانيكياً بجهاز خاص، وإما باستخدام الفيمتو ليزر؛ حيث يتم رفع هذه الشريحة وتطبيق الليزر على ما تبقى من لحمة القرنية لتغيير تحدبه، ثم إعادة الشريحة إلى مكانها الأساسي؛ حيث تتم عملية الالتئام في الأيام الأولى التي تعقب الجراحة. وتتميز هذه الطريقة بعدم وجود مضاعفات أو آلام مزعجة بعدها، مع تحسّن سريع للقدرة البصرية خلال ساعات؛ لكن يجب الانتباه إلى أن هذا النوع من العمليات يتسبب في إضعاف نسيج القرنية؛ لذا يجب التأكد التام من وجود سماكة كافية من نسيج القرنية وسلامتها قبل إجراء هذه العمليات. الفيمتوسمايل ويفيد د. علليلو بأن تقنية الفيمتوسمايل تعتمد على استخراج شريحة عدسية من سماكة القرنية؛ من خلال جرح صغير، ما يحدث عنه تغيّـر في تحدب القرنية بمقدار يحقق تصحيح سوء الانكسار الموجود مسبقاً لدى المريض، ويتم ذلك باستخدام تقنية الفيمتو ليزر؛ لذا شاع تسميتها بالفيمتوسمايل، وتعد هذه التقنية الأحدث حالياً؛ حيث إنها تجمع بين ميزات الليزر السطحي ولا يوجد قص للقرنية، مع الليزك بدون ألم. وتجدر الإشارة إلى التحسّن البصري بعد هذا الإجراء يحتاج لبعض الوقت، كما أن الخبراء يؤكدون أن هذه التقنية لها آفاق واعدة؛ إذ يتم حالياً تطويرها وتحسينها للوصول بها إلى درجة قريبة من الكمال. نتائج نسبية ويؤكد د. علليلو أن جميع التقنيات الحديثة تحقق الهدف المنشود بالاستغناء عن النظارات، ويتم اختيار الطريقة التي تناسب كل شخص على حدة، فمثلاً تعد تقنية الليزر السطحي مثالية للمرضى الذين تكون لديهم القرنية رقيقة نسبياً، في حين تستطيع تقنية الفيمتو سمايل تصحيح درجات عالية من نقص النظر، ربما تصل إلى 10 درجات، بأمان نسبي. أما الليزك، فيعطي أفضل النتائج لمرضى مد البصر أو المرضى اللذين لديهم درجات عالية من الاستجماتزم، ويتم اختيار الطريقة المناسبة من قبل الجراح الخبير بعد إجراء دراسة مفصلة عن حالة المريض وحالة القرنية، ومقدار النقص المطلوب تصحيحه.ويضيف: ربما لا تصلح هذه التقنيات لفئات معينة من المرضى، كالذين يعانون ضعفاً أساسياً في القرنية المخروطية، أو من لديهم بعض مشاكل أخرى في العين كاعتلال الشبكية السكري، والساد، والزرق، أو آفات عامة بالجسم، كاضطرابات المناعة وأمراض الروماتيزم؛ لذا من الضروري إجراء تقييم دقيق وموثق لحالة العين والتأكد من سلامة الجسم من الأمراض المرافقة التي تؤثر في النتيجة النهائية للعملية. بعد الجراحة وتنبه الدكتورة أرشانا سود، أخصائية طب وجراحة العيون، إلى أن هناك بعض الأشخاص الذين يلجأون لجراحة الليزك كونها تشكل بديلاً عن ارتداء النظارات الطبية والعدسات اللاصقة، وتعد هذه العملية من أكثر عمليات الليزر الانكسارية انتشاراً لتصحيح مشاكل البصر، وفي بعض الحالات ربما يلجأ الشخص للخضوع لعمليات الليزر مجدداً؛ وذلك نظراً لعودة الانتكاسة (العيب الانكساري) ولكنها تُشكل نسبة ضئيلة؛ حيث تتمتع جراحة الليزك بالعديد من الفوائد، ويتمثل أبرزها في وقاية المريض من التعرض للألم بعد الخضوع للعمل الجراحي، كما تتميز فترة النقاهة التالية للعملية بكونها قصيرة؛ حيث يمكن للمريض ملاحظة الفرق بدءاً من اليوم الثاني، كما أنها تقنية آمنة وفاعلة مع نسبة قليلة من المخاطر والمضاعفات؛ حيث تُجرى العملية باستخدام أحدث التقنيات وأنظمة الليزر المتطورة. إجراءات وقائية وتؤكد د. أرشانا أن المرضى الذين يخضعون لإجراء عمليات تصحيح الإبصار بالليزر يمكنهم العودة إلى العمل خلال أسبوع، شرط الالتزام ببعض الإجراءات الوقائية، فربما تؤدي الأعمال التي تتطلب الجلوس أمام شاشة الحاسوب إلى جفاف العينين؛ لذا يجب على المريض المحافظة على ترطيب العينين؛ عبر استخدام بدائل الدموع الاصطناعية، كما يفضل الامتناع عن الأنشطة الرياضية ومشاهدة التلفزيون واستعمال الأجهزة الإلكترونية لمدة ثلاثة أيام على الأقل بعد الجراحة، والعودة إلى ممارستها بشكل تدريجي، كما ينبغي تجنب دخول الصابون والماء إلى العينين أثناء الاستحمام، ويمنع وضع مساحيق التجميل على العينين لمدة أسبوع تقريباً، مع تجنب دخول إفرازات العرق إلى العينين أثناء ممارسة الرياضة والامتناع عن فرك العينين. وفي جميع الأحوال، يُفضل استشارة الطبيب المعالج والالتزام بقائمة الإرشادات الخاصة التي تناسب الحالة. الاستجماتزم تعرف الاستجماتزم أو اللابؤرية بأنها مشكلة شائعة ومنتشرة، وهي عيب بصري بالقرنية؛ حيث يكون تكوينها غير منتظم الاستدارة، وينجم عنه ضبابية وحدوث تشوش وخلل في الرؤية، وتجعل الأجسام بعيدة وغير واضحة، وتصنف هذه الحالة ضمن مشكلات أسواء الانكسار، ويحتاج المريض لعدسات أسطوانية تحد من تفاوت مستوى التحدب الموجود في أجزاء القرنية، ويتم ذلك بعض عمل فحص الانكسار لتحديد نسبة الاستجماتزم، وفي السنوات الأخيرة ومع التقدم الهائل في المجال الطبي، أصبحت هناك جراحات حديثة؛ لعلاج هذه الحالات، عبر الاستخدامات المتعددة لتقنيات الليزر والتي تعطي نتائج ناجحة ودقيقة.
مشاركة :