قبل عشرات السنين كان الحل الأوحد لعيوب النظر ارتداء النظارة الطبية، ومع التقدم العلمي والتطور السريع لتقنيات الليزر واستخدامها في الكثير من مجالات الطب، ونظراً لتميزها بالدقة الشديدة، ومع مطلع الثمانينات بدأت جراحة تصحيح النظر وإعادة تشكيل القرنية بالليزر، ومع الوقت تعددت التقنيات لتحل جميع المشكلات، وفي هذا التحقيق تكشف الصحة والطب من خلال الخبراء والمتخصصين كل ما هو جديد في التقنيات الجديدة كما تواجه المتخصصين بأسئلة القراء حول مميزات وأهداف طرق العلاج باستخدام هذا التقنيات الحديثة.. والإجابة في السطور التالية. في البداية يوضح الدكتور محمد عماد أحمد عليلو، مختص العيون جراحة القرنية وأسواء الانكسار، أن تصحيح البصر بالليزر يعتبر من التقنيات الحديثة نسبياً والتي حققت في العقدين المنصرمين تطوراً هائلاً في مقدرة الإنسان على معالجة أسواء الانكسار بطريقة دائمة وثابتة على مر السنين بما يحسن من نوعية الحياة التي يحياها الفرد، وربما يظن البعض أن هذا المجال وصل إلى منتهاه وحقق المرجو منه إلا أنه لا يزال في تطور مستمر في سبيل سعي الإنسان نحو طرق أكثر كفاءة ومصداقية تكاد أن تقترب من حد الكمال، فما هي هذه الطرق المستخدمة وما الجديد في هذا المجال في السنوات الأخيرة؟ يقول، إنها تقنية الليزك، وكلمة الليزك تعد اختصاراً لمصطلح (نحت القرنية باستخدام الليزر) وتعتمد على إجراء قطع سطحي لشريحة من القرنية تتراوح بين 100-120ميكروناً يتم رفعها مؤقتاً لتبقى لحمة القرنية مكشوفة ويتم نحتها باستخدام الليزر بهدف تعديل التحدب النهائي للقرنية بما يكفي لتصليح نقص النظر الموجود مسبقاً ومن ثم إعادة الشريحة إلى مكانها وتركها لتلتئم خلال أيام قليلة، وتعتبر هذه الطريقة الأكثر شعبية حالياً بسبب سرعتها (15- 20 دقيقة للعينين) وعدم وجود ألم مرافق لعملية الالتئام، بالإضافة إلى سرعة إعادة التأهيل البصري إذ تتحسن الرؤية في غضون ساعات قليلة بعد الجراحة، وظهرت تقنية الليزك في أوائل التسعينات من القرن الماضي ولا تزال تشهد تطوراً ملحوظاً على الأصعدة التالية: 1. أجهزة ليزر أكثر سرعة، في حين كانت أجهزة الليزر الأولى في الثمانينات تعتبر بطيئة بمعدل سرعة 50 كيلو هرتز في الثانية تضاعف هذا الرقم أضعافاً مضاعفة ليصل إلى حد 700-500 كيلو هرتز في الثانية وهذا يترجم عملياً في اختصار الوقت اللازم لتصليح النظر وكمثال يحتاج جهاز ليزر ذو السرعة 500 كيلو هيرتز إلى ما مقداره 1,3 من الثانية لتصليح كل كسيرة، ما يجعل عملية تصليح النظر فائقة السرعة وآمنة بنفس الوقت. 2. استخدام نوع مختلف من الليزر في عملية قص القرنية لصنع الشريحة بديلاً عن الطريقة القديمة التي تستعمل جهازاً ميكانيكياً ذا شفرة حادة ما يؤهل لحصول بعض الاختلاطات أحياناً (ثقب شريحة أو شريحة حرة) في حين يقوم ليزر الفيمتو الحديث بإجراء عملية القص بشكل أكثر أماناً ويخلف وراءه سطحاً أكثر نعومة، ما ينعكس إيجاباً على نوعية الرؤية المصححة وهذا ما أصبح يعرف بمصطلح (الفيمتو ليزك). 3. برمجيات أكثر تطوراً عمل الأطباء بشكل حثيث بالتعاون مع الشركات المصنعة للأجهزة على الاستفادة من نتائج الحالات التي تم أجراؤها بالفعل لتطوير البرمجيات التي تعمل من خلالها أجهزة الليزر، ما جعل هذه البرمجيات أقرب ما تكون إلى الكمال وبمقاربات مختلفة يتم اختيارها حسب نوع الحالة المرضية، فمنها مثلاً تصليح البصر بالاعتماد على طبوغرافيا القرنية أو تصليح البصر بالاعتماد على تحليل الموجات الضوئية المرتدة عن العين وجميعها وإن اختلف مبدأ عمل كل منها إلا أنها تنتهي بالنهاية إلى ذات الهدف ألا وهو الحصول على واضحة ذات نوعية عالية ومن هنا ظهر مصطلح (الرؤية الفائقة = الحصول على رؤية تتجاوز معدل الـ10-10المعروف لدى الناس الأسوياء). * تقنية التسحيج السطحي للقرنية ( P.R.K): وتعرف هذه التقنية بين الناس بـ (الليزر) وهي أولى الطرق التي اعتمدت في البدايات وتقوم على إزالة الطبقة السطحية الظهارية للقرنية بطريقة ميكانيكية أو كيميائية (بتطبيق كحول مخفف لمدة ثواني قليلة، ما يؤدي لانفكاك الظهارية عن لحمة القرنية) ومن ثم تطبيق ليزر الإكسيمر لإعادة نحت القرنية بطريقة مشابهة لما يحدث في الليزك، ومن ثم وضع عدسة لاصقة كضماد وترك القرنية لتلتئم خلال 2-4 أيام. وتتميز هذه الطريقة بالأمان النسبي؛ لأنها تترك القرنية ككتلة واحدة متماسكة ما يجعلها مثالية لأصحاب القرنية ذات السماكات القليلة، وبالمقابل لها سلبيات تتمثل بحس الألم وعدم الارتياح المرافق لعملية الالتئام خلال الأيام الأولى بعد الجراحة، بالإضافة لاحتمال ظهور كثافات ضمن القرنية كرد فعل على تطبيق الليزر ما جعلها تتراجع كخيار مفضل لتصليح البصر، إلا أن ظهور بعض التطورات الجديدة أعادها إلى الواجهة من جديد: 1. استخدام الليزر في إزالة ظهارية القرنية ما يجعل عملية الالتئام أكثر سرعة (24- 48 ساعة) ويقلل من الألم وعدم الارتياح المصاحب لهذه التقنية. 2. استخدام مواد كيميائية جديدة (ميتومايسين سي) تطبق موضعياً بتراكيز مخففة ولمدة قصيرة (20-60) ثانية ما يمنع عملية التندب ويحافظ على شفافية القرنية بعد الجراحة، وبالتالي نوعية رؤية ممتازة. } تقنيـة السمايل: بدأ تطوير هذه التقنية الحديثة في العام 2008 ومنذ ذلك الحين أجري أكثر من نصف مليون حالة بتقنية الفيمتو سمايل وحازت حديثاً على اعتراف هيئة الغذاء والدواء الأمريكية كطريقة معتمدة لتصليح البصر، وتعتبر الأحدث والأكثر أماناً وإن كان بانتظارها تطورات مهمة في المستقبل القريب ما يجعلها أقرب للكمال، ويعتمد مبدؤها على استخدام الفيمتو ليزر لصنع عدسة ذات شكل خاص ضمن لحمة القرنية مع صنع جرح جزئي للقرنية في المحيط (3-4 ملم) يتم من خلاله فصل هذه الشريحة عن لحمة القرنية وإخراجها عبر هذا الشق الصغير، وتتميز هذه الطريقة بإيجابيات كثيرة منها: 1. الحفاظ على تماسك القرنية ككتلة واحدة ما يقلل من احتمال ترقق القرنية في المستقبل. 2. لا يوجد قطع للطبقة السطحية للقرنية وبالتالي يتم المحافظة على الأعصاب المعصبة للقرنية سليمة ما يقلل من احتمال جفاف العين المرافق لما بعد عمليات تصحيح البصر بالليزر. 3. لا يرتفع ضغط العين أثناء الجراحة كثيراً ما يجعل المريض محتفظاً بإمكانية الرؤية أثناء الجراحة وبالتالي يستطيع استخدام محور الرؤية الحقيقي لديه ليتم تركيز المعالجة عليه ما يجعله أكثر دقة. العيوب الانكسارية وأبان الدكتور طارق مخلوف مختص طب العيون، أن التطورات السريعة في عمليات تصحيح العيوب الانكسارية أدت إلى تحسين مذهل في النتائج وتقليل المضاعفات الجانبية لهذه العمليات الليزرية حتى باتت تغني عن استخدام النظارات الطبية وكذلك العدسات اللاصقة لعدد كبير من المرضى سواء يعانون من قصر أو طول النظر، واللابؤرية (استيجماتيزم ). وبالرغم من النتائج الرائعة التي تم رصدها بعد إجراء هذه العمليات فهي لا تخلو من بعض المضاعفات الجانبية مثل بقاء جزء بسيط من ضعف النظر والإزعاج من الإضاءة مباشرة بعد إجراء العملية وكذلك جفاف في العينين وهو مرحلي في الفترة الأولى بعد إجراء العملية. * تقنية تصحيح النظر، وحقيقة الأمر أنها تقنية واحدة إلى جانب نسختين متطورتين منها وهما: 1. الليزك، وهذا المصطلح اختصار تصحيح القرنية بواسطة أشعة الليزر، وتعتبر هذه التقنية أكثر العمليات تصحيحاً لنظر المريض وتستخدم حالياً على مستوى العالم فهي قادرة على تصحيح العيوب الصغيرة والمتوسطة، سواء قصر أو طول النظر واللابؤرية، وهناك بعض النقاط لمعرفة كيفية تصحيح النظر بهذه التقنية: * الفحص الكامل للعينين ويشمل قوة الأبصار وتحسناً في النظر بالعدسات و كذلك ضغط العين و نسبة الدموع في العينين. * فحص القرنية بجهاز خاص واستبعاد أي نوع من القرنية المخروطية سواء الظاهرية أو في الجزء الخلفي للقرنية. * وضع قطرات كمسكن موضعي على القرنية للعينين. * إبعاد الجفون باستخدام أداة طبية خاصة. * وضع حلقة على القرنية وهي قاعدة لجهاز طبي يعمل قطعاً دائرياً غير مكتمل، وبعد ذلك يتم و ضع المريض تحت مجهر الليزر وخلال الفتحة التي تم إحداثها يتم تسليط الأشعة الليزرية (إكسمير) على القرنية مباشرة، والتي تقوم بإصلاح نسيج القرنية. * يتم استرجاع الطبقة السطحية للقرنية إلى موضعه ووضع عدسة لاصقة مؤقتة على القرنية. *الفيمتو ليزك: وهي تقنية متطورة من عملية الليزك فهي تستخدم أشعة الليزر فوق الحمراء لتصحيح العيوب الانكسارية المختلفة مثل قصر وطول النظر وكذلك اللابؤرية، ويتم تصحيح النظر بهذه التقنية كالاتي:- * بعد الفحص الكامل للعينين ومن ثم وضع قطرات مسكنة وإبعاد الجفون بواسطة جهاز طبي خاص. * يستخدم الليزر الفيمتو سكند لقص الطبقة السطحية للقرنية وبعدها يتم وضع المريض تحت المجهر الليزر وعبر الفتحة التي تم إحداثها، ثم تسلط الأشعة على القرنية مباشرة والتي تقوم بإصلاح نسيج القرنية. * الفيمتو سمايل: وتعد هذه التقنية أحدث التقنيات، لأنها تسمح للطبيب بإعادة تشكيل نسيج القرنية بواسطة الحاسوب، وتتميز هذه الطريقة بعدم حاجة الطبيب إلى إجراء قطع في الطبقة العلوية من سطح القرنية، عن طريق استخدام ومضات ضوئية، وأيضاً بسرعتها الفائقة وتلك الومضات تعمل على إحداث فقاعات غاز متناهية الصغر على مسافات متقاربة جداً، وهذه المجموعات الهائلة من الفقاعات الدقيقة تمثل عن مقاطع القرنية، وبواسطة برنامج حاسوب متصل بالجهاز يمكن إعادة تشكيل القرنية ومن ثم يتم تصحيح العيوب الانكسارية. والجدير بالذكر أن التقنيات الليزرية قادرة على تصحيح العيوب الانكسارية البسيطة و المتوسطة، بينما الشديدة غير قادرة على ذلك، ومن ثم فإن هناك طرقاً أخرى قادرة على تصحيح العيوب الانكسارية الشديدة لكل من قصر و طول النظر و كذلك اللابؤرية، كما أن اختيار أسلوب تصحيح المناسب يلعب دوراً بالغ الأهمية في نجاح العمليات، فبعد الفحص الكامل للعينين يتم اختيار الطريقة المناسبة للمريض التي يمكن أن تكون: * زرع العدسات فوق العدسة الطبيعية. * استبدال العدسة و زرع عدسة أخرى بالقوة المناسبة. * وأخيراً هناك عيب انكساري آخر يسمى بطول النظر الشيخوخي وهو عبارة عن فقدان تدريجي لقدرتك على استخدام عينيك للتركيز على الأشياء القريبة، ويحدث هذا بصورة طبيعية، وفي الأغلب يكون جزءاً مزعجاً من الشيخوخة، ويصبح ملحوظاً في أوائل الأربعينات من العمر. * ولعلاج هذا النوع من العيب الانكساري يكون عن طريق: * ارتداء نظارة طبية مناسبة لعمرك. * عن طريق زرع عدسة بعد إزالة العدسة الطبيعية في العينين. * زرع حلقات صغيرة القطر على أطراف القرنية ولكن لا يمكن التنبؤ بنتائجها ولا تزال تحت طور التجريب. الطريقة الأنسب مع تعدد التقنيات المستخدمة وتنوعها يصبح المرء حائراً ومتسائلاً عن الطريقة الأفضل والأنجح لتصحيح البصر والتخلص من النظارات، حسب ما أشار إليه الدكتور عماد عليلو، وهنا يجب أن نعرف أن كل حالة تقدر بقدرها حيث تتم دراسة حالة كل مريض على حدة وتقييم عوامل متعددة مثل مقدار سوء الانكسار ونوعيته، حالة قرنية المريض وسماكتها، معدل إفراز الدمع...إلخ) من قبل الطبيب المتخصص في جراحة تعديل الانكسار، ويتم بعدها تحديد الطريقة الأنسب والأفضل والأكثر أماناً في كل حالة، ومن ثم مناقشتها مع المريض وتبيان الإيجابيات والسلبيات قبل أن يتخذ المريض قراره النهائي بإجراء الجراحة التي ستغير حياته بطريقة إيجابية وتقدم له إمكانات أكبر لنشاطات متنوعة في هذا العصر الذي تتعدد مناشطه وتتنوع كل يوم بما يحقق السعادة.
مشاركة :