«حابب أتعرف.. ممكن ندردش.. نيتي صافية.. هدفي الزواج.. يا ريت أشوف صورتك.. إيه رأيك نتقابل....»! كل هذا الكلام المعسول انتشر بشدة مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي وتحول إلى وسيلة رخيصة للخداع وللابتزاز ليس إلا، يدفع ثمنها غاليا الكثيرون، حتي تفاقمت في الفترة الأخيرة الشكاوى من هذه الجرائم الالكترونية التي باتت تمثل ظاهرة خطيرة يعاني منها قطاع كبير من الناس. لقد أصبحت نزوات الشياطين تتلاعب بالقلوب بل وبالعقول في فضاء الانترنت على الملأ وعلى عينك يا تاجر، من دون أي وازع من ضمير أو أخلاق، فبتنا نسمع عن عمليات تهديد ووعيد وترهيب لضحايا ليس فقط من النساء بل من الرجال أيضا، بنشر صور أو تسريب أو مواد فيلمية للذين وقعوا فريسة بعد استدراجهم وتصيدهم والوقوع في شباك مجرمين محترفين لهذه اللعبة القذرة. وتشير الاحصائيات التقديرية إلى أن هناك شخصا من بين كل مائة شخص يستخدم الانترنت تعرض للابتزاز الالكتروني بعدة طرق، سواء عبر تسجيل صوتي أو فيديو أو صور أو حتى رسائل مكتوبة، وهو رقم ضخم جدا نشرته صحيفة نيويورك تايمز في عام 2017، فما بالنا بالوضع بعد مرور حوالي عامين. ظاهرة الابتزاز الالكتروني التي يمكن للجاني فيها إخفاء هويته تنتشر في العالم عامة، وعالمنا العربي خاصة، وهي ظاهرة خطيرة باتت محط بحث ودراسة من المتخصصين في النظام الالكتروني، نظرا إلى تفشيها في الوقت الحاضر ولتفاقم نتائجها الوخيمة التي قد تقود إلى الانتحار. المشكلة في هذه الجرائم أن بداياتها قد تحلو للبعض، ولكن نهاياتها تكون غالبا مأساوية، سواء بالنسبة إلى المرأة أو الرجل، إذ يصل الأمر إلى التعرض لدرجة شديدة من الدمار النفسي، وأحيانا تدفع بالضحايا إلى شراء أنفسهم وأسرهم بمبالغ ضخمة من المال للتستر عليها، وهو ما ذكرته لي إحدى السيدات التي وقع زوجها في هذا الفخ. إن ملف الابتزاز الالكتروني وخاصة للمراهقين والشباب الذين يتعرضون لهذه الجرائم بات من الملفات المهمة التي يجب التوقف عندها وخاصة في عصر أصبح فيه الكثيرون منهم يخاطرون بخصوصياتهم على صفحاتهم وحساباتهم الخاصة من دون وعي أو توعية، فضلا عن افتقاد البعض منهم الخبرة اللازمة وخاصة من ضعاف النفوس لاستخدام هذه الوسائل بشكل آمن. لقد أطلقت إمارة دبي حملة تحت عنوان «ضد الابتزاز الالكتروني»، تشمل توعية الطلبة بالمرحلة الثانوية والجامعات وأولياء الأمور بهذه القضية الخطيرة، إلى جانب إجراء دراسات مسحية على الضحايا، ورسم السياسة المناسبة للتعامل معها. وتبقى المشكلة الكبرى في قضية «الابتزاز الالكتروني» أننا نتعامل هنا مع جريمة سلاحها الخوف من الفضيحة، ويحمله شخص مريض.. ميت القلب والضمير!! لذلك هي تتطلب أكثر من مجرد حملات للتوعية!
مشاركة :