لقد كان هذا العام عام الربح الهادف، مع شركات أخذت على عاتقها الاعتناء بالعالم الأوسع. جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لـ"جيه.بي مورجان تشيس"، قال في نيسان (أبريل) الماضي، إن "تعزيز قيمة المساهمين لا يمكن أن يتم إلا بالتزامن مع رعاية الموظفين والعملاء والمجتمعات". في آب (أغسطس) الماضي، قالت رابطة اجتماع المائدة المستديرة لرجال الأعمال في الولايات المتحدة، "إننا نتشارك التزاما أساسيا لجميع الأطراف المعنية" ليس للمساهمين فحسب، بل وللعملاء والموظفين والموردين والمجتمعات. كريستوفر هوهن، الشريك الإداري لصندوق تحوط تي سي آي ومقره لندن، قال هذا الشهر إنه سيتصرف ضد الشركات التي أهملت إعلان انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون. أنا أقف مع الشركات التي تتطلع إلى ما وراء الاحتياجات قصيرة الأجل لمساهميها. كتبت مقالتي الأولى لـ"فاينانشيال تايمز" حول جدل المساهمين/ أصحاب المصلحة في 1989. كانت هناك موجات من وعود الشركات بالتصرف بشكل أفضل منذ ذلك الحين (وكان هناك كثير من الوعود سابقا). كانت هناك شركات استثمرت في منشآت ثقافية في مدن منشأها، وكانت هناك حركة المسؤولية الاجتماعية المشتركة والوعد بالقضاء على الانتهاكات، مثل استخدام الأطفال، في أعمال سلاسل الإمداد. كان هناك دافع للاستدامة حيث اكتشفت شركات مثل "وول مارت" هدف كثير من النشطاء المناهضين للشركات. إن متاجرا أكثر كفاءة في استخدام الطاقة وأقل استخداما للمغلفات ليست جيدة للبيئة فحسب، بل تساعد أيضا على خفض التكاليف وزيادة هوامش الربح. مع ذلك، بصرف النظر عن بعض النجاحات الفردية، فإن المسؤولية الاجتماعية للشركات لم تمنعها من التصرف بشكل غير مسؤول، سواء الممارسات السيئة التي ارتكبتها المصارف وأثارت الأزمة المالية الكبيرة في 2008، أو سوء الاستخدام الأخير لبيانات "فيسبوك"، أو تورط "كي بي إم جي" و"ماكينزي" مع من أساءوا استخدام أصول مؤسسية في جنوب إفريقيا. بالتالي مع دعم الأسماء الكبيرة لجولة أخرى من مسؤولية الشركات، يمكننا أن نسأل: هل ستكون هذه المرة مختلفة؟ هل شركات العالم ستتخذ حقا مسار إصلاح أساليبها؟ يعتمد ذلك على ما نعتقد أنها تحاول تحقيقه. لا يقول أي من مؤيدي الربح الهادف إن المساهمين غير مهمين. ثمة معاشات أشخاص ومدخراتهم وراء المؤسسات الكبيرة التي تملك الأسهم. الفرق يكمن بين المساهمين على المدى القصير والطويل. بول بولمان، الرئيس المتقاعد حديثا لشركة يونيليفر، كان مؤيدا للتفكير طويل الأجل. وقال إنه مهتم بالمساهمين فقط على المدى الطويل، وإن مصالحهم ستخدم على أتم وجه إذا تم الاعتناء بالموظفين والموردين والمجتمعات المحلية والبيئة. عندما تتعرض شركات الرعاية للتهديد، فإن أولئك أصحاب الأسهم قصيرة الأجل الساخرين يحظون بالأولية فجأة. بعد رفض عرض استحواذ من "كرافت هاينز" في 2017، أعلن بولمان إعادة شراء الشركة لأسهمها بقيمة خمسة مليارات يورو، وزيادة 12 في المائة في الأرباح الموزعة على المساهمين وبرنامج تخفيض تكاليف متزايد. عندما تكون الشركات في ورطة، فإن تخفيض تكاليف الموظفين، سواء عن طريق إغلاق خطط المعاشات التقاعدية أو إقالة العاملين أو أنشطة نقل الخدمات إلى الخارج إلى أماكن تقل فيها الأجور؛ يصبح أمرا لا يقاوم. ولن يتوقف. ماذا عن الحد من سوء سلوك الشركات؟ هل ستساعد حركة الربح الهادف؟ في الأغلب لا. الأمور تسوء؛ إجراءات الشركات يتضح كونها متساهلة. في الشهر الماضي، تم تغريم بنك يو بي إس 400 مليون دولار هونج كونج من طرف لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة في هونج كونج، بسبب فرضها ثمنا باهظا على عملائها. لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة أفادت بأن، "تجاوز المصرف ينطوي على خداع وإساءة استخدام واسعة النطاق للثقة، ما أدى إلى إيرادات إضافية كبيرة له، لم يكن يستحقها". ربما تكون حركة مسؤولية الشركات مختلفة هذه المرة من حيث استجابتها لتغير المناخ. المشاركون في الحملة حشدوا ملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، فهناك ثمة ضغط على الحكومات للتصرف، وبعض المستثمرين والممولين، مثل هوهن، يأخذون الموضوع على محمل الجد. صناعات مثل السيارات تحتاج إلى أن تتغير نحو التوجه الكهربائي، ومنتجو الفحم مثل "جلينكور" مضطرون إلى الحد من طموحاتهم. سيظل هناك كثير من مصادر التلوث. الوقود الأحفوري سيظل معنا لأعوام. الشركات المصنعة للطائرات أمامها طريق طويل لإيجاد بديل لوقود الطيران. كما أن قضية المناخ، ومطالب الشركات بالرد، لن تختفي. لكل ذلك، ربما تكون مسؤولية الشركات هذه المرة، مختلفة عن ذي قبل، على الأقل.
مشاركة :